الثلاثاء 11 مارس 2025
فن وثقافة

لقاء علمي بتطوان حول كتاب "دراسات كيروسية: الأشعرية والجهاد والأحباس" للدكتور محمد بلال أشمل

لقاء علمي بتطوان حول كتاب "دراسات كيروسية: الأشعرية والجهاد والأحباس" للدكتور محمد بلال أشمل د. خالد زهري. دة. وزينب المرواني. ود. محمد بلال أشمل ود. الحسان شهيد (يسارا)

حظي كتاب "دراسات كيروسية: الأشعرية والجهاد والأحباس" للدكتور محمد بلال أشمل باهتمام كبير، وإشادة عالية من قبل باحثين أكاديميين بارزين خلال لقاء علمي فريد يوم الجمعة 28 فبراير 2025، نظمه مركز "كارلوس كيروس للدراسات الإسبانية المغربية" في قاعة المركز الثقافي "إكليل" بتطوان.

 

شارك في هذا اللقاء نخبة من أساتذة كلية أصول الدين بتطوان، ويتعلق الأمر بالدكتور الحسان شهيد، أستاذ أصول الفقه والمقاصد، والدكتور خالد زهري، أستاذ العقيدة والفكر، بحضور المؤلف الدكتور محمد بلال أشمل، أستاذ الفكر والحضارة، وأدارت أطوار اللقاء الدكتورة زينب المرواني، الكاتبة العامة لمركز كارلوس كيروس للدراسات الإسبانية المغربية.

 

 أشار الدكتور خالد زهري خلال قراءته التكريمية أن المؤلف مثقف قارئ متتبع ومبدع، فهو من القلة الذين أصبحنا نأمل فيهم الحفاظ على ذلك الخيط الرقيق الذي يكاد أن ينقطع في مجال البحث العلمي.

 

وأوضح أن موضوع الكتاب الذي يحتوي على 155 صفحة، ويضم ثلاث دراسات محكمة علميا لرؤية المستشرق/المستعرب الإسباني كارلوس كيروس (1884-1960) عمل رائد وفريد ومائز؛ حيث قال بهذا الصدد: " بكل صراحة أول مرة أرى باحثا في المغرب يتعامل مع هذا المستشرق بالرجوع لكتبه المخطوطة"، مشيرا إلى أن كتاب "دراسات كيروسية. الأشعرية والجهاد والأحباس" فتح له آفاقا أخرى في الاشتغال على الأشعرية في المغرب باللسان الإسباني.

 

 كما أشار إلى أن المستشرق الأب كارلوس كيروس من القلة الذين قدموا نظرة موضوعية ودراسات في غاية الأهمية وإنتاجات علمية في غاية الروعة عن الإسلام ونظمه. لذلك دعا طلبته في كلية أصول الدين بتطوان أن يتجاوزوا العقلية التقليدية، والعكوف على دراسة إنتاجات الآخر عنا بلغته الأصلية، لا سيما منها باللغة الإسبانية.

 

ومن جهته، أشاد الدكتور حسان شهيد بالمؤلف والكتاب، بكونه نافعا مفيدا في أعماله، غيورا على مدينته الأصيلة "تطاون العامرة".  وأشار أن هذا اللقاء العلمي جعله يكتشف لأول مرة بعدا أكاديميا يجمعهما، وهو علم أصول الفقه، وتقاطعهما في البعد النقدي للنظرية الأصولية. حينما أعد المؤلف رسالة علمية حول "أصول الفقه عند ابن رشد".

 

وأوضح أن كتاب "دراسات كيروسية: الأشعرية والجهاد والأحباس"، يتسم بالفرادة والجدة والاستيعاب العلمي والتاريخي، ويضم كما هائلا من المصادر والمراجع العربية والأجنبية، مع استقصاء للمتون الأصلية من مظانها، وقراءة علمية حصيفة لسيرة وأعمال المستشرق كارلوس كيروس، وترجمة نصوصه التي لها صلة بالموضوع، ونقدها، وتقويمها. كما أنه يتميز بخيط ناظم منسجم متناسق، وبلغة متينة قوية.

 

وفي الختام، دعا إلى جملة من التوصيات، منها:

  • وضع نسخ ورقية في رحاب كلية أصول الدين بتطوان للطلبة والباحثين لتكون لهم مرجعا في الوقوف على مصادر الدراسات الغربية حول الإسلام ومؤسساته مثل الأحباس؛
  • التفكير في معجم يضم أعلام المستشرقين في كتاب يهدف إلى تمكين الطلبة والباحثين من التعرف على أعلام الفكر الإسباني الاستشراقي.
  • اقتراح مادة في كلية أصول الدين تعنى بالفكر الاستشراقي الإسباني.

 

وبعد عرض الباحثين الدكتور زهري والدكتور الشاهد، تناول المؤلف الكلمة؛ فتحدث خلالها عن صلته العلمية بالأب "كارلوس كيروس" الذي عليه مدار هذا الكتاب، وأشار إلى أنها تعود إلى فترة إعداده لأطروحته الأولى للدكتوراه حول موضوع "أصول الفقه عند أبي الوليد ابن رشد: تحليل نقدي لبداية المجتهد ونهاية المقتصد"؛ حيث وقف على نسخة أصلية لترجمة مختصر ما بعد الطبيعة لابن رشد موقعة في تطوان يوم 15 مارس 1919، وتساءل يومها عمن يكون المترجم، وماذا كان خبره في عاصمة الحماية الإسبانية؟

 

وبعدما انتهى من مناقشة أطروحته في مدريد، عكف على الإجابة على السؤالين الآنفين، وخلال مرحلة البحث تحصل لديه الكثير من المعطيات والوثائق ظهر له من المناسب بمقتضى الشغف العلمي إنجاز أطروحة دكتوراه ثانية عن الرجل تحت عنوان "الإسلاميات الإسبانية. الأب كارلوس كيروس أنموذجا". ومنذ ذلك الحين وقع على تراث الرجل وأعماله ومخطوطاته، وعلى كثير من أسراره وحقائقه، حتى صار صديقا روحيا وفكريا، خاصة عندما علم أنه عاش أكثر من 27 سنة في تطاون العامرة، والكتاب الذي عليه مدار اللقاء العلمي اليوم ليس إلا ثمرة من ثمار هذا الشغف العلمي؛ حيث عرض فيه لرؤية الرجل للأشعرية وعقائدها، وتصوره للجهاد وأحكامه، وأنظاره حول الأحباس ومنافعها ضمن الفقه المالكي.

 

 وأكد المؤلف في هذا السياق أن نظرات الرجل تتسم بكثير من الموضوعية سوى بعض الآراء التي لم يخرج وفقها عما دأبت عليه بعض الدراسات الغربية حول الإسلام وحضارته من مثيل إرجاعه الفقه الإسلامي إلى القانون الروماني، ومفاضلته بين العقائد الإسلامية والنصرانية.. إلخ. وما سوى ذلك، فالرجل كانت له رؤية موضوعية لجل المسائل الإسلامية، وهذا ظاهر في كتابيه "نظم الدين الإسلامي" و"نظم الفقه الإسلامي" على سبيل المثال، عدا أنه كان عاشقا للغة العربية ومدافعا عنها وينظم الشعر بها. وفي هذا السياق، أشار المؤلف أن الأب "كيروس" وضع ديوانا شعريا باللسان العربي يؤمل أن يخرج إلى النور قريبا ضمن منشورات "مركز كارلوس كيروس للدراسات الإسبانية المغربية" بتحقيق علمي مفصل.

     

 وفي ختام كلمته شكر الدكتورة زينب المرواني، على حسن إدارتها للقاء، والباحثين الأكاديميين الدكتور خالد زهري والدكتور حسان شهيد على قراءتهما البصيرة، والسيد مدير مؤسسة "أكليل" عماد العطار على تهيئته أسباب نجاح اللقاء، وجمهور الباحثين والمثقفين والطلبة على حضورهم الكثيف ودعهم للحياة الثقافية في بلادنا، وتشجيعهم للبحث العلمي في جامعتنا.

 

بعد ذلك تناول الكلمة بعض الباحثين متسائلين أو معقبين على ما ورد في أطوار اللقاء العلمي حول الكتاب؛ وعلى سبيل المثال أكد الدكتور يوسف العمري من شعبة الفلسفة بكلية الآداب بمرتين على أهمية الإسهام الاستشراقي في نشر النصوص الإسلامية وترجمتها، وأشار الباحث ياسين التهامي الوزاني من كلية أصول الدين إلى ضرورة التمييز بين طبقات المستشرقين في دراسة الإسلام، إلى غير ذلك من استفسارات الباحثين وأسئلتهم.

تجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء شهد حضورا كثيفا من الباحثين والأساتذة والطلبة والطالبات في مساء تكلل بقطرات مباركة من مطر شتوي منعش.  

 

نادي اللغات والتواصل الحضاري بكلية أصول الدين/ تطوان