لا شكّ أن سقوط النّظام السّوري بهذه السّرعة وبهذه الطريقة ساهمت فيها عدد من العوامل الداخلية، خاصّة قمع الحراك الشّعبي، ممّا أدى إلى تهجير الآلاف من السّوريين إلى الدول المجاورة من قبيل تركيا وأوروبا والأردن والعراق، علاوة على العوامل الخارجية الإقليمية والدولية وتخلي عدد من حلفاءه الرّوس والإيرانيين وغيرهم، وكذا مستوى الوهن الذي أصاب النظام السّوري داخليا، الذي جعل الجيش السّوري الذي يملك ترسانة فضيعة من الأسلحة، بما فيه السّلاح الكيميائي، يتخلى عن مواقعه بسهولة أمام حركات بسيطة. وما تملكه من سلاح لا يقارن أبدا بما يملكه النّظام السّوري.
وهذا مصير الأنظمة التي لم تقرأ التّاريخ وتستبق الأحداث وتحافظ على الأقل على الحدّ الأدنى من الرضى العامّ الداخلي. وهذه الحالة تشترك فيها الجزائر ونظام الأسد. خصوصا أنّنا نشهد خلال السّنوات الماضية حراكا شعبيّا عمّ أغلبية المدن الجزائرية
فالجزائر وسوريا كانت تجمعهما وما تزال، جبهة الصّمود والتّصدي، ويشتركان أيضا في الكثير من الشّعارات، ولا يمنحان أيّ أهمية للرّأي الداخلي والرضى الشّعبي العام. ويعتمدان بشكل أساسي على إسكات الأصوات الداخلية، ولم يؤسّسا لتعدّدية حزبية داخلية تستوعب مختلف الآراء والاتجاهات الاجتماعية.
وكلّ ما جرى ويجري فيه في منطقة الشّرق العربي يترجم سياسة تقاسم النّفوذ بين الدّول العظمى، واستمرار سياسة الفوضى الخلاّقة وتشجيع سياسة الحروب بالوكالة. والدّول العظمى لا تعتمد على الصّدقات، وإنّما على المصالح والمنافع المتوخّاة من تدخّلاتها. ولا أستبعد أن تكون هناك مقايضات تشمل أوكرانيا والشّرق الأوسط، ولاحقا إفريقيا من باب تشجيع بيع السّلاح والحفاظ على موارد الطّاقة في ظلّ التّنافس الأمريكي الصّيني والرّوسي الأمريكي.