أمام تزايد التصعيد الإسرائيلي بقطاع غزة والضفة الغربية ولبنان ،يواجه المنظم الدولي إختبارا حاسما . فمع تزايد عمليات الضم الفعلي لأجزاء من الضفة الغربية بعد ضم القدس الشرقية، تبدو إسرائيل وكأنها ماضية في تكريس واقع جديد يتحدى أسس القانون الدولي ويهدد الأمن والسلام الاقليميين والدوليين.
إن الضم الإسرائيلي يتناقض بشكل مباشر مع المبادئ الأساسية التي أقرها ميثاق الأمم المتحدة واتفاقيات جنيف، إذ يحظر بموجب القانون الدولي أي استيلاء على الأراضي بالقوة . ورغم ذلك ،تواصل إسرائيل إستراتيجيتها التوسعية عبر نقل صلاحيات إدارية وسياسية إلى شخصيات مدنية مثل الوزير الإسرائيلي المتطرف سمو تريتش الذي منحه صلاحيات شبه سياسية في الضفة الغربية. هذه الخطوات تعتبر جرائم تقع ضمن اختصاصات المحكمة الجنائية والدولية . ومع ذلك، فإن غياب الارادة الدولية لمعاقبة الإنتهاكات الإسرائيلية يعزز الشعور بالإفلات من العقاب ويفتح الباب أمام مزيد من الفوضى في النظام الدولي .
إن العدالة الدولية تواجه حاليا مجموعة من التحديات منها إزدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي. ففي الوقت ابذي واجهت فيه روسيا بعقوبات صارمة بعد ضمها لأجزاء من أوكرانيا، يتم التعامل مع الضم الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بخطابات سياسية جوفاء وفارغة..وأمام هذه الإزدواجية غير الأخلاقية ستنعكس بشكل مباشر على مصداقية المؤسسات الدولية التي أنشئت أصلا ليون وضمان العدالة . وللتذكير، فالضم الإسرائيلي للضفة الغربية له أبعاد إنسانية وسياسية أبرزها تعميق الفصل العنصري . فقي الوقت الذي يعيش فيه المستوطنون الإسرائيليون في الأراضي المحتلة ضمن نظام مدني يوفر لهم حقوقا واسعة بينما يحرم الفلسطينيون من حقوقهم الأساسية تحت نظام عسكري صارم بالمنطقة إضافة إلى تصعيد العنف ضد الفلسطينيين. وهناك بعد سياسي مت وراء تبني إسرائيل لعملية ضم الضفة الغربية، وهو أنحاء مشروع حل الدولتين وتدمير اي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وأمام هذه المقاربة الإسرائيلية ، على المجتمع الدولي فرض عقوبات صارمة ورادعة على إسرائيل لخرقها القانون الدولي كما تم في روسيا ، وتعزيز صمود الفلسطينيين ودعمها اقتصاديا وسياسيا لمواجهة المخططات الإسرائيلية التوسعية.
وصفوة القول، إن عملية الضم الإسرائيلي لقطاع غزة ، يشكل تهديدا حقيقيا وجوديا للنظام الدولي القائم على القانون . فالصمت المقصود او التردد في مواجهة السياسات الإسرائيلية المتطرفة لنيؤدي سوى إلى تعزيز ثقافة القوة وغياب العدالة ..اليوم ، المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية تاريخية في وقف انتهاكات إسرائيل والعمل على تحقيق سلام عادل ومستدام في منطقة الشرق الأوسط.
إن إستمرار إسرائيل تريد فرض السيادة على الضفة الغربية وجبار الفلسطينيين إلى اختيار الجنسية الإسرائيلية مقابل الاستقرار بالضفة الغربية والتمتع بالحقوق..وما كانت تخططه الإدارة الإسرائيلية المتطرفة وتنتظره هو وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض وهو ما تحقق مؤخرا والذي سيفتح الطريق أمام ضم الضفة الغربية وبسط السيادة عليها . وهذا لن يتحقق للإدارة الإسرائيلي مادامت المقاومة الفلسطينية ماضية في صمودها ..
خليل البخاري، أستاذ مادة التاريخ. المغرب