الجمعة 22 نوفمبر 2024
اقتصاد

بدر الزاهر الأزرق : استقطاب مشاريع لصناعة السفن سيجعل المغرب منصة اقتصادية كبيرة

بدر الزاهر الأزرق : استقطاب مشاريع لصناعة السفن سيجعل المغرب منصة اقتصادية كبيرة بدر الزاهر الأزرق
يرى بدر الزاهر الأزرق؛ باحث في الاقتصاد وقانون الأعمال أن المغرب سيتمكن من جني مكاسب كبيرة في حالة تمكنه من استقطاب مشاريع لصناعة السفن، حيث سيتمكن أولا من خلق تكامل بين صناعة الموانئ وصناعة السفن مستقبلا، علما أن غياب الأسطول رغم توفرنا على موانئ عملاقة يجعلنا لا نحقق الاستفادة الكبرى، والتي تتمثل في الوصول إلى وجهات اقتصادية بعيدة في آسيا وأستراليا وأمريكا الشمالية، وغيرها، كما سيمكن رفع حجم الجاذبية الاقتصادية لبلادنا، مما سيحول المغرب في آخر المطاف إلى منصة اقتصادية ولوجستيكية كبيرة .


في نظرك لماذا لا يتوفر على أي ورش لصناعة السفن رغم كونه يتوفر على واجهتين بحريتين بطول 3500 كلم، في حين تمكنت دول أخرى مثل كوريا من تطوير هذه الصناعة والتي جعلتها قوة اقتصادية ؟
من المعلوم أن المغرب بالرغم من أنه يتوفر على واجهتين بحريتين بطول 3500 كلم لا يتوفر على ثقافة بحرية سواء على المستوى الشعبي أو على المستوى الحربي أو الاقتصادي، حيث كنا دائما نعطي ظهورنا للبحر، ولم نكن نهتم بشأن البحر بشكل كبير، بحكم العدد الكبير من المخاطر التي كانت تأتي من البحر، سواء الهجمات الإيبيرية والغزو وغيره، مما جعلنا لا نهتم اقتصاديا ولا حتى سياسيا ودبلوماسيا بالمجال البحري، وهو المعطى الذي سيتغير بعد الحماية وتبني المملكة المغربي لنهج اقتصادي عصري، لكن بالرغم من ذلك فإننا لم نتصالح لحد الآن مع البحر على المستوى الاقتصادي. صحيح هناك انشطة متعلقة بالصيد، وأنشطة متعلقة بصناعة سفن الصيد التقليدية وغيرها، ولكن بالنسبة لمسألة صناعة السفن الكبرى أو الموانئ الكبرى وغير ذلك، فكان علينا انتظار سنوات عديدة بعد الاستقلال كي نتوفر على أكبر ميناء على المستوى الإفريقي، كما طورنا خبرتنا في مجال الموانئ، واليوم الميناء المتوسطي يعد من بين أفضل 20 ميناء في العالم، وآن الأوان كي نكرر هذا النجاح على مستوى صناعة السفن، خاصة أن الملك محمد السادس سبق له أن أشار أن نجاح المغرب في مجال صناعة الموانئ لا يمكن أن يكتمل دون توفر المملكة المغربية على أسطول تجاري قوي يمكنها من الوصول إلى البلدان البعيدة، وبالتالي التحكم في المبادلات التجارية وأن لا تبقى رهينة بيد الأساطيل الدولية التي تفرض تسعيرتها، علما أن تسعيرة النقل واللوجستيك تعد من المحددات الرئيسية للكلفة النهائية للمنتجات.

اذا، كما قلنا أول شيء فالاقتصاد الوطني والمقاولات المغربية كانت ضعيفة، وكانت تفتقد للرأسمال من أجل الاستثمار في مجال صناعة السفن، إضافة إلى غياب سوق يمكن المملكة المغربية من تسويق هذه السفن، وأعتقد أن النموذج الكوري لا يمكننا السير على نهجه، علما أن كوريا هي شبه جزيرة لديها ثقافة بحرية، كما أن كوريا استفادت من تدفقات رؤوس الأموال من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بعد اندلاع الحرب في الخمسينيات من القرن الماضي، والتي مكنتها من إنشاء صناعات ثقيلة. ولما نتحدث عن النموذج الكوري فإننا نستحضر شركة " دايو " أحد كبار مصنعي السفن. الحجم الاقتصادي للدولة مكنها من الاشتغال بشكل جيد في مجال صناعة السفن كي تكون أحد الأذرع الاقتصادية، اذا يمكن أن نستلهم من هذا النموذج، لكن لم يكن من الممكن أن نطبقه بحذافيره في السنوات الماضية. اليوم بدأنا نراكم الخبرات في الموانئ، ونتوفر على بعض رؤوس الأموال، وعلينا البحث عن خبراء وشركات عالمية يمكن أن تستعمل المغرب كمنصة من أجل صناعة السفن والتوجه إلى أسواق أمريكا اللاتينية وإفريقيا وغيرها، كما يمكننا أن نعيد صياغة نموذج صناعة السيارات وأجزاء الطائرات، فكما حققنا النجاح في صناعة السيارات يمكننا أن ننجح في مجال صناعة السفن عبر استقطاب شركات كبرى وعملاقة من أجل الاستثمار في صناعة السفن، وهو ما سيمكن الشركات المغربية من اكتساب الخبرة في هذا المجال في أفق تطويره مستقبلا كي تتمكن المملكة المغربية بعد عقد أو عقدين من تصنيع السفن العملاقة. اذا نحن اليوم في مرحلة انتقالية نحاول من خلالها استقطاب رؤوس الأموال وتكوين الموارد البشرية وتعزيز البنيات التحتية، واستقطاب التكنلوجيا، والغاية اليوم بالنسبة للمغرب هو أن تكون لدينا بعد 20 سنة خطوط إنتاج خالصة لإنتاج السيارات والطائرات والسفن بشركات مغربية وسواعد مغربية.

ماهي المكاسب الاقتصادية التي سيجنيها المغرب من استقطاب استثمارات في مجال صناعة السفن ؟
المملكة المغربية ستجني مكاسب كبيرة من صناعة السفن، حيث سنتمكن من خلق تكامل بين صناعة الموانئ وصناعة السفن مستقبلا، فلا يمكن ان نتوفر على موانئ عملاقة دون ان يكون لدينا أسطول، فغياب الأسطول يعني أننا لا نحقق الاستفادة الكبرى والتي تتمثل في الوصول إلى وجهات اقتصادية بعيدة في آسيا وأستراليا وأمريكا الشمالية، وغيرها، وفي نفس الوقت تمنحنا الإمكانية لرفع حجم الجاذبية الاقتصادية لبلادنا. فالتحكم في كلفة النقل وجعلها تنافسية سيجعل عدد كبير من الشركات العالمية وعدد كبير من الدول تفضل القدوم للمغرب والاستثمار فيه لكونه يتوفر موانئ ووسائل نقل ويد عاملة، بالإضافة الى عامل القرب من الأسواق الكبرى، وهو ما سيجعل الجاذبية الاقتصادية للمغرب تتضاعف بأحجام كبيرة مما سيمكن المملكة المغربية من استقطاب نسبة كبيرة من التدفقات الاستثمارية تجعل المغرب منصة اقتصادية ومنصة لوجستيكية كبيرة.