الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

فنيدو: رواية "الطلح لايخطئ القِبلة" غنية بمظاهر التراث الصحراوي

فنيدو: رواية "الطلح لايخطئ القِبلة" غنية بمظاهر التراث الصحراوي محمد فنيدو
"الطلح لا يخطئ القبلة" رواية للكاتب بوزيد الغلى طبعت سنة 2021. 
الرواية حبلى بكثير من الأحداث التاريخية التي يتناولها الكاتب بغير قليل من توابل السرد الشيق، كما أنها غنية بمظاهر التراث الصحراوي. أحداث الرواية تدور عموما ما بين أسا وڴلميم وأكادير والزاك. وهي كما استنتجت سيرة ذاتية مبطنة للكاتب منذ الطفولة حتى مرحلة التخرج من الجامعة. 
سيرة ذاتية بطلها زياد ويجد فيها كل من جايله بعضا من سيرته الخاصة.
تبدأ الرواية بسرد طفولة زياد ومحيطه ومجتمعه الذي يعيش فيه، وهجوم البوليساريو على أسا وكذلك تأثره الواضح بجده محمد فاظل في فصل سماه أطياف الطفولة.
في الرواية يشتم القارئ عبقا تاريخيا تليد، ينم عن قراءات ذكية لمراجع تاريخية متعددة يمررها الكاتب بطرق احترافية بمفارقاتها وتناقضاتها اللا منتهية ويشرح من خلالها واقع الأمس واليوم.
إنها غوص في بحر مجتمع وتناول تشخيصي واف له ولحمولته الثقافية من عادات وأصول وطبقات وأماكن، ثم لا يلبث أن يعرج على الأحداث الدامغة التي وسمته كحرب الصحراء التي أتت على الأخضر واليابس، واكتوى بنارها من اكتوى إلى يومنا هذا.
في الجزء الثاني من الرواية ينطلق زياد في رحلة جديدة بدخوله إحدى الفصائل الإسلامية وهي الرحلة التي امتدت عشر سنوات خاضها خانعا خاضعا، انخرط في كثير من أنشطتها دون أن يستشار ويساق إلى لقاءتها دون سابق إعلان تحت مبرر" استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان".
في خضم الروية لا ينسى زياد أن يسرد على لسان صديقه علون أحداث أسا وما تلاها أواخر الثمانينات واصفا إياها بعصيان كبير بعدما نال المنطقة من تهميش، غير أن الأمر لم يكن سوى حدث عابر يرى زياد مثل سحب كبيرة عبرت سماء أسا المنسية. 
تعرف مسيرة الجماعة/ الفصيل الاسلامي أحداثا ومضايقات ويزج ببعض عناصرها في السجن أواخر الثمانينات فيخبو بريقها. 
تنتهي الرواية بما أسماه الكاتب "خارج الجماعة، فوق أديم الصحراء 1996". في عشر صفحات ويعتبر سنة 1996 سنة تجديد الإيمان بالحياة بعد أن قضى زياد عشر سنوات في كنف الجماعة. وإن كان لا ينكر على الجماعة كونها سلمية ومسالمة إلا أنه وجد أن الله يكره الواسطة إليه. وأن على المرء أن يتعرف على الله بنفسه وروحه لا بشيخه. هذا التجديد تزامن مع عودته إلى مسقط رأسه.
و كما يورد "مقولة الطلح ما يصد مڴافى" في الورقة الأولى من الرواية لا ينسى أن يعيد ذات العبارة في الختام مضيفا "ولدك إلى استڴبل لا تردو وإلى كافى لا تعدو ....وأن (الطلح) شجر مؤمن مبارك .لا يخطئ الڴبلة –القبلة- .يسبح بحمد الله مثل سائر الكائنات .غير أنه متوجه دوما نحو القبلة. لن تجد شجرة طلح واحدة تتجه عكس هذا الاتجاه".
 
محمد فنيدو/ كاتب مهتم بالتراث الصحراوي