الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

الصديق معنينو: مرتزق في القاعة

الصديق معنينو: مرتزق في القاعة الصديق معنينو
شريط المؤامرة
لعل من الأشرطة القصيرة التي ستظل خالدة في الأذهان تلك التي وثقها الوفد المغربي في اجتماع إفريقيا واليابان. يُظهر الشريط شخصاً يحمل محفظة سوداء وهو يدخل قاعة الاجتماع دون أن يحمل على صدره شارة العضو المشارك... جلس على كرسي فارغ تم إعداده من طرف المخابرات الجزائرية... فتح حقيبة وأخرج منها خلسة لافتة كتب عليها الجمهورية الصحراوية ووضعها على الطاولة... حدث هذا لأول مرة في تاريخ المؤتمرات الدولية مما يعكس الانهيار الذي وصلته الأطروحة الجزائرية.
هذا الشخص دخل اليابان بجواز سفر جزائري، وجاء إلى قاعة المؤتمر في سيارة رسمية جزائرية وانسل إلى القاعة كسارق في منتصف الليل بإرشاد من مخابرات العسكر.
 
عصابة تهريب
إنه الانحطاط في أبهى صوره وعربون فشل مشروع انفصالي أنفقت عليه الجزائر مئات الملايير من الدولارات، واعتبرته الخارجية الجزائرية القضية الأولى في تحركاتها... هكذا انسل هذا المرتزق يحمل في محفظة سوداء ما تبقى من أشلاء جمهورية قال وزير خارجية اليابان من شأنها نحن لا نعترف بالكيانات..... وبذلك ضبطت جماعة المرتزقة في حالة تلبس وهي تهرب جمهوريتها كما تفعل عصابات المخدرات....
 
علاقات دبلوماسية
وأذكر أنه سنة 1988 انعقدت بالجزائر قمة عربية دعا إليها الرئيس بن جديد... قبل ذلك بأسابيع وصل إلى الرباط وفد جزائري رفيع المستوى، لدعوة الحسن الثاني... قال الملك للجزائريين كيف تتصورون حضوري في الجزائر دون أن يكون لدى سفير ؟... بعد أيام عينت الجزائر أحد قادة جبهة التحرير، عبد الحميد مهري سفيرا بالمغرب وعين الملك طبيبه الخاص عبد اللطيف بربيش سفيرا بالجزائر....
 
باخرة ملكية
رحل الملك إلى الجزائر على متن الباخرة مراكش»، ولازلت أتذكر يوم وصوله إلى ميناء الجزائر العاصمة حيث أطلقت كافة السفن صفارات التحية للباخرة الملكية... في شوارع العاصمة هتف الجزائريون «عاش السلطان عاش الملك....
 
انفصالي في القاعة
أقام الرئيس الجزائري حفل استقبال في فندق أوراسي ودعا له كبار الشخصيات الجزائرية المدنية والعسكرية، وسفراء الدول المعتمدة لدى الجزائر .... بمجرد بداية الحفل جاء من أخبر الملك أن ما يسمى بسفير تيندوف يوجد داخل القاعة.
استاء الملك لهذا التصرف، واعتبره استفزازا مقصودا، وغادر القاعة متوترا وعاد إلى الباخرة ... وأعطى أوامره بالاستعداد للرحيل.... تكهربت الأجواء وتقدم الملك حسين ورئيس الإمارات الشيخ زايد نحو الرئيس بتجديد وسنعلم لاحقا أنهما هددا بمغادرة القاعة إذا مكث سفير المرتزقة.... فورا صدرت أوامر الجنرال الكحل رئيس الأمن العسكري بإبعاده وردد الجزائريون... «نحن لم ندعوه للحضور... هذه مبادرة اتخذت دون أن ننتبه ..... وهناك من أكد أن جناجا من العسكر الجزائري حاول نسف مشروع تقارب بين البلدين والحقيقة أن الجزائريين حاولوا جس نبض الملك ومدى قبوله لهذه المغامرة... في نفس الوقت تخوفت القيادة الجزائرية من فشل المؤتمر ومغادرة الملك وقادة آخرين وقرر بن جديد القيام بزيارة للملك....
 
النجدة النجدة
في الليل اتصلت التشريفات الجزائرية بنظيرتها المغربية وأبلغتها رغبة الرئيس الجزائري في زيارة الملك... فعلا وصل الموكب الرسمي الجزائري وصعد بتجديد إلى الباخرة، مرفوقا بالسيد مساعدية أقوى قادة الحزب الحاكم. اجتمع بن جديد بالملك وأكد حسن نيته... وأن الشخص انسل إلى القاعة وأن التشريفات الجزائرية لم تنتبه إلى ذلك».
 
ناطق باسم العرب
اعتبر الحسن الثاني زيارة الرئيس، والشروح التي قدمها كافية للتهدئة، وأخبر بن جديد أنه سيكون حاضرا في الجلسة الختامية... اتفق ملوك ورؤساء الدول العربية على اختيار الحسن الثاني للحديث باسمهم في نهاية الجلسة الختامية وهذا ما حدث فعلا.
 
حكايات أخرى
في مذكراتي عدة حكايات متشابهة لمحاولات جزائرية إقحام أحد المرتزقة في اجتماع أو لقاء خاصة في مؤتمرات القمة.. لكن ما حدث في طوكيو من تسلّل الجمهورية داخل شكارة هي قمة السقوط... هي سلعة بائرة ومحرّمة يتم تهريبها عبر الحدود وداخل قاعة الاجتماعات، لذلك على الجمارك مستقبلا أن تبحث في شنط الوفود الجزائرية ليس فقط عن العملات المهربة أو الحشيش المركز بل على أشلاء جمهورية القيطة.