الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

اليزيد البركة:إياكم والانزلاق الطفولي حول عملية الإحصاء

اليزيد البركة:إياكم والانزلاق الطفولي حول عملية الإحصاء اليزيد البركة
طالعت بعض الآراء التي تنظر لمشاركة بعض أطقم التعليم في عملية الإحصاء من زاوية التعويض، ويشبهون هؤلاء بالشوالة أي الذين كانوا يجمعون بين راتب التعليم العمومي وراتب التعليم الخصوصي، والبعض أكثر من ذلك من الدخل الآتي من الساعات الإضافية.

الحقيقة هذه النظرة تبسيطية لموضوع في غاية الخطورة، وكانت الدولة تأخذه بجدية كبيرة وسرية مبالغ فيها، لأنها كانت تنام على أجندة سرية تسهر على أن تمررها من خلال نتائج الإحصاء، ولم تبدأ تلعب بشيء طفيف من الروح الرياضية إلا من بداية الثمانينات، وتقدمت قليلا في هذه العملية الأخيرة مع بعض الإجراءات المشكوك فيها مثل تقليص نسبة التعليم وتحديد تاريخ فيه إن، حيث كان في السابق من يشرف ويقوم بالإحصاء هم أعوان الداخلية ومن بعض الإدارات وخاصة الضرائب والمقاطعات الإدارية، كانت مشاركة التعليم منعدمة في بداية الاستقلال لأن العدد لا يكفي حتى للتدريس كما كان الجانب السياسي لأبعاده طاغيا عند الدولة لما بدأ التعليم يشارك كان ذلك مكسبا هاما جدا. لماذا؟

سأورد هنا تعليقا كنت قد كتبته لكن مع بعض التفصيل هنا لأنه مهم: جاءت عندنا امرأة فراشة، لها ولدين يقرآن في الابتدائي إلى الجريدة بعد الإحصاء واشتكت لنا من قائم بالاحصاء حيث قال معلقا على عملها: "لا يمكن أن تكوني فراشة فقط، أرى لديك ثلاجة وتلفزة، قالت له، سري أنا لي دخلتك، وقامت وفتحت الثلاجة وقالت انظر انها خاوية فيها فقط زجاجتين من الماء ومع ذلك اطفأتها رغم الحر ورغم أن أولادي يريدان دائما ماءا باردا، أما التلفزة هي لها 12 سنة من أيام زواجي.

يصعب للموظف الذي أتى من إدارة مطبوعة بالسلطوية أن يتخلى عن عقلية الإدارة، ولما شارك طاقم التعليم في الإحصاء بكثافة لأول مرة تنفس المغاربة الصعداء قليلا لأنهم متعلمون وأغلبهم مسيس ويعرفون حدودهم في اللباقة واللطف مع الناس.

عملية الإحصاء لها علاقة وطيدة بالسياسة وخاصة منها الانتخابات والتقطيع والدوائر وغير ذلك، كما لها علاقة بالثقافة والبحث وبكل العلوم الإنسانية، ولها علاقة بالاقتصاد والسياسة معا، إذ كان الاستعمار يضخم عدد السكان رغم المجاعات والأمراض المتتالية لكي يبين للعالم أنه ينمي البلد، وفي الاستقلال شاهدنا ما كان يجري في الانتخابات وشاهدنا التلاعب بنفخ الطبقات الوسطى وتقليص الفقراء لجذب الإستثمار خاصة منه الأجنبي. وكانت مشاركة التعليم مشاركة كبيرة عنصرا أساسيا لتقليص التلاعب بالمعطيات.

من يريد ألا يشارك التعليم في الاحصاء عمليا يريد أن يعيدنا إلى المربع الأول.
أنا على العكس تماما، أرى أن نسبة التعليم المشاركة في الإحصاء ضعيفة ولو كان الإحصاء جرى بعيدا عن التزامن مع الدخول المدرسي لأيدت مشاركة نسبة عالية جدا فيه. هذه الفكرة الأخيرة دفعتني لأن أشك في تقليص نسبته وفي إجرائه مع الدخول المدرسي، أتمنى أن أكون خاطئا ولكن دائما نلدغ من نفس الجحر. أتمنى أن يكون التكوين الذي خضع له الطلبة والمعطلين تكوينا يتوخى الدقة والحرص على التعامل مع المغاربة برفق وبروح المواطنة وليس بروح التفتيش الضرائبي أو السيزي. أما المشاركون من الإدارات السلطوية أو حتى أغلب موظفي الجماعات فلن يرجى منهم خيرا إلا من رحم ربك.