قالت فتيحة الطالبي، محامية متمرنة بهيئة طنجة، ورئيسة المعهد المغربي للسياسات التنموية، أن العفو الملكي الذي أصدره الملك محمد السادس في حق 4831 شخصا المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، خطوة حقوقية جد هامة ترسخ المسار الإصلاحي الحقوقي الوطني خلال ربع قرن من تولي الملك محمد السادس العرش..
ماهي قراءتك للعفو الملكي عن مجموعة من صغار المزارعين المتابعين بسبب زراعتهم غير المشروعة لنبتة القنب الهندي؟
يعتبر العفو الملكي الذي أصدره الملك محمد السادس في حق 4831 شخصا المدانين أو المتابعين أو المبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي المتوفرين على الشروط المتطلبة للاستفادة من العفو، خطوة حقوقية جد هامة ترسخ المسار الإصلاحي الحقوقي الوطني الذي انخرطت فيه بلادنا منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش كخيار لا رجعة فيه.
وتمثل هذه المبادرة الملكية، التفاتة مولوية جديدة للريف، تعكس بوضوح التوجه الإنساني والاجتماعي والتنموي في السياسة المغربية وفي التوجه الاستراتيجي للملك نحو تنمية الريف ومختلف جهات المملكة.
كما تكرس دوليا صورة المغرب حقوقيا، وتكرس التزام بلادنا في مجال احترام الاتفاقيات والالتزامات الدولية والانخراط في تنزيل المقررات الأممية ذات الصلة.
هل يمكن اعتبار العفو وسيلة لاستيعاب وإدماج مزارعي المناطق المعنية في أنشطة قانونية ومدرة للدخل؟
هذا القرار ليس مجرد إعفاء من العقوبة، لهؤلاء المزارعين بل هو قرار يحمل في طياته رسائل قوية لأبناء منطقة الريف.. رسائل إنسانية واجتماعية تبث الطمأنينة لأبناء المنطقة على عكس حالة القلق والترقب والخوف والاستغلال والابتزاز التي كانوا يعيشونها من قبل.
كما ترسل لهم دعوة مفتوحة للاندماج في التحول التنموي الكبير الذي يشهده المغرب، فيما يتعلق بتقنين القنب الهندي واستعمالاته المشروعة.
بحيث أن المزارعين المستفيدين من العفو الملكي، سيساهمون بالانخراط في عملية تقنين القنب الهندي كفاعلين رئيسيين بناء على تجربتهم التاريخية في زراعة القنب الهندي، بالشكل الذي سينعكس إيجابا في تنمية هذا المجال الصعيد المحلي والوطني.
ما الذي يحول هؤلاء المستفيدين من العفو من استغلالهم مرة أخرى من قبل أباطرة المخدرات في أعمالهم غير المشروعة، والسقوط في حالات العود؟
يمكننا الحديث عن حالات العود لو لم تكن هناك رؤية استراتيجية لتنمية منطقة الريف وتنمية مجال زراعة القنب الهندي وتقنينه، كما أن العفو الملكي للمزارعين يشكل مرحلة حاسمة، في مجال زراعة القنب الهندي خصوصا بعد صدور قانون 21-13 المؤطر له. الذي أسس لمرحلة جديدة نحو القضاء على الزراعات غير المشروعة والممارسات القديمة واستبدالها تدريجيا بزراعات مشروعة وأنشطة بديلة تعطي تنمية جديدة سوسيو-اقتصادية إيجابية تضمن حياة كريمة للساكنة المحلية والمزارعين وتخدم المسلسل التنموي في البلاد، مما سيمكن من فتح آفاق وإمكانيات اقتصادية جديدة للساكنة المحلية والقطاع الخاص الوطني والدولي.
فضلا عن تحسين الدخل والظروف المعيشية لهذه الفئة في إطار قانوني ومهيكل، عن طريق تكوين هؤلاء المزارعين بشكل خاص وساكنة المنطقة بكشل عام في مجال تأسيس التعاونيات والشركات لزراعة وإنتاج وتغليف وتسويق ومنتوجات القنب الهندي في استعمالاته المشروعة من أجل التأسيس لمرحلة جديدة في مسار إنجاح ورش تقنين زراعة القنب الهندي.
وبناء على كل ما سبق، إذا انخرط المزارعون في خطة تنمية وتقنين مادة القنب الهندي وإذا التزمت الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي في تأطير وتكوين وتوعية سكان المنطقة بواجباتهم وحقوقهم، لن يستطيع أباطرة المخدرات تهديد أي مواطن من سكان المنطقة وابتزازه لأن هؤلاء السكان محميون وزراعتهم محمية بقوة القانون إذا التزموا بتوجيهات الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي لتثمين هذه المادة الحيوية بشكل قانوني ومشروع.