السبت 27 يوليو 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: الانتخابات الأوربية بفرنسا.. هزيمة الحزب الحاكم وحل البرلمان الفرنسي

يوسف لهلالي: الانتخابات الأوربية بفرنسا.. هزيمة الحزب الحاكم وحل البرلمان الفرنسي يوسف لهلالي

أزمة سياسية بفرنسا نتيجة الفوز التاريخي لليمين المتطرف بالانتخابات الأوربية الذي حصد 32 في المائة من الأصوات، وهي سابقة في تاريخ الجمهورية الخامسة، هذه الانتكاسة دفعت الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى حل البرلمان والدعوة الى انتخابيات تشريعية سابقة لأوانها في الأسابيع الثلاثة القادمة. ورغم ان الانتخابات الحالية كانت اوربية وليست وطنية، ولا تعني الوضع الداخلي بدرجة أولى، فان الانعكاسات كانت محلية، خاصة ان الائتلاف الحاكم بفرنسا، مند إعادة انتخاب الرئيس الحالي تنقصه الأغلبية بالجمعية الوطنية واغلب القوانين التي مررها بما فيها قانون التقاعد الذي تمت عن طريق بند 49.3 وهو ما يجعل قرارات الرئيس تفتقر الى اية شرعية خاصة في الظروف التي تم انتخابه فيها.

 

هذا التقدم الكبير الذي حققته لائحة اليمين المتشدد وتجازوها للحزب الحاكم، هو نفس الوضع بألمانيا، حيت تجاوز اليمين المتطرف الحزب الحاكم لأوف شولز الذي جاء في الرتبة الثانية ببلده في حين احتل الحزب الحاكم الاشتراكي في الرتبة الثالثة، ففي بلد عاش التجربة النازية مند 80 سنة تقريبا، وفي الأسبوع الذي تقام فيه الاحتفالات بفرنسا من اجل الاحتفال بانتصارهم على النازية باوربا، عاد أحفاد هذه الاحزاب الفاشية الى اغراء الناخبين بما يندر بعودة اوروبا الى الأنظمة الشمولية والعنصرية التي حكمت اوروبا في أواسط القرن الماضي مما يعنيه ذلك من اشعال حروب جديدة من اجل التوسع ومن اجل المنافسة الاقتصادية هي حرب بدأت بشرق اوربا بين أوكرانيا وروسيا، التي مازالت مستمرة وتعرف تطورات نوعية، في مواجهة مفتوحة بين البلدان الغربية وروسيا الاتحادية.

 

قرار الرئيس الفرنسي فاجا الجميع، ويمكن القول انه قرار حكيم، عندما قرر العودة الى الشعب. واعادة طلب الشرعية التي لم تعد تتوفر عليها الأغلبية لرئيس الفرنسي وحلفائه.

 

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد إعلانه حل الجمعية الوطنية، كتب أنه "يثق بقدرة الفرنسيين" على "القيام بالخيار الأنسب" خلال الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة بعد ثلاثة أسابيع.

وكتب ماكرون عبر منصة تويت "أنا أثق بقدرة الشعب الفرنسي على القيام بالخيار الأنسب له وللأجيال المقبلة. طموحي الوحيد هو أن أكون مفيدا لبلادنا التي أحب".

 

طبعا، امنية الرئيس الفرنسي هو ان ينتفض الفرنسيون، ويتخلون على التصويت العقابي ضد الطبقة الحاكمة والأحزاب الكلاسيكية بما فيها الموجودة بالمعارضة. لكنه يبقى رهان ومقامرة كما سمتها بعض الصحف الفرنسية. ويأمل الرئيس الفرنسي من خلال هذا القرار المفاجأة مباغتة حزب التجمع الوطني المعادي للهجرة والإسلام. حيث ان تنظيم انتخابات بعد تلاث أسابيع لن تكون كافية لعقد تحالفات والاتفاق على برنامج انتخابي حتى بين الأحزاب الحليفة مع حزب النهضة الحاكم. مما يجعل رهان الرئيس الفرنسي مفتوح على كل الاحتمالات والسناريوهات.

 

هذا التقدم للأحزاب الاوربية المتشددة بفرنسا، وإيطاليا، النمسا وألمانيا لم يكن له تأثير كبير على التوازنات داخل الاتحاد الأوربي حيث احتفظت كتل الحزب الشعبي اليميني الأوروبي مع الاشتراكيين والديموقراطيين وتجديد أوروبا الليبيرالي مجتمعة بالغالبية في البرلمان الأوروبي، رغم تقدم كبير لقوى اليمين المتطرف مع تراجع كبير لأحزاب الخضر.

 

وارتفع عدد مقاعد كتلة الهوية والديموقراطية للأحزاب الفاشية التي تضم حزب" التجمع الوطني" الفرنسي وحزب" الرابطة الإيطالي"، من 49 إلى 62 مقعدا. وقد استبعدت هذه الكتلة مؤخرا حزب "البديل" من أجل ألمانيا من صفوفها وذلك لتطرفه الكبير وتذكيره لناخبين بماضي الحركة النازية التي عاشته المانيا. خاصة ان هذه الأحزاب التي استحوذت على عدد كبير من أصوات الشباب الأوربي الذين يجهل اغلبهم الماضي الفاشي لأحزاب اليمين المتطرف بأوروبا ويتعاملون معها كما لو انها أحزاب ناشئة.

 

اذا كانت التوازنات السياسية لأروبا لم تتغير بعد هذه الانتخابات باستثناء تقدم اليمين المتطرف وتراجع أحزاب الخضر واحتفاظ الأحزاب الشعبية اليمينية التي تتزعمها اورسولا فان داير لاين بالأغلبية. فانه على العكس من ذلك فان الوضع السياسي بفرنسا شهد تحولا لا احد يعرف ماله بعد تلاث أسابيع بعد قرار الرئيس الفرنسي حل الجمعية الوطنية، بمعنى ان المشهد السياسي في بلد فولتير اصبح مفتوحا على جميع السناريوهات ، بما فيها حكم اليمين الفاشي لفرنسا، وهي سابقة لم تشهدها فرنسا في الجمهورية الخامسة وهو وضع عاشته في الماضي مع حكومة فيشي الذي اختار التعاون مع النظام النازي بألمانيا، الذي كان يتزعمه المستشار ادولف هيتلر الذي قاد أوروبا والعالم بتحالف مع الفاشية الإيطالية واليابانية الى حرب مدمرة خلفت عشرات الملايين من الضحايا من بين المدنيين والعسكريين.