يؤكد يوسف لهلالي، الكاتب والصحافي المتخصص في شؤون الهجرة، أن فرنسا مارست، بتغيير النصوص القانونية المتعلقة بالتقاعد، تضييقا على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية ومكتسبات المتقاعدين الأجانب الذين عملوا في فرنسا لعقود. مضيفا أن حكومة ماكرون، التي فرضت تغيير نظام التقاعد، مع ما صاحبه من مظاهرات ضخمة معارضة لهذه القوانين، غير مستعدة للتراجع عنه، علما أن الضرر عام ولا يقتصر على المغاربة فقط.
فيما يلي الحوار الذي أجرته "أنفاس بريس" مع يوسف لهلالي:
تسعى فرنسا إلى تغيير النصوص القانونية المتعلقة بالمتقاعدين الأجانب في بلدها، ومنهم المغاربة، وهو ما يشكل تضييقا على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والمكتسبات لهذه الفئة التي عملت في فرنسا لعقود، فما هو تعليقكم على هذا الإجراء الجاحد، رغم ما بذله هذا العامل الأجنبي في فرنسا من جهد طوال سنين من حياته؟
منذ الإصلاح الأخير لمنظومة التقاعد بدأ التضييق على المتقاعدين الأجانب بفرنسا، وهم أساسا من المغاربيين، ذلك أن أغلب هؤلاء المتقاعدين لهم معاش ضعيف من حيث التعويضات مقارنة مع المتقاعدين الفرنسيين، وهذا يعود إلى عدد من الأسباب، منها أن بعض المشغلين في بعض القطاعات مثل البناء والخدمات، يستغلون جهل هذه الفئة من المهاجرين بالقوانين الفرنسية، فلا يقومون، مثلا، بأداء واجبات التقاعد الى الصناديق المختصة، وعند التقاعد يجد هؤلاء المهاجرون أنفسهم أمام تعويض على المعاش جد هزيل. ولهذا، ومن اجل الحصول على بعض المساعدات التي تقدمها فرنسا لهذه الفئة من السكان، أصبحت المسطرة معقدة.
فمنذ الإصلاح الأخير لمنظومة التقاعد، وحتى يستفيد المهاجر من مساعدات الشيخوخة والتأمين الصحي والتعويض عن السكن، عليه أن يقضي 9 أشهر كل سنة بفرنسا من اجل أن يحصل على هذه المساعدات. أما في السابق، فكانت المدة هي 6 أشهر فقط. ولهذا، فإن هذا "الإصلاح"، كما تدعي فرنسا، يعد في العمق نوعا من التضييق على هذه الفئة من المهاجرين الشيوخ التي تقضي وقتها في التنقل بين البلد الأصلي وفرنسا، دون الاستفادة من الوضع المريح الذي تستحقه أثناء التقاعد، كل ذلك من أجل استمرارها في الحصول على حقوقها..
كيف تفسر صمت الحكومة المغربية إزاء هذا الموضوع علما بأن فرنسا تضم حوالي مليون مغربي؟
طبعا الحكومة المغربية، وفي إطار العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين، يمكنها أن تطرح هذا المشكل مع السلطات الفرنسية، لكن فرنسا إذا غيرت القانون سوف يكون لصالح كل الأجانب، ولن يقتصر على المغاربة فقط، وذلك في إطار مبدأ المساواة. لهذا اعتقد أن تغيير هذه القوانين هو أمر صعب، خاصة أننا رأينا المظاهرات التي صاحبت تغيير قانون المعاش والتقاعد بفرنسا، وما صاحبها من تظاهرات ضخمة تنديدا بهذه القوانين التي عارضها أغلب الفرنسيين، لكن الحكومة الحالية فرضتها عليهم، ولا اعتقد أنها مستعدة للتراجع، نظرا للوضعية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها فرنسا.
لكن لماذا نجد أن المتقاعدين الفرنسيين عندما يقدمون إلى المغرب، وتحديدا إلى مراكش، يستفيدون من اقامتهم من حيث السكن والأكل والترفيه والنزهة، وبالتالي لماذا لا تعامل فرنسا المتقاعدين المغاربة بالمثل بالديار الفرنسية؟
المتقاعدون الفرنسيون يستفيدون من الامتياز الضريبي الذي تمنحه الحكومة المغربية للمتقاعدين الأجانب الذين يختارون الإقامة بالمغرب، وهذا الامتياز يمس في الغالب متقاعدين من الفئات الوسطى التي لها قدرة شرائية وتقاعد متوسط، وتستفيد من الفارق في مستوى العيش بين المغرب وفرنسا، وهو وضع لا يمس المتقاعدين الفقراء بفرنسا، أي أولئك المحتاجين إلى مساعدة بلدهم. لهذا فوضعية المهاجر بفرنسا للأسف ليست هي وضعية المتقاعد الأجنبي الذي له قدرة شرائية كبيرة وتشجعه الحكومة المغربية على الإقامة.