في الوقت الذي يتسابق العديد من المرشحين لرئاسة بلديات إيطاليا، لكسب ود الجالية المغربية، من خلال وعود بإنشاء مقابر اسلامية في البرامج الانتخابية، كما وقع بمدينة بريشيا، نجد أن الحكومة المغربية لم تحاول أن تترافع على هذا الملف بالشكل الذي يخدم مصالح الجالية المغربية في مختلف مناطق العالم.
فبرغم من أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج تفوق 110 مليار درهم سنويا من العملة الصعبة، إلا أن هذه الشريحة الواسعة من أبناء الوطن تعاني الأمرين، عندما تريد نقل موتاها إلى المغرب، لاسيما في ظل لامبالاة الحكومة المغربية التي لم تحاول أن تخفف عن مغاربة العالم معاناة نقل ذويهم ليدفنوا في أرض الوطن، كما تفعل العديد من الدول المجاورة كتونس والجزائر.
وحسب عادل العسري، رئيس جمعية العمال المغاربة بإيطاليا، فقد سبق للوزير الاتحادي محمد عامر عندما كان على رأس وزارة الجالية أن أصدر مذكرة وزارية تمكن العائلات التي تعيش ظروفا هشة ومات أحد أفرادها ببلاد المهجر، أن تتكفل الدولة بنقل جثمانه إلى أرض الوطن، وفق مسطرة محددة تعتمدها مصالح وزارة الخارجية. وأوضح العسري، أنه بخصوص المغاربة الذين يموتون في إيطاليا وليس لهم أهل، فإن الجمعيات تتواصل مع القنصل المغربي ويتم ترتيب إجراءات نقله إلى أرض الوطن وفق تقديرات مصالح القنصلية بالمدينة التي توفي فيها.
الأمر نفسه أكده محمد قنديل، فاعل جمعوي بإيطاليا، في تصريح لـ" أنفاس بريس" بقوله أنه في فترة وزارة محمد عامر، تكفلت الدولة المغربية بنقل جميع جثامين الموتى المغاربة الذين لا يتوفرون على تأمين أو لا تستطيع عائلاتهم دفع مصاريف النقل. واستطرد محاورنا قائلا، لكن ومع ترأس عبد اللطيف معزوز الوزارة كان هناك العديد من التراجع عن المكتسبات منها: نقل الجثامين.
وخلال لقاء للوزير معزوز مع أفراد الجالية المغربية بإيطاليا طالبها بإنشاء مقابر اسلامية بالبلد للعدد "الهائل" للموتى المغاربة حسب تعبيره وأن وزارة الجالية عاجزة عن تلبية كل طلبات النقل".
وأكد قنديل، على أن مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج عبر موظفيها بالقنصليات المغربية بإيطاليا تلعب دوراً مهما في تسهيل الاجراءات القانونية لنقل الجثامين كما هو الشأن بالقنصلية العامة للمملكة بميلانو، خصوصا خلال فترة الحجر الصحي وحرص المؤسسة على أن يدفن ضحايا الفيروس المغاربة، بطريقة اسلامية بسبب تعذر نقلهم إلى المغرب.
لكن المشكل الكبير، يضيف محاورنا، هو أن كل المقابر الإيطالية تتخلص من جثامين الموتى بعد عشر سنوات من الدفن إذا لم تدفع أسرة الميت مبلغا كبيرا يزيد عن 3000 يورو، مما يستوجب تدخلا عاجلا لحماية حرمة الموتى المغاربة.
ويرى الفاعل الجمعوي ببريتشيا، أنه رغم أن إنشاء أول مقبرة للمسلمين بإيطاليا كان سنة 1865 في مدينة تريستي في شمال شرق البلاد، تم تلاها انشاء مقابر اسلامية أخرى: كمقبرة كريمونا لدفن الجنود المغاربة والمسلمين الذين سقطوا في حرب تحرير إيطاليا من الفاشية إبان الحرب العالمية الثانية، وإنشاء مقبرة فلامينيو عام 1974 بروما، بناء على اتفاقية بين بلدية المدينة ومسجد روما الكبير الذي أنشأ بفضل المرحوم الحسن الثاني، فإن هذا الفضاء بات غير قادر على استيعاب الأعداد المتزايدة من الموتى المسلمين الذي ارتفع عددهم أخيرا، وتعذر نقلهم لبلدانهم الاصلية، خصوصا خلال فترة جائحة كورونا.