لماذا يستعين المغرب باستمرار بمراكز استشارة ومكاتب الدراسات الأجنبية عند وضع مخطط للسياسات العمومية، هل لأن الإدارة العمومية ومعاهد الإدارة عقيمة ولا تتوفر على الأطر والخبرات؟
ما الجدوى من المختبرات والجامعات المغربية ومكاتب الدراسات الوطنية ومؤسسات عمومية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يصدر تقارير بصفة دورية؟ لتنهل منها الحكومة وتعتمد عليها في نجاعة السياسات العمومية والقطاعية، بدل أن تهدر موارد مالية بالعملة الصعبة لمعاهد أجنبية.
هاهو محسن الجزولي، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، قد أعلن يوم الجمعة 15 مارس 2024 بالرباط، عن لجوء المغرب مرة أخرى إلى معهد دراسات أجنبي "معهد طوني بلير"، بكلفة بلغت 2.7 مليون درهم، لإطلاق الدراسة المتعلقة بوضع الإطار الوطني لالتقائية السياسات العمومية.
في هذا السياق، اتصلت "أنفاس بريس" برضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، وأفاد بالورقة التالية:
ما الجدوى من المختبرات والجامعات المغربية ومكاتب الدراسات الوطنية ومؤسسات عمومية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يصدر تقارير بصفة دورية؟ لتنهل منها الحكومة وتعتمد عليها في نجاعة السياسات العمومية والقطاعية، بدل أن تهدر موارد مالية بالعملة الصعبة لمعاهد أجنبية.
هاهو محسن الجزولي، الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار، قد أعلن يوم الجمعة 15 مارس 2024 بالرباط، عن لجوء المغرب مرة أخرى إلى معهد دراسات أجنبي "معهد طوني بلير"، بكلفة بلغت 2.7 مليون درهم، لإطلاق الدراسة المتعلقة بوضع الإطار الوطني لالتقائية السياسات العمومية.
في هذا السياق، اتصلت "أنفاس بريس" برضوان زهرو، أستاذ الاقتصاد بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، وأفاد بالورقة التالية:
"إن لجوء قطاع حكومي في الوقت الراهن إلى خدمات مركز استشارة أجنبي "معهد طوني بلير" من أجل تقديم دراسة حول إطار خاص بالتقائية السياسات العمومية في بلادنا؛ والذي من شأنه كما قيل، أن يساهم في تمكين الفاعل العمومي الوطني من اتخاذ القرارات المناسبة وذات الأثر المباشر والفعلي على الاقتصاد وعلى المجتمع، يعني أولا وقبل كل شيء الاعتراف بعجزنا التام - عجز حكومة "الكفاءات" وعجز مراكز الدراسات والأبحاث الوطنية وعجز الخبراء والأكاديميين والجامعيين المغاربة - عن القيام بهكذا دراسة.
السؤال هو: لم تصلح جامعاتنا اليوم إذا لم تستطع القيام بدراسة مثل هذه خاصة تلك الجامعات التي تصرف عليها أموال طائلة من ميزانيات مختلفة عمومية وخاصة التي أنشأت أصلا من أجل التكوين والبحث والابتكار وأريد لها منذ البداية، أن تكون رائدة وطنيا ودوليا؟ ثم أين هو ذلك الكم الهائل من الخبراء والمحللين الذين يطلعون علينا كل مساء عبر القنوات الوطنية ويقدمون لنا كرؤساء لمراكز بحث في تخصصات مختلفة، في الدراسات الاستراتيجية والدراسات الأمنية والدراسات الأفريقية والدراسات الدولية والدراسات الاجتماعية والدراسات البيئية وفي السياسات العمومية وووو ... منهم من لا يوجد في رصيده أي بحث أو دراسة أو حتى تقرير واحد.
ثم إن اللجوء إلى مكتب دراسات أجنبي، يمكن اعتباره إهدارا لموارد مالية وبالعملة الصعبة نحن في أمس الحاجة إليها؛ لكن الأهم من كل ذلك هو أن وضع أي ورش استراتيجي وسيادي وطني بين يدي مؤسسة أجنبية، يمكن اعتباره مس بالسيادة الوطنية وباستقلالية القرار العمومي، لأن أي دراسة تحتاج أولا وقبل كل شيء، إلى المعلومة، والتي يمكن استغلالها ضدك من طرف ذلك الأجنبي نفسه لتحقيق مكاسب سياسية أو استراتيجية، في ما بعد عند الحاجة وفي ظروف معينة، خاصة إذا كانت هذه المعلومة تهم قطاعات استراتيجية، وحيوية وحساسة؛ هنا يصبح الخطر أكبر، قد يصل أحيانا إلى درجة تهديد الأمن القومي لبلد ما، خاصة في ظل المناخ الجيواستراتيجي المضطرب الذي يعيشه العالم اليوم.
إن أي دراسة علمية لا شك تمر عبر مراحل: أبرزها الحصول على المعطيات والمعلومات والإحصائيات، و تطويرها، كذلك التعرف على الإطار القانوني والتشريعي والمؤسساتي الوطني ذو الصلة بموضوع الدراسة، بعد ذلك البحث فالتحليل عبر تقارير فالتوقع قبل اتخاذ أي قرار.
وخلال كل هذه المراحل نحن نكشف للآخر، بل ونعري له واقعنا وأحوالنا وسياساتنا العمومية وبرامجنا واستراتيجياتنا الوطنية، بل وطموحاتنا التنموية الآنية والمستقبلية، في أدق أدق تفاصيلها: وهنا يكمن الخطر الحقيقي".