يتطلع المغرب إلى التحول إلى مورد وفاعل دولي رئيسي في قطاع الطاقات المتجددة، بعد إعلان الحكومة اعتزامها تسريع "عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخضر، وذلك تفعيلا للتوجيهات الملكية الواردة في في جلسة العمل التي ترأسها الملك محمد السادس، بتاريخ 22 نونبر 2022، وتعليماته في خطابه بمناسبة الذكرى الـ 24 لعيد العرش، بتاريخ 29 يوليوز 2023، إذ دعا من خلاله الملك، الحكومة للإسراع بتنزيل "عرض المغرب"، في مجال الهيدروجين الأخضر "بالجودة اللازمة، وبما يضمن تثمين المؤهلات التي تزخر بها بلادنا، والاستجابة لمشاريع المستثمرين العالميين، في هذا المجال الواعد". ويأتي إصدار رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الإثنين 11 مارس 2024، منشور تفعيل عرض المغرب من أجل تطوير قطاع الهيدروجين الأخضر.
وأوضح عبد الصمد ملاوي أستاذ جامعي وخبير دولي في تكنولوجيا الطاقات المتجددة، أن هذا المشروع جاء تماشيا مع الاستراتيجية المغربية التي وضعها المغرب في قطاع الطاقات المتجددة والتي تروم جلب مجموعة من الاستثمارات، ويعتبر الهيدروجين الأخضر واحدا من هذه العناصر المكونة للطاقات المتجددة.
وأفاد ملاوي في تصريح ل"أنفاس بريس"، أن هذا العرض سيمكن المغرب من الالتزام بتحقيق مجموعة من الأرقام التي قد سطرها في باب إنتاج الكهرباء الخضراء الذي سيستعمل بموجبها الهيدروجين الأخضر عوض الغاز الطبيبعي كما هو الشأن بالنسبة لمحطة العيون لإنتاج الكهرباء التي تم استبدال الوقود الأحفوري بالهيدروجين الأخضر خلال الأسابيع الماضية، كما أنه سيمكن المغرب من الوفاء بتعهداته المناخية لأن الاعتماد على المصادر الأحفورية التي تناهز استيراد 90 في المائة من الخارج، يمكن للمغرب أن يستبدل جزءا كبيرا منها بالإنتاج المحلي للهيدروجين، وبالتالي سيخفض من انبعاثات الغازات الدفيئة.
وأشار ملاوي أن مشروع عرض المغرب سيمكن من خلق فرص عمل جديدة تقدر ب10 و15 في المائة من مجمل مناصب الشغل التي يمكن أن يخلقها قطاع الطاقات المتجددة بالمغرب أي 100 ألف منصب، علما أن المشروع يتماشى مع حاجيات المستثمرين، خصوصا المستثمرين الأجانب، على مستوى إبرام عقود مع الدولة.
ويمكن لهذا القرار، يتابع ملاوي، أن يعود بالنفع على المغرب من عدة جوانب، من بينها المساهمة في الاستقلال الطاقي وتقليص الفاتورة الطاقية الوطنية، ثانيا يمكن مشروع عرض المغرب من جلب العديد من الاستثمارات المستقلبية في الهيدروجين الأخضر، كمشروع أمون وهو بشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 20 مليار دولار، ويروم إلى إنتاج الهيدروجين والأمونيا الخضراء عن طريق توليد الطاقة الكهربائية الحضراء. وهو بالمناسبة منجز في المناطق الجنوبية للمملكة. واستحضر ملاوي أن هذا المشروع سيمكن من الدفع بعجلة الاستثمارات في القطاعات الموازية التي يعتمد عليها الهيدروجين الأخضر كاللوجستيك، الربط الكهربائي وبعض الخدمات الموازية.
وخلص محاورنا أن هذا العرض سيمكن المغرب من التموقع دوليا باستحواذه على نسبة مهمة من إنتاج الهيدروجين الأخضر خصوصا الأمونيا الخضراء الأساسية بالنسبة للزراعات، باعتبار أن المغرب من المستوردين الكبار لهذه المادة الخضراء وبالتالي المغرب سيحاول استغلال هذه المادة الحيوية في إنتاج الأسمدة، حيث يرتقب أن يستحوذ المغرب في السوق الدولية على 4 إلى 10 في المائة من إنتاج الهيدروجين. بالإضافة إلى بناء قدرات تكنولوجية ونقل الخبرة في هذا القطاع إلى المغرب عبر الشراكة مع دول رائدة كألمانيا.