قال الحسين أزدوك، رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن التقارب السريع والمتنوع بين المغرب والصين ليس بغريب بين بلدين تتواصل حضارتهما، العريقتين والغنيتين بتنوعاتها الثقافية واللغوية منذ على الأقل ثلاثة آلاف سنة، وهو ما يكشف عن إدراك ووعي من الجانبين بضرورة بناء رؤية موحدة للمصالح الاستراتيجية للبلدين تتجسد في النهج العملي للتعاطي مع خصوصيات الظرفيات والأحداث، الذي أفضى إلى فتح آفاق واعدة للتعاون، لاسيما من خلال "مبادرة الحزام والطريق"و هي المبادرة التي تم توقيع اتفاقياتها بين المغرب والصين في العام 2016.
وكان أزدوك يتحدث الثلاثاء 5 مارس 2024، في كلمته الافتتاحية بمناسبة الدورة السابعة للندوة الدولية "على طرفي طريق الحرير: الصين والمغرب"، بعنوان "المغرب والصين: الابتكار وخلق القيمة من أجل شراكة استراتيجية"، والتي حضرها سفير جمهورية الصين الشعبية بالمملكة المغربية، "لي تشانغ لين"، وكذا نائب رئيس جامعة شانغهاي للدراسات الدولية (SISU)، "لين شيويلي".
وأضاف رئيس جامعة الحسن الثاني، أن الشراكة الاستراتيجية التي تربط المغرب والصين تمتد منذ عقود، والتي عرفت خاصة منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش تطورا سريعا كما تشهد عليه أكثر من خمسين اتفاقية، أبرمت على جميع المستويات منذ سنة 2004، وتكاد تشمل جميع الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية وجميع القطاعات من صناعة وتجارة وصحة وبحث.
ودعا أزدوك إلى تكثيف التعاون بين البلدين بشكل وثيق من أجل خلق قيمة مضافة وبناء شراكة استراتيجية فعالة ودائمة على أساس تواجد البلدين على طرفي طريق الحرير، متحدثا عن تحقيق الصين لإنجازات كبيرة في مجال الابتكار. على سبيل المثال، تقدمت الصين في تقنية 5G، حيث حققت تقدما هائلا من قبل شركات مثل هواوي، وZTE، وغيرها من الشركات، إلى غيرها من أنظمة الدفع الرقمية..
وفي مجالات تعلم اللغة والتواصل، حققت الصين ابتكارات في مجال تطبيقات اللغة، كتطبيقات المساعدة على التعلم بالذكاء الاصطناعي، وتطبيقات المجموعات الافتراضية للتبادل اللغوي، خدمات الترجمة الفورية وتجارب تعلم اللغة بالواقع المعزز/الواقع الافتراضي إلخ.
كما تعكس هذه الابتكارات استكشاف الصين المستمر للتكنولوجيات الجديدة في مجالات تعلم اللغة والتواصل والترجمة.
من جانبه، قام المغرب بصياغة النموذج الاقتصادي المغربي الجديد، المعروف باسم "المغرب 2020"، وهي استراتيجية اقتصادية تهدف إلى تطوير وتنويع الاقتصاد وزيادة قدرته التنافسية. وترتكز هذه الاستراتيجية على عدة مبادئ، بما فيها الابتكار والاستثمار وخلق فرص العمل وتنويع مصادر الدخل من أجل اقتصاد منتج ومتنوع قادر على خلق قيمة مضافة ومناصب شغل ذات جودة. كما ان الابتكار هو أحد الأفكار الرئيسية للنموذج الاقتصادي المغربي الجديد.
وقال رئيس جامعة الحسن الثاني أن الابتكار يُمَكِّنُ أيضا من خلق فرص عمل وصناعات جديدة، مما يساعد على الحد من البطالة، وتستثمر الحكومة المغربية في البحث والتطوير في مجال الطاقة النظيفة، مما أدى إلى خلق وظائف وصناعات جديدة في قطاع الطاقة المتجددة. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يساعد الابتكار على تنويع الاقتصاد، مما يقلل من الاعتماد على عدد قليل من الصناعات، الأمر الذي يمكن أن يجعل الاقتصاد أكثر مرونة في مواجهة الصدمات.
أما على مستوى التكوين والبحث، فإن الجامعة المغربية تتطلع إلى تحول تدريجي نحو جامعة مؤسسة على ركن جديد من أركان العمل والتدريس والبحث يتمثل في كل ما يتصل بالرقميات والتكنولوجيات الجديدة. فقد تم اعتماد العديد من التطبيقات والمنصات الإلكترونية لتسهيل عملية التعلم عن بعد وتوفير موارد تعليمية متنوعة. أما في مجال البحث، فقد تم استخدام أنظمة المحاكاة والنمذجة الحاسوبية لدراسة الظواهر والمشكلات المعقدة في مختلف المجالات العلمية. كما يُستخدم الحوسبة السحابية وتقنيات تحليل البيانات الضخمة في تسريع عمليات البحث وتحليل النتائج بشكل أكثر فعالية.
أما على مستوى التعاون بين جامعتي الحسن الثاني وجامعة شانغهاي للدراسات الدولية، فهي، حسب المتحدث، تتقوى سنة بعد سنة، منذ أول توقيع على اتفاقية التعاون بين الجامعتين في2012، والتي جاءت مع تأسيس معهد كونفوشيوس بجامعتنا والذي يشكل حلقة وصل وطيدة بين الجامعتين، من حيث التكوين اللغوي ومشاركة الثقافة والقيم الصينية، وقد وصل عدد طلاب معهد كونفوشيوس خلال السنوات العشر الماضية إلى 10 آلاف طالب وعرف تنظيم أكثر من 300 نشاط ثقافي استقطبت ما يزيد عن 40 ألف شخص.
هذا وقد شجع تواجد ونجاح معهد كونفوشيوس بجامعة الحين الثاني على إنشاء تكوين الإجازة في الدراسات الصينية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بعين الشق منذ عام 2016. و يبلغ عدد الطلبة الجدد المسجلين في هذا التكوين لهذه السنة 281 طالب وهو ما يشكل علامة فارقة ومهمة جدًا في إطار التعاون المشترك. إذ يتمكن الطلبة المتفوقون من استئناف الدراسة في جامعة شانغهاي.