الجمعة 7 فبراير 2025
مجتمع

إقليم أسفي حالة خاصة في تحرير الملك العمومي البحري على الصعيد الوطني 

إقليم أسفي حالة خاصة في تحرير الملك العمومي البحري على الصعيد الوطني 
تعد مبادرة الدولة المغربية المرتبط بتنفيذ قرار تحرير الملك العمومي البحري، مبادرة جد إيجابية تابعها بحرص شديد وصفق لها الرأي العام الوطني بكل مشاربه وفئاته الاجتماعية، بل أنها تعد سابقة على المستوى الوطني، حيث اعتبر عدة مراقبون قرار تحرير الملك العمومي البحري بسواحل المملكة المغربية، قرارا جريئا وشجاعا لما يكتسيه من طابع الجدية على مستوى الحسم مع ظاهرة الترامي المستفزة على الملك العمومي في جميع المستويات، ورد الاعتبار للشواطئ البحرية التي احتلتها عدة فيلات ومقاهي ومآوي وفضاءات تعتبر في نظر المشرع بناءات عشوائية استنبتت خارج الضوابط القانونية دون الحديث عن تبعاتها.
 
وحسب المعطيات المتوفرة لجريدة "أنفاس بريس" فإن تحرير الملك العمومي البحري يعد إرادة مركزية برؤيا استراتيجية مستقبلية، بالنظر لكون هذه الخطوات تدخل في سياق ورش كبير، بعد أن حذرت تقارير بعض المؤسسات ذات الصلة بالمجال البحري وبيئته الطبيعية مما وصفته بـ "تآكل السواحل في المغرب وحُسن إدارته لصالح الأجيال القادمة"، حيث حذرت مجموعة من التقارير من "خطر تآكل المناطق الساحلية المغربية، الذي يؤدي إلى تكاليف باهظة لتنمية الاقتصاد الأزرق". 
 
- ضبط الملك العمومي البحري وحمايته وتثمينه.
في سياق متصل كان موقع وزارة التجهيز والماء قد كشف على "استراتيجية متكاملة لحماية وتثمين الملك العمومي البحري، وهي الإسترتيجية التي تتمحور حول مجموعة من المحاور الأساسية والتي تهم ضبط الملك العمومي البحري وحمايته وتثمينه".
وشددت وزارة التجهيز والماء في موقعها على "أهمية وضرورة تنسيق تدبير الملك العمومي البحري، وتعزيز الترسانة القانونية والتنظيمية ذات الصلة، وتحديث وسائل تدبيره"، وذلك من خلال "التعاون وتعزيز المؤهلات والتواصل والتحسيس، مقابل الرهان على تعزيز التنمية والتمويل بغية تحقيق الأهداف المسطرة لهذه الاستراتيجية".
 
- وزارة الداخلية تدكُّ البنايات المحتلة للملك العمومي البحري بالمغرب:
وكان الرأي العام الوطني قد تابع تفاصيل الحملة الوطنية التي قامت بها وزارة الداخلية عبر ولاة وعمّال العديد من الأقاليم والعمالات بمختلف الشواطئ المغربية، من جنوب المغرب إلى شماله مرورا بالوسط، بعد أن دكّت آليات الطْرَاكَسْ العديد من المقاهي والفنادق والفيلات الفخمة والمباني العشوائية التي احتلت الملك العمومي البحري منذ سنوات، وشوهت جمالية الشاطئ البحري الذي حوله البعض إلى مجال للريع.
 
- جيوب مقاومة قرار تحرير الملك العمومي البحري بإقليم أسفي:
لكن المفارقة الغريبة والعجيبة في نفس الآن، هي حالة الاستثناء في تطبيق قرار الحكومة بخصوص تحرير الملك العمومي البحري على مستوى إقليم أسفي، وكأن حاضرة المحيط خارج زمن تطبيق القانون وقرارات الحكومة ، أو لنقل إن عاصمة السمك والفخار تقع خارج سلطة الحكومة التي عجزت عن تطبيق هذا القرار الإيجابي جدا.
 
في هذا السياق تنتصب عدة أسئلة حيّرت المراقبين في شأن تطبيق قرار تحرير الملك العمومي البحري بإقليم أسفي، من بينها على سبيل المثال لا الحصر، كيف يعقل أن يتقبل الرأي العام المحلي والوطني، ويستسيغ الإبقاء بدون مبرر على العشرات من المقاهي والفيلات والمباني التي تحتل الملك العمومي البحري على طول شواطئ أسفي والصويرية القديمة والكاب...، والتي تعتبر حسب القانون بناءات عشوائية تشوه الملك العمومي البحري وجب هدمها وكنس ركامها من فوق الرمال؟
 
- أسئلة تحتاج لأجوبة آنية:
وإذا كان القرار المركزي يسري على شواطئ المغرب برمتها، وتم تطبيقه في العديد من مناطق المغرب الساحلية دون اللجوء لسياسة الكيل بمكيالين، كما تم توثيقه بالصوت والصورة ونقلته المنابر الورقية والإلكترونية، وركزت عليه كل وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، وتابع الرأي العام كيف تم تنفيذه من طرف مسؤولي وزارة الداخلية...فلماذا يا ترى تم استثناء إقليم أسفي من عملية تحرير الملك العمومي البحري المغتصب من طرف النافذين؟ وما هو سبب عدم تطبيق قرار الحكومة بشكل عام ودون استثناءات على طول شواطئ الإقليم؟ وهل المجال البحري بهذا الإقليم يخضع لنفوذ سلطة خارج القانون؟ أم أن أسفي خارج زمن قرارات الحكومة؟
 
وبما أنه ليس هناك عذر لمن يخرق ويتجاوز قانون التعمير بمختلف الطرق والوسائل، وليس هناك حق لمن يقوم باحتلال الملك العمومي البحري، حيث تطاله يد وقوة القانون، وإرجاع الأمور إلى حالها الطبيعي، ولنا فيما وقع بالعديد من شواطئ المغرب خير دليل حيث سهرت سلطات وزارة الداخلية على إزالة ومحو كل التشوهات التي لحقت بالمجال البحري العمومي، فما معنى أن يتم هدم "نادي رياضي" مثلا بشاطئ أسفي يعتبر من الوجهة القانونية أنه بناء عشوائي احتلت بنايته الملك العمومي البحري، في حين يتم غض الظرف وتجاوز القانون وعدم تطبيقه بخصوص مقهى أو فيلا مجاورة، تقعان تحت طائلة نفس القانون؟
 
هي أسئلة حارقة تنتصب أمام الحقيقة المرة لواقع الحال بإقليم أسفي، وجب تدارك الإجابة عليها من طرف من يهمهم الأمر، من خلال تعميم تطبيق القوانين ذات الصلة، على اعتبار أن الجميع سواسية أمام الدستور المغربي، حتى لا يقال أن الملك العمومي البحري بإقليم أسفي يخضع لسطلة نفوذ من هم فوق القانون، ولا يعيرون أي أهمية لقرارات الحكومة.