الثلاثاء 23 إبريل 2024
سياسة

اليازغي: الحسن الثاني كان يريد حكومة قوية وليست بالضرورة ديموقراطية

اليازغي: الحسن الثاني كان يريد حكومة قوية وليست بالضرورة ديموقراطية

اعتبر محمد اليازغي، الكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن أساس الخلاف الذي وقع عند بداية الاستقلال يرجع إلى أن الملك الحسن الثاني كان يريد حكومة قوية وليست بالضرورة ديمقراطية، بينما كانت الحركة الوطنية مع الملك محمد الخامس يسعون إلى أن تكون للحكومة مهمة أساسية هي الاضطلاع بالمفاوضات مع فرنسا حول الاستقلال. كما أن أغلبية أعضاء الحركة الوطنية "حزب الاستقلال" آنذاك كانت تريد حكما ديمقراطيا في إطار ملكية دستورية وبرلمان ديمقراطي يمكن من مساهمة السكان في ممارسة تسيير الشأن العام. وقد استطاع الحسن الثاني في آخر المطاف أن يؤثر في والده.

وأشار محمد اليازغي الذي كان يتحدث في الحلقة الأولى من برنامج رحلة مع الذاكرة الذي تبثه القناة التلفزية "روسيا اليوم"، على هامش إصداره لمذكراته التي عكف على تدوينها في كتاب تحت عنوان "سيرة وطن ومسيرة حزب"، بأنه على خلاف الدول العربية المشرقية لم يكن شباب الحركة الوطنية من أوساط عسكرية، لأن الاستعمار جند المغاربة كجنود فقط وأسس مدرسة عسكرية بمدينة مكناس لا يلجها إلا أبناء القادة الذين يتعاملون معه إلى غاية 1952، حيث ستسمح فرنسا لأبناء الشعب الالتحاق بهذه المدرسة العسكرية. وكان محمم بن قدور واحدا من الذين دخلوا المدرسة العسكرية سنة 1953، لذلك عندما أسس المغاربة جيش التحرير لم يكن من بينهم ضباط من الجيش السابق فكانوا كلهم من المناضلين الذين تدربوا على السلاح.

ويضيف في سؤال حول موقف جمال عبد الناصر من جيش التحرير ومدى دعمه له، أجاب اليازغي بأن دعم عبد الناصر للحركة الوطنية والمقاومة كان بالسلاح والمال إضافة إلى الحملة الإعلامية المصرية التي كان يقوم بها ضد الاستعمار الفرنسي، لكن دعم المقاومة المغربية لم يتبعها تثبيت للناصرية في المغرب. وأسجل، يقول اليازغي، بأنه لم تستطع لا الناصرية ولا القوميين العرب ولا حزب البعث أن يشكلوا فروعا لها في المغرب، وذلك نظرا لخصوصية تأسيس الحركة الوطنية التي لم تكن لها اتصالات من الخارج لأن المغاربة لا يقبلون أن تكون لهم قيادات من خارج المغرب.

 وفي سياق آخر، أثار الصحفي ما ذكره اليازغي في الصفحة 30 من الكتاب، والمتعلق بالحماس التلقائي والجماعي للشعب بعد رجوع الملك، ليتساءل: لماذا لم يعبر أحد عن الرغبة في نظام جمهورية على غرار الدول الأخرى في الشرق العربي، والذين قالوا بوقف الملكيات لأن وقتها قد انتهى؟. فرد اليازغي بأنه عندما أمضى السلطان مولاي عبد الحفيظ على عقد الحماية سنة 1912، اعتبرالمغاربة وقتها بأن المغرب لم يعد له سلطان، وأن السلطان خذلهم بل بالأمازيغية قالوا "إكليد إن رومي" يعني هذا "سلطان النصارى"، لذلك لما نصب الفرنسيون السلطان مولاي يوسف لم يهتم المغاربة بهذا التنصيب واعتبروا السلطان الجديد بمثابة المندوب السامي الفرنسي، وكانت هنالك مقولة وصفها بالفظيعة قالها آنذاك اليوطي "مولاي يوسف هو صفحة لضمان كتابة تاريخ المغرب". ويضيف اليازغي، بأن الشيء الجديد هو لما توفي السلطان مولاي يوسف اختار الفرنسيون ابنه الأصغر محمد بن يوسف، وكان هذا الشاب الذي نصب وعمره 17 سنة قد ارتبط بعد 6 سنوات بالوطنيين عن قناعة شخصية، بل انخرط في مناهضة الاستعمار بمبادرة من الوطنيين الذين اتصلوا به، بعدما اتخذوا قرارا للاحتفال بعيد العرش الذي كانت ترفضه الحماية، وأصبح يطلق على السلطان اسم الملك، كما أن الحركة الوطنية أعطت رقما لذلك فسمته محمد الخامس بعدما كان تنصيبه باسم محمد بن يوسف.

وذكر اليازغي بالانتقال الحاسم، حيث بعدما كان في سنوات 1934 و1935 الوطنيون يطالبون بتطبيق الحماية أي القيام بالإصلاحات الداخلية التي كانت فرنسا تدعي أنها جاءت من أجلها، أصبح الوطنيون بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي انهزمت فيها فرنسا يفكرون في المطالبة بالاستقلال، ووقع التوافق في ذلك بين محمد الخامس والحركة الوطنية حول الصيغة التي ستحرر بها وثيقة المطالبة بالاستقلال. وهنا يؤكد اليازغي بأنه في ظل حكومة "فيشي" التي جاءت بعد انهزام فرنسا رفض الملك محمد الخامس أن يعامل اليهود المغاربة كما يعامل سائر اليهود، بل رفض القوانين الفرنسية التي وجهت ضد اليهود والمغرب آنذاك، يضيف اليازغي، كان تحت الاستعمار وكان موقف محمد الخامس كقائد مغربي قد جسد بذلك أن الدولة المغربية تتشكل من تكوينات إثنية فيها العربي والأمازيغي واليهودي .... وهو ما اعتبرت من خلاله الحركة الوطنية بأن التوافق بين محمد الخامس والحركة هو تجديد للملكية التي ضعفت سنة 1912، وتجددت سنة 1944، قبل أن يصبح الملك جزءا من الحركة الوطنية وتجسيدا لرمز السيادة.