الخميس 6 فبراير 2025
مجتمع

جمعية "غالي" تصر على ارتداء "نظارات سوداء" لرؤية السجون لتصفية حساباتها مع الدولة

جمعية "غالي" تصر على ارتداء "نظارات سوداء" لرؤية السجون لتصفية حساباتها مع الدولة التامك، المندوب العام لإدارة السجون و غالي (يمينا)
في الوقت الذي كان الرأي العام الوطني ينتظر من الجمعيات الحقوقية الانخراط في النقاش الذي أطلقه بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج حول الاكتظاظ بالمؤسسات السجنية، خرج علينا رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتدوينة عجيبة يؤكد فيها أنه "عاق" بالمندوبية العامة وبأنها تريد الضغط على رئيس الحكومة للحصول على 400 مليار... كذا! 
إن المتتبع لسلوك هذه الجمعية وتصريحات مسؤوليها لن يستغرب ما كتبه عزيز غالي في تدوينته، فلطالما كانت مواقف الجمعية مواقف سياسية متطرفة مغلفة بلبوس حقوقي، إذ كيف لمن لم يضع رجله يوما داخل المؤسسات السجنية أن يعرف حجم تأثير ظاهرة الاكتظاظ على نزلاء هذه المؤسسات؟ ثم لماذا سيدافع غالي عن ضرورة استفادة نزلاء المؤسسات السجنية من ظروف عيش كريمة، فهؤلاء مجرد "اولاد الشعب" وليسوا من قبيلة الأصدقاء والرفاق والقبيلة السياسية والحقوقية، والدفاع عنهم لا يفيد شيئا في استدرار أموال المانحين على عكس ملفات بعض السجناء المحظوظين الذين لا يخلو بلاغ للجمعية من ذكرهم! 
لقد حاول عزيز غالي دغدغة مشاعر المواطنين، من خلال الدعوة إلى بناء المدارس والمستشفيات عوض بناء السجون، متناسيا أن اكتظاظ المؤسسات السجنية هو واقع يستوجب حلولا عاجلة، قد لا تقتصر على بناء المؤسسات السجنية فقط، لكن بناء مؤسسات حديثة تحترم شروط الإيواء وكرامة النزلاء، هو أمر مهم بجانب بناء المدارس والمستشفيات. وكان حريا بغالي وجمعيته أن يكونوا أول المساندين لتحسين ظروف إيواء نزلاء المؤسسات السجنية، لا أن يستغلوا الأمر لتصفية حساباتهم مع مؤسسات الدولة! 
لو كان عزيز غالي متتبعا حقيقيا للشأن السجني، باعتباره شأنا حقوقيا بالدرجة الأولى، لأدرك أن المندوبية العامة منخرطة منذ سنة 2014 في عملية استبدال المؤسسات القديمة والمتهالكة بمؤسسات حديثة، حيث سبق للمندوبية أن أعلنت عن افتتاح 26 مؤسسة سجنية حديثة بمعايير حقوقية دولية، مقابل إغلاق عدد من المؤسسات القديمة والمتهالكة، والتي لم تعد صالحة لإيواء النزلاء، وهو الأمر الذي نال إشادات من مختلف الجهات الحقوقية الرسمية والجمعوية، باستثناء جمعية غالي طبعا، والتي لا زالت تضع نظاراتها السوداء حتى تتماشى رؤيتها للواقع مع ما تهدف له قيادتها السياسية والجهات التي تقف وراءها. 
إن هذه ليست المرة الأولى التي تقوم فيها المندوبية العامة بدق ناقوس الخطر بخصوص معضلة الاكتظاظ في السجون وتأثيرها على السير العادي للمؤسسات السجنية، سواء في بلاغاتها أو في تدخلات مسؤوليها في مختلف المستويات، وواصلت رغم كل الإكراهات وضع البرامج لنزلاء هذه المؤسسات وبذل كل ما يمكن في إطار إمكانياتها من أجل تحسين ظروف الإيواء والتغذية والتطبيب والتعليم والتكوين. ولو كان لهذا الحقوقي اهتمام فعلي بأوضاع السجناء وبالاكتظاظ داخل السجون من خلال تتبع ما يصدر عن المندوبية العامة من بلاغات وتقارير، لما جازف بمثل هذه التأويلات البئيسة التي تعكس نمط تفكيره، واعتقاده بأن فكر المؤامرة الذي يعشش في مخيلته هو الموجه والمحدد للسياسات العمومية والعلاقات بين مؤسسات الدولة.