الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

محمد الدرويش: «في الطفولة» لعبد المجيد بنجلون شكل علامة رئيسة في الثقافة والإبداع المغربيين

محمد الدرويش: «في الطفولة» لعبد المجيد بنجلون شكل علامة رئيسة في الثقافة والإبداع المغربيين محمد درويش وجانب من الحضور
 في الجلسة الافتتاحية للندوة الوطنية حول عبد المجيد بنجلون المنظمة بكلية الاداب والعلوم الانسانية جامعة محمد الخامس بالرباط يوم الخميس 9 مارس 2023 القى محمد الدرويش رئيس مؤسسة فكر للتنمية و الثقافة والعلوم بالمداخلة التالية: 
 
منذ 2014 سنة تأسيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم، جعلنا  نصب أعيننا قضايا تنمية البحث العلمي وتنشيط الحياة الثقافية والفكرية، وتكريم رواد المعرفة والثقافة والفكر، وعليه اقدمنا على تنظيم لقاءات وندوات علمية وطنية ودولية في مواضيع تستجيب للأهداف التي حددناها في التأسيس، وتستحضر القضايا الوطنية والجهوية التي تستأثر بالرأي العام وبانشغالات الفاعلين في مختلف المجالات، وفي هذا الإطار تنظم مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم في مبادرة أولى، و بتعاون مع كلية الآداب والعلوم الانسانية جامعة محمد الخامس بالرباط وشراكة مع  وزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة سلسلة من اللقاءات العلمية التي ترمي إلى استحضار وتكريم رموز وفعاليات مجموعة من أعلام الثقافة والعلم المغربية في بعدها المحلي والكوني تحت شعار:
 
أعــــــلام في الذاكــــرة  
 
وتقترن هذه المبادرة العلمية برسالة المؤسسة المدنية والمؤسسة الأكاديمية المقتنعتين بكون الإبداع الفكري والثقافي المغربي لا يتحدد من خلال حقب زمانية منفصلة تحدث بينها قطائع، وتفصل بينها مسافات، ولكن هذا الإبداع ينتظم داخل سيرورة تبلور فيها تألقه في مجالات الإبداع وحقول المعرفة المتعددة، لذلك اغتنى متن الثقافة المغربية بنصوص رئيسة في مجالات الشعر والنثر والبلاغة والنقد واللغويات والأصول والمنطق والفلسفة والعلوم والتكنولوجيا، وغيرها من الحقول المعرفية، ووسمت الذخيرة الثقافية المعرفية المغربية علامات بارزة.
إن استحضار بعض الاعلام من مثل الحسن اليوسي، والمختار السوسي، وعبد المجيد بنجلون وعلال الفاسي، وامنة الفاسي وعبد الكريم غلاب ومحمد برادة واحمد اليابوري واحمد العلوي واحمد المتوكل وعبد القادر الفاسي الفهري وطه عبد الرحمان ومحمد جسوس ومحمد عابد الجابري وابراهيم بوطالب ومحمد الخمار الكنوني واحمد المجاطي ومحمد المنوني وعزيز بلال وفتح الله ولعلو وحبيب المالكي وعبد الله ساعف وعبد اللطيف بنجلون وعبد الفتاح كيليطو وغيرها من الأسماء التي ساهمت بإنتاجها في تراكم الفكر المغربي في مجالات متعددة في الآداب والعلوم الإنسانية والإقتصاد والقانون والسياسة والعلوم، ليبرز الإسهام الفكري والمعرفي للثقافة المغربية ليس في محيطها القريب والمحلي للإجابة على أسئلة الإبداع والنقد والثقافة والتفاعل الحضاري، ولكن في المنظومة الفكرية والثقافية الكونية.
إن تنظيم سلسلة لقاءات استحضاراً لأعلام الثقافة المغربية المعاصرة يهدف إلى ربط الإضاءات المشرقة في الماضي بالإسهامات التي أثْرَت نسق الثقافة المغربية في الحاضر، كما يلقي الضوء على إسهام هذا الجيل في ترسيخ قيم ثقافية و معرفية جديدة تنشغل بالحياة في شتى تشكلاتها، وتترجم قناعات عانقت قيم الحرية والهوية والأصالة في مواجهة المستعمر، أو كانت تنشد قيم التحرر والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية خلال مرحلة ما بعد الاستقلال.  
تستهل الجهات المنظمة  حلقات هاته السلسلة بالعودة إلى عَلَم من أعلام الثقافة المغربية الحديثة، وهو الأديب عبد المجيد بن جلون، من خلال النص الرائد الذي كتبه في نهاية أربعينيات القرن الماضي «في الطفولة»؛ والذي شكل علامة رئيسة في الثقافة والإبداع المغربيين، وهي أشهر سيرة ذاتية مغربية، موضوعها مسيرة حياة طفل مغربي تنقل بين بيئتين مختلفتين، وما صاحب ذلك التنقل من بحث عن الذات والآخر، حتى أن ذكرها يلتصق باسم عبد المجيد بنجلون ،واسمه يلتصق بها.. فإذا ذكرته ذكرتها وإذا ذكرتها ذكرته. دون إغفال ما تركه بنجلون من انتاجات أدبية وصحافية ودبلوماسية ارخت لمرحلة مهمة من تاريخ المغرب والتي جسدت اساس بناء المغرب المستقل..
 وعليه فان الندوة تهدف إلى استعادة ذاك الزمن وذاك الحراك الوطني لمجتمع يبحث عن الحرية والحياة الكريمة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية في سياقات دولية خاصة.  
ونعتقد أن العودة للماضي الذي لم ندفنه جميعًا من خلال استحضار أسماء أعلام ظلت في ذاكرتنا الفردية والجمعية من خلال إنتاجها الفكري يعد احتفاءً علميا بها، وتأكيدًا لأدوارها في علاقاتها بالسياق الثقافي الذي عاشت فيه، ليس فقط في تطوير أسس ومنطق وأخلاق الكتابة بكل أجناسها، وترسيخها في الثقافة والفكر المغربيين بل ايضا في اساس قيم المواطنة القائمة على مبدأي الحقوق والواجبات وكذا اخلاق ثقافة الاعتراف والاحترام والتضامن والتكافل المجتمعي. ان هاته العودة هي تثبيت لثقافة الاعتراف واستحضار للماضي بمنطق الحاضر من اجل المستقبل، وتأكيد على ان استحضار الحاضر للماضي هو بناء للمستقبل. فمن لا ماضي له لا مستقبل له.