الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

"لومني": جديد الفنانة صباح الزيداني.. انتصار للحرف النبيل ومصالحة مع النغم الأصيل

"لومني": جديد الفنانة صباح الزيداني.. انتصار للحرف النبيل ومصالحة مع النغم الأصيل المطربة القديرة صباح الزيداني
أطلت علينا بحر هذا الأسبوع عبر قناتها الرسمية على اليوتيوب الفنانة المغربية صباح الزيداني بأحدث أعمالها الغنائية، وقد جاء هذا العمل البديع السبك الذي اختير له كعنوان "لومني" مُوَقعا بيراع الشاعرة مريم الإخشيدي التي تنتمي بأسلوبها الحالم الممهور بالعمق والصدق للمدرسة الرومانسية في الشعر العربي، التيار الذي سلك دروبه بحرفنة واقتدار غير مسبوق شاعرنا المترف العاطفة والخيال وأمير الزجل المغنى الراحل علي الحداني.
يقول غصن/مشهد من الأغنية الجديدة :
لومني على نيتي وصفايا
وصدقي معاك ووفايا
وصورتك اللي ديما معايا
وانت زايد فجفايا
كيفاش وانت ناوي لغدر
تبكي عالفراق وتتحسر 
ومورا ظهرك تحمل خنجر
تطعن بيه الله كيهواك
اللي باع الدنيا من أجل رضاك
خلى ناسو وجا لحداك
واختصر عمرو فلحظة معك
لومني...
"لومني" قصيدة زجلية تفيض ثناياها بحقول دلالية عدة منها الوفاء والتضحية والصبر والخيانة، وكلها عناصر لفظية استدعت ملحن هذه التحفة الفنية أبوتاج رشيد للإشتغال على إبراز وصياغة هذه الوحدات الدلالية، متوسلا بأدوات نغمية تتماهى مع هذه اللغة الإبداعية، ومستعيرا لمقامات أصيلة قادرة على تحرير هذه المعاني من عقالها، وإيصال رسائلها الصادقة تعبيريا إلى الجمهور المتلقي بكل ما استطاعه من حرص وإجادة. 
ثم جاء صوت المطربة القديرة صباح الزيداني ليرصد كل همسة وكل لمسة فنية سابحة بين سحابات النظم والنغم لتبصمها ببصمتها الخاصة، وتصبغ على متنها ولحنها حِسًّا أدائيا ساحرا ترجم بوفاء ما وطَّنته القصيدة في وجدان المطربة من جمالية وصدق ، وكأنها تقمصت بوح الشاعرة وتلبستها طقوس النغم فجعلت منهما مرآة لنفسها، مرآة طيعة وقادرة على تخصيب هذا المولود الفني الممدود على زند الإبداع.
وكان للتوزيع الموسيقي الباذخ الذي أسند للفنانين يوسف أزلي ووليد مونان كبير الأثر في إلباس هذا العمل حُلّة تامغربييت الصميمة عبر توظيفات آلاتية وإيقاعية وتقنية مبهرة شكلت بحق عصب حياة هذه الأغنية، خاصة وأن هذه اللمسات الفنية جاءت متناغمة مع روح المتن المنظوم، وناقلة بصدق تعبيري مترف العاطفة لما التقطه الموزع الموسيقي من قيم جمالية خلف الحرف المغنى وحوله وما فيه..
إن سر نجاح كل عمل فني يكمن في تجانس وتكامل مخيال الشاعر، وروح الملحن، وتمكن المطرب، وحرفنة الموزع، لذا فأملنا معقود على أن لا يُضيع الجيل الحالي ما تبقى من مقومات الأغنية المغربية الأصيلة، وما زال بارزا من سيفساء أنغامها وإيقاعاتها ورقصاتها التي شكلت بحق مزاود إبداعات رواد العصر الماسي للأغنية المغربية..