الخميس 28 مارس 2024
فن وثقافة

فعاليات تحتفي بالذّكرى الثّامنة لرحيل عموري مبارك رائد فن " القيثارة " 

فعاليات تحتفي بالذّكرى الثّامنة لرحيل عموري مبارك رائد فن " القيثارة "  فعاليات أمازيغية تحيي الذكرى الثامنة لرحيل الفنان عموري مبارك
أحيت فعاليات أمازيغية الذكرى الثامنة لرحيل الفنان عموري مبارك رائد فن القيتارة ومجدد الأغنية الأمازيغية، الفنان عموري مبارك، في حفلين منفصلين، الأول أقيم بمدينة تارودانت، والثاني بمسقط رأسه بدوار "مزغالة" بجماعة أيت مخلوف (تارودانت)، حيث تم الإعلان عن تأسيس مؤسسة عموري مبارك، وحضي  أحمد عموري برئاستها.
كما جرى بالمناسبة بسط حياة الراحل الفنان عموري مبارك في ندوة قاربت مسار الراحل ، أبرزها حسه الإنساني العالي، وعطاؤه اللامتناهي، وسخاؤه في محبة الآخرين، ووفاؤه لأهل دواره، من خلال حفاظه على علاقاته بهم طيلة أيام حياته، وشذرات من سيرته الذاتية التي أنجبت فنانا عصاميا، شق بحر الكلمة واللحن بنجاح، حيث غنى للأرض والانسانية والحب والتسامح.
 ووقف المتدخلون، خلال الندوة ذاتها، على مساره الفني من خلال أغانيه الخالدة، وعلى رأسها أغنية "جانبيي"، لكلمات الشاعر علي صدقي أزايكو، والتي جسّد فيها بنمط موسيقي مميز ثورة في الأغنية المغربية الأمازيغية العصرية، قارب فيها قصة انفصال الإنسان السوسي عن أرضه، وجبال الأطلس وخضرة المراعي، وهجر للعمل بمعامل ومصانع "جانفيليي" ضواحي باريس الفرنسية، حيث الضباب ولون السماء الأسود بالدخان يسطو على المشهد.
 وشكلت مناسبة الاحتفءا بالراحل عموري، في ذكراه الثامنة، مناسبة لتقديم معرض للصور الفوتوغرافية التي التقطت العديد منها، حصريا، بعدسة المصور الصحافي إبراهيم فاضل، في مختلف المناسبات الفنية والخاصة، وفي محطات توثق لمراحل فنية طبعت  مسار الراحل، على غرار مشاركاته في سهرات فنية، وتسجيلات أعماله، ولقاءات مع بعض أصدقائه الفنانين، وصور مرحلة الطفولة والدراسة.
 وفي هذا الصدد، قال عزيز أخنشي ابن أخت الراحل عموري مبارك، بأن الراحل أوصى أن يوارى جثمانه الثرى في مقبرة دوار "مزغالة"، وسنويا يتم إحياء ذكرى رحيله، وسط دواره، وبين أهله وجيرانه. وهو ما استجاب له ثلة من أًصدقاءه ومحبيه كل عام، حيث تم تنظيم سهرة فنية أحياها ثلة من الفنانين، من عائلة وأصدقاء المرحوم، وفي مقدمتهم أخوه الفنان هشام ماسين، والفنان محمد أماعي، اللذان أديا مجموعة من أغاني الراحل، رفقة فرقة جوق مؤسسة بيتهوفن بأكادير، والمكونة من أكثر من ثلاثين فنانا وفنانة.
 
كما شارك في الأمسية الفنية، كل من مجموعة "إيمدوكال"، و الفنان حميد إنرزاف، وحسن العاتي، ومصطفى لارياش، وأحواش المنطقة فيما كانت الشابة زهرة مهبول " تامكروت " ابنة الفنان الأمازيغي الكبير مبارك امكرود على موعد تاريخي مع الحدث من خلال تقديم فقرات هذه الذكرى.
وعاش الراحل عموري مبارك، الذي حلت ذكرى وفاته الثامنة يوم السبت الماضي ، سنة 1951 بدوار مزغالة، الواقع بجماعة آيت مخلوف عمالة واقليم تارودانت جهة سوس ماسة، حياة قاسية في طفولته حيث توفي والداه وهو في سن صغيرة، فاضطر إلى الافتراق عن إخوته بعد أن عهد به إلى مؤسسة خيرية، وفيها اكتشف موهبته في الغناء والموسيقى والعزف.
وبدأ مبارك عموري، الذي اشتغل في صغره راعيا للغنم، مساره الفني، مع مجموعة سوس فايف التي كانت تغني باللغة الفرنسية والإنجليزية والعربية، قبل أن ينضم في سنوات السبعينات إلى مجموعة أوسمان " البرق بالعربية " التي كانت أول مجموعة أمازيغية تدخل عالم المجموعات في المغرب، إلى جانب ناس الغيوان وجيل جيلالة ولمشاهب وتابغاينوست، وشكلت حين تأسيسها ثورة فنية بامتياز، لاعتمادها آلات حديثة مثل القيثارة التي كان عموري أول فنان أمازيغي يوظف نغماتها في الأغنية الأمازيغية التي تعتمد أكثر على آلة لوتار والرباب.
وغادر عموري مبارك أوسمان ليشق طريقه منفردا وكان يعشق الفن والغناء بل يتنفسهما، لكنه كان يحب التجديد والتحديث بدل التمسك بتلابيب الماضي والتقليد، وقدم بصمته في مجال الموسيقى الأمازيغية بعد أن أتى بإبداعات جديدة، لذلك لقبه النقاد والمتتبعون والجمهور بالفنان المجدد، حيث كانت أغانيه تدور حول مواضيع السلام والتعايش والتسامح والمحبة، كما كان ملتزما أيضا بالقضية الأمازيغية التي كانت حاضرة بقوة في أعماله وكان شديد الاهتمام بتراث فن الروايس، مثلما كان شديد الإعجاب بالحاج بلعيد، أيقونة الأغنية الأمازيغية.
وكان عموري مبارك فنانا زاهدا في المال والشهرة والأضواء ولم يكن يعير اهتماما لكل ما هو مادي. فالمقربون منه يجمعون أيضا أن الرجل كان إنسانا فريدا في طباعه، وفيا لأصدقائه وأهله الذين أحبوه قيد حياته وظلوا أوفياء لذكراه بعد رحيله، زيادة على أنه كان فنانا متميزا متمردا بفنه والنمط الموسيقي الذي اختاره لنفسه وميزه بين مختلف أبناء جيله من الفنانين الأمازيغ..  كما كان المرحوم مثقفا وقارئا كما يقول ابن أخته هشام ماسين الذي يشتري له الجرائد اليومية وخصوصا الناطقة باللغة الفرنسية واضاف ماسين ان خاله يحب مصادقة الكتاب والأدباء، ومن بينهم ابن ازرو واضوم بتافراوت الأديب محمد خير الدين رحمه الله، الذي كان من بين الكتاب المغاربة المقربين إليه.