الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف لهلالي: "الحلم ليس مستحيلا" يقول المغرب للعرب وأفريقيا

يوسف لهلالي: "الحلم ليس مستحيلا" يقول المغرب للعرب وأفريقيا يوسف لهلالي

"الحلم ليس  مستحيلا" هذه العبارة رددها المدرب وليد  الركراكي  ولم تأخذ في البداية بجدية ، الجميع  تعامل معها في البداية مجرد تصريح  كباقي عشرات التصاريح والتي يدلي بها مدربو الفرق المشاركة  في كأسى  العالم بقطر, لكن  الركراكي  ومنتخبه  يأخذنا الى  حلم حقيقي ، يتمني كل المغاربة وكل العرب وكل الأفارقة ان لا نستيقض  منه حتى وصول النهاية  والعودة بالكأس  الى البلد  والى العرب وللأفارقة، فهذه المنطقة  رغم  قدم ممارسة  كرة القدم الشعبية بها ظلت مظلومة  وعلى الهامش في هذه اللعبة التي  كانت تحتكرها بعض بلدان اوروبا الغربية وأمريكا الجنوبية.

اليوم يحمل المنتخب المغربي طموح أجيال متعددة من المغرب كانت تنتظر هذه اللحظة التاريخية  في تاريخ اللعبة المغربية التي  انتجت  في تاريخها نجوما عالميين  مثل بنبارك  مع مرسيليا الذي يسمى  الجوهرة السوداء  الذي يعتبر اول عربي وافريقي  يوقع عقدا احترافيا في ذلك التاريخ ، وهي  شخصيات رياضية  لا يعرفها الجيل الحالي منها اقصبي  الذي لعب  لفريق صداد دورانس، عبد الله ملاكا  بفريق مالاكا ومصطفى البطاش واللائحة طويلة لأول المغاربة الذين احترفوا باوربا .

 طريق  هذا الحلم  المغربي كان طويلا وواكبه عمل كبير ، وما قام به المغرب  ومنتخبة من تألق استثنائي وتاريخي  لم يأتي صدفة  او بفعل الحظ، بل هو نتيجة عمل جاد وطويل  سواء  في مجال تكوين الكفاءات البشرية وفي مجال تطوير هذه اللعبة الشعبية رغم التعثرات، هو جبار من خلال البنية التحتية  التي تم تحديثها والملاعب  التي تم إحداثها بالمدن الكبرى و أكاديميات  ودوري احترافي  وتوفير إمكانيات كبيرة ، جعلت الفرق المحلية في السنوات الأخيرة تحصد العديد من الألقاب  وهي مجهودات بدأت تعطي ثمارها, مسيرة  العمل والكد كانت طويلة، والعمل التقني  مهم ولن ادخل في تفاصيله لانه ليس من اختصاصي. لهذا فحلم المغرب  بالعودة بكأس العالم  هو مشروع  ومعه  البلدان  العربية والافريقية التي استتمررت في هذا المجال ،رغم تواضع إمكانيات اغلب بلدانها، وهو نفس الوضع بالعالم العربي الذي تعتبر به هذه  الكرة شعبية وهو ما عكسته  الاحتفالات التي  انتشرت  بكل بقاع العالم العربي. وفجر الفرح الشعبي والتلقائي الذي يبين ان الشعوب العربية يجمعها أكثر مما يفرقها على بعض الخصومات السياسية. المغرب يجد نفسه مثل سنة 1986ٍ يلعب دور الريادة  في مجال الكرة كما كان في السابق ويمثل طموح العرب والافارقة ويجعل الجميع  يعتقد بإمكانيات  تحقق الحلم والاحتفاظ بالكأس عند العرب. او لم تقل قطر " ان الكأس هي كأس العرب" وان المونديال هو مونديال العرب ، فليكن، ولنربح هذه الكأس لتكون عربية وافريقية  خاصة في وجه الذي  تكالبوا على هذا البلد، واستعملوا كل  إعلامهم  لضرب هذا الاحتفال العالمي الذي يتم ببلد عربي ، وفر أحسن ما في  العالم  من تقنيات  جديدة  وصديقة للبيئة من  اجل احتضان  كأس عالم  مثالي، والذي عرف كيف يربح التحدي ويقارع الكبار في هذا المجال، سوف يبقى في تاريخ الفيفا ككأس عربية  ومونديال عربي. طبعا النجاج الذي حققه المنتخب المغربي  لعبت فيه قطر بتنظيمها وترحيبها وفتحها للابواب  لكل المغاربة والعرب والأفارقة ، وسهلت وصولهم لدعم  المنتخب المغربي الذي شعر انه يلعب ويتنافس ببلده وليس في الخارج، بل ان المنتخبات التي كانت تواجه المغرب كلها في الدور الأول والادوار اللا حقة  وجدت نفسها  تلعب مع منتخب  يستضيف على  أرضه بقطر، التي احتضنت المغرب   بالدعم  المعنوي والفعلي, شكرا لقطر على  هذا الترحاب،  وهذا الكرم العربي الذي ليس غريبا على اهل العرب, وكانت قيادة قطر تبعث بعد كل مناسبة  إشارات الدعم والترحيب وكان امير قطر الشيخ تميم  بن حمد  ال ثاني  بنفسه وإفراد عائلته يحملون العلم المغرب بعد كل فوز. تعبيرا  عن الدعم  والحب والتقدير  للمغرب وأهل المغرب. بهذا السلوك تقول  قطر للجميع ندعم المغرب وندعم الكأس  لتكون مغربية عربية افريقية. شيء اخر، تم إعادة اكتشافه في كأس العالم العربية هذه هو التضامن العربي، بعد ان اعتقدنا  ان  مفهوم التضامن العربي  حتى على مستوى الخطاب انتهى مع الناصرية  ومع البعث بالعراق لكن التضامن العربي هذه المرة كان عفويا وشعبيا وكيف ان شعوب العالم العربي من الخليج الى المحيط  اعتبرت المنتخب المغربي منتخبها وان انتصاره هو انتصارها جميعا  وشعرت بالفخر بعد كل  انتصاره  يحققه في هذه المسيرة الصعبة.

أكتشف الجميع  شعار المغرب  "منبث الاحرار، مشرق الانوار..." وكيف  أضاءت  الانوار المغربية  دوحة العرب  من الماء حتى الماء. وكيف كانت فلسطين حاضرة بقوة وفي  ادهان كل المشاركين ،ورفرفت الاعلام  الفلسطينية  بشكل  جعل الاعلام الإسرائيلي ينسحب  ويستنتج ان السلام  الحقيقي يكون  بحقوق الفلسطنيين  كل حقوقهم وارضهم  وعاصمتهم القدس. اكتشف الاعلام الاسرئلي ان القضية الفلسطينية حاضرة وبقوة في  وجدان العرب . وكان تجاوب أهل غزة والضفة مع المقابلات  هو دليل على ان هذه الكأس هي عربية بكل المقاييس.

هذه الكأس كانت كرويا  كأس لكل العرب، رغم الخروج المبكر لأغلب فرقها، فهي حققت إنجازات  وانتصارات  على اكبر المنتخبات العالمية، السعودية انتصرت على الارجنتين احد المرشحين  وتونس على  فرنسا حاملة اللقب وهو فال خير للمنتخب المغربي الذي يلتقي فرنسا في نصف النهائي . بعد ان اخرج منتخبات مرشحة مثل بلجيكا واسبانيا والبرتغال رغم  نجومهم في هذه اللعبة. فقطر بتنظيمها احسن كأس عالم لكرة القدم،  دفعت باقي الدول العربية او المنتخبات العربية المشاركة برفع التحدي  والمشاركة بجدية ومقارعة اكبر المنتخبات.

سوف نحتفظ  بكأس العالم  لتكون عربية  في هذه الدورة في  دوحة العرب ،  بصورة إيجابية  وستحفر في ذاكرتنا، كأس عالم  عربي ناجح ومبهر من حيث التنظيم  ومن حيث الفرجة، كأس العالم تألقت به  المنتخبات العربية وبخاصة  المغربي  رغم تعثر المنتخب المضيف.  المنتخب المغربي  جسد الوحدة العربية والتضامن العربي، ورأينا المصالحة تعم بلدان الخليج العربي في انتظار دور منطقة  المغرب العربي.

مونديال قطر  ساهم في بروز  مدرسة مغربية لكرة القدم في المونديال ترتكز على القتالية امام كل المنتخبات كيفما كانت قوتها، واستعمال القيم المحلية لتحميس اللاعبين  والقتال من اجل العائلة والوطن  برضاء الولدين  والنية  ستكون كأس العالم عربية وافريقية  .

هذا التميز والتخلص من عقدة النقص واعتماد الأطر الوطنية في مجال الكرة، يجب ان ينتقل الى مجالنا الاقتصادي وفي مختلف المجالات  هو حافز  لدفع بكل القطاعات من اجل  التميز  الذي أصبح مغرييا وهي ثقة تنقص أبناء المنطقة, شكرا للمنتخب  المغربي على هذا المسار الاستثنائي والتاريخي وشكرا لقطرالتي نعتز كعرب  بتنظيمها  أحسن كأس عالم في تاريخ هذه اللعبة الشعبية .