الاثنين 6 مايو 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: المغرب يقتص لإفريقيا ويضعها في المربع الذهبي

محمد الشمسي: المغرب يقتص لإفريقيا ويضعها في المربع الذهبي محمد الشمسي
هو أول كأس عالم في تاريخها الكروي تحضر فيه إفريقيا في المربع الذهبي، أحرز لإفريقيا هذا المجد ابنها البار الشمالي المغرب الذي اقتص لقارته المظلومة كرويا، كما المظلومة سياسيا واقتصاديا، وهاهو يبوئها المكانة التي تليق بها...
لا زلنا تحت هول الاندهاش، ولا زلنا نزغرد ونمرح ونحتفل غير مصدقين أننا نخرج الأقوياء تباعا، وأننا نخطو رويدا رويدا صوب البوديوم، الأقوياء الذين اكتشفنا أن أحجامهم مثل بالونات الصغار، منفوخة بهواء بلا وزن، الأقوياء الذين حان وقتهم ليذوقوا من كأس الإخفاق، منهم من لم يفهم ما جرى، ومنهم من بكى، ومنهم من استقال، وآخر قال ما قال، لكن هيهات ينفعه قوله في ما قال، لا زلنا لم نصدق أن وليد الركراكي بصلعته الملساء وبسمته العذراء هو آلة لإنتاج الفرحة والفرجة، فهذا الرجل أينما "يدير يدو تنزل البركة"، وكأن معه"جْواد" يتمردون على  قانون اللعبة، هذا المدرب الذي أفحم المحللين المطبلين لمن يصنفونهم كبارا، ولا يكترثون لمن يرونهم صغارا، حتى قلب الصغار الملعب على الكبار.
هي بهجة مغربية الجنسية، لكنها بشارة قارة كلها، فالمغرب أبهج إفريقيا من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، وإفريقيا حق لها أن تفتخر بما أحرزه ولدها المغرب، فهنيئا لإفريقيا بمغربها الذي قاد غزوته للثأر لقارته في المكسيك، وحقق لها سنتها مساحة لابأس بها، بعدما كانت قارة النجوم تمثل في المحفل العالمي بمنتخب وحيد،  ثم حاول المغرب بعد ذلك في أمريكا وفرنسا وروسيا إلى أن تحقق ما تحقق له ولإفريقيا في قطر، وكان ما تحقق أكبر من الحلم نفسه، وإفريقيا تستحق أن تكون ضمن أسياد الكرة، فهي قارة تعج بالمواهب التي تشتت بين المنتخبات الأوروبية التي صنعت بها مجدا كرويا مزيفا، كما تعج إفريقيا بالثروات التي تستغلها فئة قليلة حرمت القارة الثرية من كل نجاح...  
شكرا لأسود الأطلس، شكرا لوليد الركراكي ولنخبته التي وثق فيها وحمّلها أمانة اسم وقميص المغرب وتاريخ قارة، شكرا لطاقمه المساعد، وشكرا للجماهير التي أسعفتها ظروفها لشد الرحال إلى قطر، وشكرا لدولة قطر التي كانت فأل خير على المغرب، ولو أني أتحفظ على قياس الرياضة بميزان السلالة والعرق أو الدين، شكرا لجلالة الملك الذي أبى إلا أن يخرج بدوره ليقاسم الفرحين فرحة الإنجاز، فكانت خرجته سندا معنويا قويا أتت أكلها في هدوء وسكينة ساهمت في تخطي عقبة البرتغال، شكرا للنقل التلفزي الذي جعلنا في قلب الحدث رغم بعد المسافة، لن يزيدنا الفوز بالكأس سعادة فوق سعادتنا، لأننا وصلنا بالسعادة والفرح حد التخمة...