الثلاثاء 16 إبريل 2024
فن وثقافة

سلوى الجوهري: عار أن أعيش في البطالة والمغرب يسير في اتجاه محاربة الفقر

سلوى الجوهري: عار أن أعيش في البطالة والمغرب يسير في اتجاه محاربة الفقر

ظهرت الفنانة سلوى الجوهري، مؤخرا، على شاشة «ميدي آن تيفي»، لكن ليس ضمن سيناريو أحداث مسلسل أو فيلم تلفزيوني أو «سيتكوم» أو مسرحية، بل في برنامج تلفزي «قصة الناس»، يحكي فيه ضيوف الإعلامية نهاد بن عكيدة همومهم ومشاكلهم. إطلالة صدمت فيها جمهورها، وتأسف لها الكثيرون، وكرَّست مقولة «هادي ماشي بلاد الفن». سلوى غدرت بها نكبات الزمن وتقلباته، وعمقت جراحها قلة ذات اليد، وأصبح اليوم بالنسبة لها نقيض الأمس. «الوطن الآن» التقتها، وكان هذا الحوار..

 

حاورها: رشيد صفر

 

+ انتظر الجمهور أن يشاهدك في مسلسل أو فيلم تلفزيوني أو مسرحية لكنك ظهرت مؤخرا في البرنامج الاجتماعي «قصة الناس». ألم يكن من الأفضل الظهور في عمل فني عوض برنامج يعرض هموم الناس؟

- ظهوري في هذا البرنامج جاء نتيجة لمعاناتي، وأنا واحدة من الناس. أنا فنانة وممثلة من حقي أن أشتغل في الميدان الفني، لست متطفلة على الميدان، حصلت على عدة جوائز، مثلت المغرب في هولاندا ومصر، وأحمل في كياني ووجداني مسيرة فنية طويلة... فحرام.. حرام أن أتعرض للتهميش وأنا فنانة مغربية حاصلة على بطاقة التعريف الوطنية وفخورة بالانتماء لهذا الوطن. لم أربط علاقة عاطفية مع مخرج كي

أشتغل في التمثيل.. وبدايتي امتدت لسنوات عديدة.

 + لنعد بك إلى الماضي ونسترجع رفقتك شريط الذكريات ولحظات البداية. متى وأين كانت بدايتك الفنية؟

- كانت البداية في المعهد الألماني بالبيضاء رفقة مجموعة من الوجوه الفنية. فقد كان هذا المعهد يشهد تنظيم أنشطة ثقافية تتنوع بين المسرح والموسيقى. وكان برفقتنا الفنانتان رجاء بلمليح ونادية أيوب، في مجال الموسيقى والغناء، إضافة إلى ماجدة بدر الدين زوجة العربي باطما وكانت تـُمارس المسرح والموسيقى. كنت رفقة مجموعة من الفنانين نمارس التشخيص المسرحي، فنصحنا بعض المهتمين بمسيرتنا الفنية بالالتحاق بمعهد «الزيراوي» لصقل موهبتنا. كان ذلك في موسم 1977 و1978، وكان أستاذنا آنذاك بالمعهد هو صلاح الدين بن موسى. شاركنا في عدة أنشطة فنية في دور الشباب وفي العديد من المهرجانات.

 + إلى حدود فترة ممارسة الأنشطة الفنية بدار الشباب، كنتم تمارسون الفن عموما والمسرح بالخصوص على مستوى الهواية. متى التحقت بسفينة الاحتراف؟

- احترافي مجال التمثيل كان في سنة 1980 ضمن عناصر فرقة مسرح «الثمانين»رفقة كل من سعد الله عزيز وخديجة أسد. اشتغلت مع هذه الفرقة في مسرحية «النخوة على الخوى» مشخصة دور خادمة تُسير وتتحكم في دواليب العائلة التي تعرض المسرحية قصتها، وقد أسند إلي هذا الدور بعد أن حصلت على جائزة أحسن ممثلة في مهرجان المسرحيات القصيرة، وكان يحتضنه المسرح البلدي الذي تمَّ هدمُه. وكنت أيضا قد شاركت في بطولة فيلم «لالة شافية» للمخرج محمد التازي، وسني لا يتجاوز 15 أو 16 سنة. حينها كان المغرب يعرف ثورة سينمائية وتنافسا مهما بين المخرجين المغاربة وكان ذلك بالضبط في سنة 1981.

 + خلال فترة بروزك كممثلة مسرحية تشق طريقها نحو النجومية، شاهدك الجمهور في عدة أعمال تلفزيونية، فهل ضحيت بالمسرح من أجل التلفزيون؟

- لا.. أبدا.. لقد كنت أوفق بين مشاركاتي في المسرح والتلفزيون، إذ انطلقت مسيرتي ضمن فرقة «الفنانين المتحدين» مع محمد الخلفي، ولا يمكنني أن أحصي لك عدد مشاركاتي مع هذه الفرقة التي تفرغت معها للعمل المسرحي. وإلى جانب ذلك كنت أشارك في أدوار بطولية داخل أعمال تلفزيونية كمسلسل «ستة من ستين» و«خمسة وخميس». وتوالت الأعمال التلفزيونية والمسرحية..

 + في هذه الفترة التي يصفها الفنانون المغاربة من أبناء جيلك بالعصر الذهبي، كيف كانت الوضعية الاجتماعية لسلوى الجوهري؟

- آنذاك كانت فرص الشغل في المجال الفني جد متوفرة، وكانت المداخيل مُستقرة، ولم نكن نخشى أو نحس بالأزمة، وكنا نسمع من حين لآخر أنه سوف يتم إحداث شركات للإنتاج، وسوف تتضاعف الأعمال الفنية وستتزايد معها فرص الشغل أكثر. لم نكن نعرف الفراغ الفني. كنت أشارك في تصوير المسلسلات التلفزيونية، وأقدم مسرحيات كثيرة... وكنت أظن أن الوضع سيستمر بهذه الوتيرة وهذا الكم من فرص الشغل، إلى حين بداية عمل شركات الإنتاج. وما وقع هو أني ارتكبت خطأ أعترف به، إذ لم أكن أتقدم لـ «الكاستينغ»..

 + (مقاطعا) لماذا لم تكوني تتقدمين لـ «الكاستينغ»؟

- كنت أقول إن من يُريدني أن أشتغل في عمل فني سوف ينادي علي، وكانت قناعتي حينها نابعة من منطلق أني ممثلة لها جمهورها ومعروفة ولا تحتاج لـ «كاستينغ». في تلك الفترة ضيعت تقريبا 3 سنوات من عمري الفني. بعدها بدأت أتقدم لـ «الكاستينغ» لكني كنت أبدو كالغريبة وكأن لا أحد يعرفني. لم أحصل على فرص الشغل في السنوات الأخيرة، فتراكمت علي المشاكل وعانيت كثيرا من قساوة وقهر الزمن. وما زاد من تعميق الأزمة هو كبر سني ومرضي. ومع جسامة مسؤولية تربية ابنتي، (هي الآن والحمد لله مقبلة على الزواج)، أصابني اليأس والإرهاق النفسي. أنا مطلقة من مدير المسرح البلدي سابقا عبد اللطيف الزيادي، توفيت والدتي، وعانيت مشاكل عائلية بسبب تنكر القريب والبعيد.

 + أثناء تفعيل إجراءات دفاتر التحملات الخاصة بقطاع الإنتاج التلفزيوني، الذي جاء حسب ديباجته لخلق نوع من الشفافية وتكريس مبدأ تكافؤ الفرص، هل تمت المناداة عليك من طرف الشركات الخاصة للمشاركة في تقديم أعمال فنية؟

- لا .. لم أتلق الدعوة منذ بداية العمل بدفاتر التحملات، ولا ألوم المسؤولين الكبار، بل ألوم أولئك الذين يتوسطون بينهم وبين الفنانين. لا أنكر أني تلقيت مؤخرا دعوة للمشاركة في عمل تلفزيوني، لم أحصل على دور مهم، لكن ما يهمني هو أن أشتغل وأوفر قوت العيش ومصاريف الحياة كي لا أتعرض للإفراغ من محل سكني. عندما تعاقدت مع هذه الشركة أخبروني -حسب العقد- أني سأشارك في خمس حلقات في الفترة الممتدة ما بين 20 مارس الماضي و10 أبريل الجاري، لم أشارك سوى في حلقة وحيدة وفترة العقد توشك على الانتهاء، والثمن جد هزيل. سوف أنتظر وأملي أن تنتهي الأمور على خير.

 + هل أنت حاصلة على بطاقة الفنان؟ وهل حققت هذه البطاقة شيئا يُذكر للفنان؟

- حصلت على بطاقة الفنان في أول مرة، والثانية لم أحصل عليها، ولا أود الحصول عليها لأنها لم تحقق ما كنا نصبو إليه. قبل ثلاث سنوات كنت أود الانخراط في التعاضدية (الخاصة بالتغطية الصحية)، على اعتبار أنها شرط للحصول على البطاقة، لكني لا أتوفر على مبلغ الانخراط. بطاقة الفنان كانت مشروعا تعود نشأته لفترة الوزير محمد الأشعري وتم تطبيقها في فترة تقلد منصب وزارة الثقافة من طرف الفنانة ثريا جبران، وكان أن جمعنا الأستاذ حسن النفالي على مستوى النقابة، وأخبرنا أنها (بطاقة الفنان) ستفرض اشتغال المحترفين بنسبة مهمة وبانتظام والفنانين الجدد بنسبة معقولة. لكن شيئا من ذلك لم يحدث.

 + (مقاطعا) وما الذي حدث؟

- تفاجأنا أن العديد ممن يشتغلون في الميدان الفني غير حاصلين على بطاقة الفنان. لقد ندمت على مسيرتي الفنية. لو أني اخترت حرفة أو مجالا آخر، على الأقل كنت سأحصل على معاش يحميني من المشاكل التي يسببها الفقر والحاجة وقلة ذات اليد، عيب أن أعيش البطالة والفقر، والمغرب يسير في اتجاه محاربة الفقر.