الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

معركة طويلة لـ"الأطفال المسروقين" في عهد فرانكو في اسبانيا

معركة طويلة لـ"الأطفال المسروقين" في عهد فرانكو في اسبانيا الأطفال المخطوفون كانوا من عائلات لا تناصر نظام فرانكو
بعد عمليات بحث طويلة وتحليل للحمض النووي لرفات نبشت، باتت ماريا خوسيه بيكو روبليس على قناعة بأن شقيقتها التوأم هي واحدة من عدد كبير من "الأطفال المسروقين" في عهد نظام الجنرال فرانكو في اسبانيا.
أشارت ماريا خوسيه (60 عاما) التي تعمل في مستشفى إلى الحفرة الجماعية في مقبرة أليكانتي (جنوب شرق)، موضحة أنه كان من المفترض بحسب الرواية الرسمية أن تكون أختها مدفونة هناك.
وروت السيدة لوكالة فرانس برس "أبلغت والدتي أن شقيقتي توفيت بعد يومين على ولادتها (في 1962) ولم يسمح لها برؤية جثمانها ولا بدفنها".
ومنذ حوالى عشر سنوات عندما كشفت أولى قضايا "أطفال مسروقين" في البلاد، سيطر "الشك" و"القلق" على ماريا خوسيه ووالداها إذ تساءلوا إن لم يكونوا هم أيضا ضحايا هذه الفضيحة.
وبدأوا جمع الوثائق المشوبة بالمخالفات قبل اللجوء إلى القضاء الذي أمر في 2013 بنبش الرفات من القبور.
منذ ذلك الحين، تتابع ماريا خوسيه التي ترأس جمعية مكرسة للأطفال المسروقين، بحثها بلا كلل.
فقد أودعت حمضها النووي في عدد من بنوك المورثات على أمل أن تكون أختها شككت في أصولها وفعلت الأمر نفسه.
وقالت "الحمض النووي هو أملنا" مؤكدة أنها تصلي "لتلقي مكالمة يوما ما" من مختبر.
أقر مجلس الشيوخ الاسباني بشكل نهائي خلال الأسبوع الجاري نصا اساسيا للحكومة اليسارية يعترف للمرة الأولى بالمولودين الذين خ طفوا من عائلاتهم خلال الحرب الأهلية (1936-1939) والديكتاتورية (1939-1975) كضحايا لنظام فرانكو.
وخلال القمع الذي تلى النزاع، كان الهدف من هذه السرقات التي اصبحت جزءا من المؤسسة، انتزاع أطفال من نساء جمهوريات مت همات بنقل "جينات" الماركسية إليهم.
لكنها طالت بعد ذلك اعتبارا من خمسينات القرن الماضي المولودين خارج إطار الزواج أو لأسر فقيرة أو كبيرة.
في أغلب الأحيان وبتواطؤ من الكنيسة، كانت تعلن وفاتهم بعد الولادة من دون تقديم دليل للوالدين، ثم يتم تبنيهم من قبل أزواج غير قادرين على الإنجاب وبشكل عام قريبين من النظام "القومي الكاثوليكي" بقيادة فرانكو.
بعد وفاة فرانكو في 1975 استمر الاتجار بالأطفال لأغراض مالية خصوصا، حتى 1987 عند إقرار قانون يعزز الرقابة على التبني.
كذلك حدثت سرقات مماثلة في ظل الدكتاتورية العسكرية في الأرجنتين أو في عهد بينوشيه في تشيلي. ففي الأرجنتين، تقدر منظمة "جدات ساحة مايو" عدد الذين ولدوا لأمهات مسجونات وتم تسليمهم بشكل غير قانوني إلى أشخاص آخرين بأقل من 500 طفل بقليل.
ولا تتوفر في اسبانيا تقديرا رسمية لعدد "الأطفال المسروقين" لكن جمعيات الضحايا تتحدث عن آلاف الأطفال.
وتفيد تقديرات للقضاء الاسباني في 2008 بأن أكثر من ثلاثين ألف طفل من أبناء جمهوريين ماتوا أو أسروا خلال الحرب الأهلية، وقد يكون عدد منهم "س رقوا"، وضعوا تحت وصاية عائلات بقرار من دولة فرانكو خلال فترة 1944-1954 وحدها.
تم تسجيل 2136 شكوى بشأن هذا الموضوع في إسبانيا بين 2011 و 2019 لكن لم يفض أي منها إلى نتيجة بسبب تقادم الوقائع بصورة خاصة.
وعلى الرغم من تعثر المسألة أمام القضاء، تمكن بعض الإسبان النادرين مثل ماريو فيدال من العثور على آثار عائلاتهم بمعجزة.
قال فيدال (57 عاما) "أخبرني والدي بالتبني أنهم دفعوا 125 ألف بيزيتا (725 يورو) ليتبنوني". واضاف هذا الفني والمهندس المعماري المقيم في دينيا (جنوب شرق) أنه بدأ في 2011 البحث عن والديه البيولوجيين.
وأجرى أبحاثا على مدى ثلاث سنوات في أرشيف وثائق منطقة مدريد حيث ولد، فتمكن من معرفة اسم والدته.. لكنها كانت قد توفيت قبل 16 عام ا.
قال فيدال "كان أحد أصعب أيام حياتي" مؤكد ا أنه ممزق بين "الشعور بالرضا" بمعرفة أصوله و"الضربة القاسية" التي شكلتها معرفته بوفاتها.
وأنجبته والدته التي كانت تنتمي إلى عائلة محافظة جدا، في الثالث والعشرين من عمرها خارج إطار الزواج. وتكشف وثيقة رسمية أنها تخلت عنه لكن قريبا له أبلغه بأنها حاولت مرات عدة استعادته من دار الأيتام لكنها منعت من ذلك بل وسجنت بسببه.
بعد ذلك، تمكن ماريو من العثور على أخيه غير الشقيق الذي توفي بعد ثلاث سنوات، لكنه لا يعرف حتى اليوم من هو والده البيولوجي.
وقال "نحن أبناء حقبة كان الذين يتولون السلطة فيها يمارسونها كما يحلو لهم".