السبت 20 إبريل 2024
مجتمع

رحيل فاتح الدوسي أحد رواد التربية والتعليم والمجتمع المدني

رحيل فاتح الدوسي أحد رواد التربية والتعليم والمجتمع المدني الراحل فاتح الدوسي ومشهد من لحظة وفاء للفقيد
انتقل إلى عفو الله، الأربعاء 31 غشت 2022، فاتح الدوسي؛ أحد رواد التربية والتعليم بالمغرب والمجتمع المدني عن عمر 86 سنة، ووري جثمانه الثرى بعد صلاة الظهر في مقبرة شالة بالرباط بحضور  حشد من رفاقه وتلامذته من قطاع التعليم والعمل الجمعوي. 
يعد المرحوم الدوسي الكاتب العام لجمعية تنمية التعاون المدرسي الذي تحمل عدة مسؤوليات بوزارة التربية الوطنية، من بين الأطر الأولى للجمعية المغربية لتربية الشبيبة AMEJ ومن مؤسسي جمعية والمخيمات الصيفية المدرسية، ومن مؤسسي التعليم المندمج بالمغرب، وأحد المساهمين في وضع مفهوم وتحديد ماهية المسرح المدرسي وأهدافه واعداد الدليل التربوي والاداري للتعاونيات المدرسية.
وعبر الشاعر فريد مسناوي عن الأمل في أن يجرى جمع  وتوثيق " الكنز المعرفي المكتوب في الأوراق والدفاتر والاجندة، في كتب واصدارات، تعطي للعمل التعاوني والتربوي قيمة مضافة تغنى به المشهد الثقافي ببلادنا" موضحا أن الراحل واكب الى جانب محمد الحيحي مربي الأجيال، " عصرا ذهبيا في العمل التطوعي الجاد ، همه خدمة الناشئة بروح وطنية عالية مجردة من المصلحة والشوفينية وملهمة بحب الوطن".
وفي ما يلي نص المداخلة التي ألقاها المرحوم فاتح الدوسي في ندوة "استراتيجية  النضال التربوي في مجال الكفولة والشباب" " التي نظمتها في 27 مارس 2015حلقة الوفاء لذاكرة محمد الحيحي بالرباط، والتي تناول فيها بالخصوص  دور المجتمع المدني في بدايات الاستقلال:
 
" إنني أشكر إخواني شكرا جزيلا على تنظيم هذا اللقاء الهام إحياء لذكرى أحد الفاعلين في تنظيم المجتمع المدني ببلادنا ...فلكم مني جميل الثناء على إتاحة هذه الفرصة للحديث عن الأستاذ محمد الحيحي موضوع هذا اللقاء المبارك رحمه الله، وسأتناول الحديث عنه من خلال إسهاماته الكبرى في إعداد وتربية النشء المغربي ...فالأستاذ محمد الحيحي، هذا القامة التربوية الفاعلة في تأسيس الإطار العملي لتشكيل آليات تنظيم المجتمع المدني في وطننا العزيز، في حقبة صعبة، ولجها هو ومجموعة من الشباب في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات منذ القرن الماضي، واستمروا في تشييد صرحها لبنة منذ الانطلاقة الأولى رغم الصعاب المحدقة بهم من كل اتجاه إلى ان تبلورت وتجلت للعيان في بداية الاستقلال ...
    إن الأستاذ محمد الحيحي رحمه الله كان من الشباب الحازم من أمره، الملتزم في عمله، من اجل خدمة هذا الوطن العزيز، ضمن زمرة من الشباب مثيلة له في التنشئة والسلوك، والذين لا يمكن أن نحصر عددهم في العشرات أو المئات أو الآلاف، فعددهم كثير وظل ينمو ويكبر حتى غطي جانبا مهما من حاجة الوطن في يومنا هذا. أجل أيها الأخوات والإخوة.. إن أهم وأجل صرح يمكن ان ينشأ في وطن ما، هو تنظيم وتنشيط وتفعيل المجتمع المدني...
    فإن كان الأستاذ محمد الحيحي رحمه الله ورفاقه من أمثال الأستاذ عبد السلام بناني رحمه الله و الأستاذ محمد بنسعيد اطال الله في عمره، والأستاذ عبد اللطيف بناني ومحمد السملالي وبوبكر بن الجيلالي ومحمد بنعبد الجليل والعربي لحلو لرحمه الله، والأستاذ عبد الحفيظ مولين ومحمد اليوسفي ... وزميلهم الأستاذ الطيبي بن عمر رحمه الله... وعدد كبير من جيلهم، والجيل الثاني الذين منهم من قضى نحبه ومنهم من لازال على قيد الحياة يساهم حسب استطاعته نظرا لسنه.
أيها السيدات والسادة 
   إن الحدث عن أهمية مساهمات هذا الرجل المتميز، القوي في شخصه، الطيب في سلوكه، الملتزم في فكره، الغزير في إبداعاته، الذي عمل بجد وتطوع وإخلاص ضمن ثلة الرجال المربين والمبدعين المخلصين من رفقاء دربه، الذين شاركوه في مسيرة التنظيم والإنشاء وتشكيل جماعات الشباب المغربي في حقبة صعبة من أيام الاستعمار المقيت.
    إن عمل هؤلاء الرواد جميعا الأحياء منهم والأموات رحمة الله عليهم، تكتنفه الصعوبات من حيث تحديد المفهوم العام للعمل، ومن حيث تخطيط مجالاته... والعمل المستميت المتواصل في استقطاب وتنشيط رواده من الطفولة والشباب.
أيها السيدات والسادة 
 إننا عندما نذكر عمليات التفكير والتخطيط والتفعيل في هذا التنظيم يتبادر إلى أذهاننا عدة أسئلة، لتوصيف كيف استطاعوا تحقيق هذا المشروع التربوي النضالي الهام. 
ومن الأسئلة التي يمكن أن تخطر ببالنا، ما يلي على سبيل المثال:
1- كيف تسنى لهذه المجموعة الاهتداء إلى فكرة تنظيم المجتمع المدني في هذه الفترة العصيبة من الزمان. 
2- ماهي النتائج التي توخت قطفها هذه الجماعة من التنظيم .
3- كيف وضعوا الخطط لأنشطة تنظيمهم.
4- كيف تصوروا أهدافه القريبة والبعيدة.
5- وبالتالي، كيف واجهوا المستعمر المتعجرف، في القيام بخلق هذا التنظيم الصعب، الذي لم يكن يسمح لأي كان في مجرد التفكير فيه، فبالأحرى أن يقوم بأي نشاط مهما كان بسيطا يتعلق به حتى ولو كانت له صلة بعيدة بموضوعاته.
أيها السيدات والسادة .
إن الجواب عن هذه التساؤلات وما يشبهها ، كما قال الشاعر: 
               كل صعب على الفتى يهون        هكذا همة الرجال تكون
كانت همة هؤلاء الرجال ومن بينهم الأستاذ محمد الحيحي، تتجلى في قوة إيمانهم بأن المسألة هي اكبر ... لأنها قضية...وهذه القضية أجل وأعظم...لأنها تتعلق بوضع الوطن، وما يعانيه أبناؤه المواطنون من محن وضنك في العيش من طغيان الاستعمار المتجبر المتكبر.
لكن رغم كل ذلك فإن الوطن له أشاوس ورجالات من أعلى رأس في الوطن حتى أحدث مولود فيه تلكم الصعاب راكمت عدة سلوكيات حمقاء مشينة للمستعمر.. أثارت غضب الشعب برمته، وحفزته من خلال قاداته في تلك الحقبة الصعبة للتفكير في تنظيم الصفوف على مستوى سائر المواطنين الكبار والشباب والطفولة ...خارج السلطة الاستعمارية. من خلال خلق عدة أنشطة سرية مناسبة لكل فئة عمرية من المواطنين.
إن هؤلاء الشباب، الرجال الأشاوس ذوي الهمة العالية، هم من تلاميذ المناضل الشهيد المهدي بن بركة في الوطنية، الذي قام وأشرف شخصيا على إعدادهم وتكوينهم بمساهمة عدد من زملائه قادة الحركة الوطنية آنذاك.
وقد كانت الأعمال الجبارة التي قام بها الأستاذ محمد الحيحي رحمه الله ورفاقه هي من أعظم وأجل الأعمال النضالية، وهي نتيجة ما تلقوه وما اكتسبوه من تكوين وإعداد من أستاذهم المناضل المتميز الشهيد المهدي بن بركة، فبرهنوا من خلال ذلك على قدرتهم المتميزة، ومن أهم الميادين التي و نجتها هذه المجموعة في مواجهة الاستعمار المتجبر على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :
1- اختراق العصب وجماعات تسيير مختلفة الرياضات، منها عصبة كرة القدم، حيث أنشئت فرق مغربية وألحقت بعصبة كرة القدم، منها فرق الوداد بالدار البيضاء، وفرقة الرباط سلا، بمدينة الرباط وفرق مثيلة لهما بفاس ومراكش وغيرها (هذا في بداية الأربعينيات، من القرن الماضي) وكذا إدماج الكثير من الرياضيين المغاربة في العاب القوى وسباق الدراجات والملاكمة، وكرة السلة وغيرها. وتوج هذا الاختراق بإحداث عصبة لكرة القدم انتظمت فيها فرق على مستوى الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش...خرج من رحمها عدة فرق أدمجت في العصب الرسمية منها الفتح الرباطي والرجاء البيضاوي والماص الفاسي، وفرق أخرى أدمجت بعدد من المدن...
2- أما في المجال التربـوي فقد تأسست عدة مدارس حـرة بمختلف المدن المغــربية  ( الرباط -الدار البيضاء - فاس - مراكش، وغيرها ). اعتمد في تسييرها الفريق المناضل الذي امن بينهم الأستاذ محمد الحيحي، هؤلاء الذين نالوا حظا كافيا من التكوين والإعداد ، فأبرزوا في مهامهم ما اكتسبوه من خبرات وتجارب في إدراج عدة أنشطة تربوية كانت اللبنة الأساسية لوضع برامج متكاملة ، اشتملت أنشطة في الأعمال اليدوية، وأنشطة فنية متنوعة من فنون التشكيل والزخرفة والتزيين، وأنشطة ثقافية متنوعة في القراءة ومصاحبة الكتاب. وفنون النشر وإعداد المجالات المستنسخة. وأنشطة الألعاب التمثيلية والمسرح. وأنشطة الألعاب والمسابقات الرياضية هذه الأنشطة حظيت بعناية كبيرة من طرف المؤطرين وحظيت بإقبال كبير من طرف المستهدفين من الأطفال والشباب . على مستوى المدارس الحرة والمخيمات التي كانت تنظم باسم هذه المؤسسات في أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينيات . أحرز المغرب غلى استقلاله.
أيها السيدات والسادة : 
إن أغلب رفاق الأستاذ محمد الحيحي رحمه الله اشتغلوا في التعليم، وهذا ما سهل اتصالهم بأهم المؤشرات في تنشئة الأطفال والشباب. فكانوا يشكلون أحد الأطراف الهامة في هذه العملية التعليمية التي هي : (الأستاذ - التلميذ - المنهاج ). وساعد ذلك على براعتهم وتكوينهم في الميدان البيداغوجي من خلال ما اكتسبوه من خبرات ومهارات تربوية أثناء اشتغالهم، فطوروا طرقهم وأساليب عملهم . فأبدعوا في إغناء طرقهم البيداغوجية من خلال إدماج الأنشطة التربوية التطبيقية التي كانت ينظر إليها كعمليات تكميلية. لكنه عن طريق الممارسة وحلقات التجريب. أدركوا على أن عمليات أساسية لابد من ممارستها، ولابد من إدراجها ضمن المناهج التعليمية لاكتمال نجاعة ونجاح العملية التربوية على مستوى المدرسة بصفة خاصة وعلى كافة مستويات التنشيط بالمنتديات والمخيمات بصفة عامة.
أيها السيدات الكريمات والسادة الكرام :
إجلالا لهذه المناسبة، وتقديرا لروادها وقادات مسيرات. اسمحوا لي أن أتقد أمامكم بهذا الاقتراح المتواضع عله يساعد على...
إعطاء هذه الجلسة المباركة، التي استرجعنا فيها جميعنا أجواء حقبات من تاريخنا التي أبلى في ثلة من الشباب المناضل آنذاك بلاء حسنا من أجل وضع تصورات تربوية، يمكن أن نتدارسها بعمق وإمعان للإسهام في بناء المدرسة المغربية. ومنتديات الطفولة والشباب والمخيمات على اختلاف أنواعها وأن الدافع إلى تقديم هذا الاقتراح ما أتلمسه وما يتلمسه جميع المهنيين والفاعلين في الحقل التربوي...
والاقتراح المتواضع أيها السيدات والسادة ينبني على إخراج مثل هذه التظاهرات واللقاءات التكريمية والتربوية من روتين الخطب والكلمات والإطراء والتعظيم والتبجيل اللفظي في حق الرواد الفاعلين المحتفى بهم. وحتى نكون عمليين مع آثارهم ومخالفوه لنا، لابد أن نجعلهم عملا وفعلا وقدوة بتقدير ما تركوه لنا وما أبدعوه للنهوض بالتربية بكيفية شمولية في بلادنا سواء ما يخص المدرسة وما يخص المخيمات على أنواعها .أو ما يهم النادي أو ما تحتاجه دور الشباب.... وبرامج الجمعيات والمنظمات والمؤسسات التربوية وجميع تنظيمات المجتمع المدني وختاما أقدم ما يلي ملخص الاقتراح المتواضع الذي أتمنى أن يحظى بقبولكم وهو ك الآتي: 
رجائي أن يعمل الفريق المنظم لهذه التظاهرة على تشكيل لجنة تنظيمية تتخذ من موضوع هذا اللقاء انطلاقة لتكوين لجنة تعمل على إعداد ورقة عمل مستقاة مما عرض في هذه اللكمة لوضع برنامج شامل يتضمن كل الأنشطة التي اشتغل عليها الأستاذ محمد الحيحي ورفاقه والأطر والفعاليات التي جاءت بعدهم، وتعتمد أيضا على جميع ما تراكم من الوثائق المكتوبة والمسموعة والمصورة وأشرطة الفيديو التي تجمع كل الأنشطة المتراكمة لذا الجمعيات والأفراد من الفاعلين التربويين الذين يحتاجون الاشتراك والإسهام في هذا المشروع ومن خلال هذه الوثائق سنتمكن جميعا من وضع برامج وخطط للعمل في مجالات النشاط ومجالات التكوين وباعتماد ما سنحصل عليه من دلائل وبطاقات فنية متنوعة فاعلة التي سنستخرجها من هذا المخزون الكبير ... وستوضع كل النتائج المذكورة رهن إشارة كل العاملين في الميدان للنهوض به وإحلاله المكانة اللائقة . بعد إحداث وتنظيم الإطار العملي المشترك بين جميع من شكل اتحاد وكونفدرالية لضبط المسيرة وضمان استمرارها".