الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

عبد السلام المساوي: زوبيدة جبارة.. البطلة 

عبد السلام المساوي: زوبيدة جبارة.. البطلة  تكريما للبطلة المتعددة الإختصاصات زبيدة جبارة أيقونة الشرق
مساء يوم السبت 6 غشت 2022 ، بالقاعة المغطاة للرياضيات ولي العهد الأمير مولاي الحسن بوجدة، مع النائبة البرلمانية والفاعلة الجمعوية ذات الامتداد الواسع والإشعاع المجتمعي في جهة الشرق وفي كل جهات المملكة، لالة لطيفة شريف في تجمع رياضي تكريما للبطلة المتعددة الإختصاصات زبيدة جبارة؛ أيقونة الشرق بها نعتز ونفتخر ونباهي بطلات العام ...
المرأة التي تستحق ألف تحية ، ألف احترام وألف تقدير هي زبيدة جبارة ، وحدها ولا أحد غيرها ... وجدة عانقت الحداثة من باب أنها أنجبت زوبيدة التي عانقت رفعة المواطنة.  
زوبيدة جبارة:  
1963 بطلة المغرب في القفز الطولي ، أول ميدالية لشرق المغرب ؛
1969بطلة المغرب في القفز الطولي ، الثانية في رمي الجلة ؛
1969لاعبة دولية في كرة السلة ؛ 
لاعبة دولية في كرة اليد ؛ 
حزام أسود في الجيدو ؛ 
لاعبة تنيس ؛ 
يحق لنا أن نبتهج أن هذه الأرض أعطت هكذا ثمار....أعطت  زوبيدة جبارة.  
هي امرأة استثنائية بنجاحها ... هي امرأة نبتت في تربة هذا البلد، خرجت من قاع المغرب ... من شرقه ... من  وجدة ... المرأة التي انسلت منسحبة من الأضواء إلى التمدد في احترامنا لها، هي من ملأت حياتها بلا دوي، بالوقوف هادئة في مواجهة الصخب ...زوبيدة  وليس أحد غيرها ... لا تزاحم أحدا على "مساحة" ولا على "تفاحة"... بإرادتها وإصرارها نسجت نسيجها الميز.
كعادة ألأنهار، تنزل من القمم لتسقي السهول، انحدرت زوبيدة من الشرق، لتصبح منذ طفولتها امرأة ممسكة بزمام مسار حياتها، حملت في صدرها كبرياء القمم وإصرار الأنهار على المضي قدما مهما صعبت المسالك، تشق مجراها بصبر وثبات، إذ لم يكن من السهل على يافعة مثلها أن تلتحف أحلامها وتنتعل طموحها، وتتعطر بوعيها الرياضي المبكر، وتضرب في الأرض " منتصبة القامة مرفوع الهامة "؛... محصنة أخلاقيا وفكريا ... البطولة هي العنوان .
اقتحمت زوبيدة الوجود بكثير من الارادة وبكثير من الأمل ...تأتي في زمن مغربي صعب وعسير ...تأتي لتبشر بعودة " السبع السمان "  منتصرة على " السبع العجاف " ، لتملأ ارضنا خصبا ، وبيادرنا حبا وحبا ...تأتي لتهدي شموخا للمرأة بالشرق...جمعتنا الفرحة بولادتها في زمن القحط والعقم ، واحتفلنا بألحان النشيد الوطني...رقصنا ( رقصة الركادة ) مستقبلين ميلاد بنت ستمتلك فن صيانة الذات ، الاعتماد على النفس ، مقاومة كل الأنماط الاستسلامية الارتكاسية في الوجود....قد يكون الميلاد حلوا ...انما المستقبل أحلى ...تأتي زوبيدة لتكسر الصمت وتحطم المألوف ، لتخرج عن المعتاد وتدمر سلطان العادة الطاغي ، لترفض الجهل والخنوع وتناضل للعدالة والكرامة ...لتسمو عن دونية الحريم وخسة " العيالات والولايا "  وتعانق شموخ الانسان وكبرياء المرأة...
منذ بداية البدايات عشقت الرياضة وداعبت الكرة ...عز عليها ان تسقط فتستجيب لطيور الظلام ...عز عليها ان تخفي وجهها الصبوح بأقنعة قذرة ...لم تطق لها سقوطا لهذا اقتحمت قطار الرياضة مهما غضب السيد والجلاد ...أصرت على ان تبقى الراية مرفوعة والوردة مزهرة حتى وان كان الزمن زمن جهل ورداءة ...اذن فلا خوف علينا اذا ادلهمت بنا الافاق من ان لا نجد بطلة مقتدرة تنبهنا وتهدينا ...فان زوبيدة التي أطلقت في زمن الصمت صرخة ، قادرة على جعل النساء يعشقن الرياضة ....
تتصف زوبيدة بكل خصال البطلة  التواقة الى النجاح ؛ بخصال نظرية وسلوكية كاليقظة العالية والاحتراز ، والتقدم بخطوات محسوبة ، دون تسرع ودون تهور ، وتجنب السقوط في الاستفزاز ورد الفعل ، ورفض الانسياق وراء العواطف والأهواء مهما كانت نبيلة...
تعطرت بوعي رياضي  مبكر ، وضربت في الأرض في مرحلة حرجة من تاريخ المغرب ...في سن مبكرة بدأ تشكل الوعي الرياضي والانخراط في الاختيار الصحيح ...اختارت ان تكون بطلة ...
شكلت وما زالت قيمة مضافة للرياضة المغربية ...تحاصرها اسراب البوم كليالي النفاق طالعة من جحور القبيلة فتلقاها معتصمة باختيارها ...البطلة صاحبة قضية ، وعلى زوبيدة ان تواجه الامواج والاعصار ...فهذه قناعتها وهذا واجبها....وهذه مهمتها..والا فليرحل من هذا العالم الذي في حاجة الى العواطف النبيلة وشيء من التضحية ...هكذا نرى البطلة زوبيدة  ترى الاشياء ...وهكذا نتصورها تتصور العالم الذي نحن فيه ...فليخجل من انفسهم أولئك الذين يحصدون ونحن الزارعون ....شافاكم الله ! لكم التين ولنا الزيتون ، وبين التين والزيتون ، امنت سعاد ان الرياضة ليس شعارا يرفع ولا صفة للتزيين ، بل إنها قناعة انطولوجية تشكل قناعة فكرية والتزاما وطنيا...هذا جوهر كينونتها وعنوان هويتها ...التحدي هو سيد الميدان ...وقفت زوبيدة فوق خشبة الحياة وأعلنت أنها بطلة ...
بعد طفولة هادئة باللون الأبيض والأسود ، بالجدية وشيء من الشغب ،تصطحب ظلها لمواجهة المجهول...لمجابهة المثبطات ، لعناق الامل ، ودائما تحمل في كفها دفاتر وورودا ، وفي ذهنها أفكار ومبادرات ، وعلى كتفها مهام ومسؤوليات ، فهي تكره الفراغ...ان الزمان الفارغ يعدي الناس بفراغه ...وحين يكون الشعور هامدا والاحساس ثابتا ، يكون الوعي متحركا ...وعي بأن الحياة خير وشر ..مد وجزر...مجد وانحطاط ...ولكن هناك حيث توجد الإرادة ويكون الطموح ...تكون المبادرة ويكون التحدي ...تكون الطريق المؤدية إلى النتائج ...وتقول زوبيدة جبارة:" لا تهمني الحفر ولا اعيرها اي انتباه " ...منذ بداية البدايات كشفت عن موهبة تمتلك قدرة النجاح ، في الرياضة، وتظل دائما ودوما متمسكة بطموح النجاح في المجال  الذي يؤثث مسارها؛ الرياضة : ألعاب القوى ، التنيس ، الباسكيط ...
تكره اللغة السوداوية والنزعة العدمية ...تكره الأسلوب المتشائم ولغة الياس والتيئيس ...لا...هي امرأة جد  متفائلة ، والعينان تعبران بالابتسامة عن هذا التفاؤل ...وهذا الطموح ...وهذا الحب اللامشروط للمغرب رغم الكابة في السماء والأسى لدى الاخرين ...قد يكون الماضي حلوا إنما المستقبل احلى...
تقوم فلسفة زوبيدة  في الأداء الرياضي  على مبدأ الانتماء ، فهي مشبعة بهذا المبدأ وترى أن الشعور بالانتماء هو مكمن الإحساس بالمسؤولية ومحرك المردودية وحافز الغيرة على الوطن  وبطارية المبادرة والتفاني في القيام بالمهام المطلوبة ، بل إنها تعتقد واثقة ان الانتماء الحقيقي للوطن يبدأ من الانتماء الصادق للحقل والمؤسسة التي تمثل حقل خدمة الوطن ....
ان الرياضة هي فن المراكمة الصبورة وتحضير الطفرات النوعية بالعمل الطويل النفس الخاضع للتقييم الدوري ، لا الاستاذية المتعالية على واقع الرياصة المعطى تاريخيا ، هنا والان ، وعبرة الرياضة الحقيقية هي بنتائجها وليس بالنيات وان كانت للنيات وجاهتها الأخلاقية.
لحسن حظنا لم يعد هناك ذو عقل بعد كل هذا ، ان يعلو كرسي الاستاذية ليفتي الفتاوى ويوزع النقط والميداليات ويقرر في لائحة الفائزين والراسبين في مسار بناء الرياضة ..
زوبيدة جبارة  بطلة وجدية ، ومواطنة وطنية....إنها مغربية......انها  تنتمي مطاوعة لكنهت لا ترضخ ...اختيارا لا قسرا ...تنسجم بيد أنها لا تذوب ...هي ذات فرادى واختلاف ...تحوم سماوات العالم الرياضي ولا تهيم ، وتعود مثقلة بالميداليات والبطولات لتبشر بغد جميل لمغرب جميل بأبطاله وبطلاته....
لزوبيدة حضور رياضي  قوي ، حضور ينشدها كل يوم ويذكرها ،بل ويغنيها ويتصاعد في تناغم مع مسار بطولي  ...هي اصلا تربت ضد الصمت ..تربت على كره النفاق والغدر ..وهي طفلة ، وهي تنمو ، نما فيها كره الاختفاء وراء الأقنعة ...مترفعة في لحظات الهرولة ...واثقة في زمن التيه ...مؤمنة بان النجاح والتتويج والبطولةاجتهاد وعمل...وان الرياضة اختيار والتزام ...
تلقت تربية نزعت منها للابد الإحساس بالخوف والاستسلام ...وزرعت فيها الإمساك بزمام مسار حياتها مهما كانت العراقيل والعوائق ...تربية زرعت فيها الصمود والتصدي ...تنفست عبق تربية هادفة ومسؤولة ...تربية تعتمد الجدية والصرامة مرات وتعلن الليونة والمرونة مرات ..
بالرغم من انها غادرت عمر الزهور ، فإنها ما زالت محتفظة ببريقها وديناميتها ، باناقتها وتالقها ، فزوبيدة التي تمرست بالتداريب الرياضية ما زالت متمسكة بوهج الحياة ...صفة الشباب تلازمها اينما حلت وارتحلت...فاعلة ديناميكية...تتمتع بخاصية فريدة في التواصل والمرح التي لا تخفي جديتها وصرامتها  ،...عنيدة مثل جغرافية المغرب ...
انسانة بشوشة في طيبوبتها ، وطيبة ببشاشتها ...قوية بهدوئها ، وهادئة  بقوتها ...هكذا كما نعرفها، اسمها زوبيدة  ...اجتماعية بطبعها...وما اسهل تاقلمها في المجال اذا ارادت بمحض إرادتها ، دون أن تخضع لأي أمر او قرار ...تحب المبادرات والأعمال التضامنية ...وتقول " لا " لإعطاء الدروس بالمجان...