الجمعة 29 مارس 2024
اقتصاد

محمد العبوبي: وعود حُكومة أخنوش المُغْرِية تَتحوَّلُ تدريجيا إلى سَرَابٍ

محمد العبوبي: وعود حُكومة أخنوش المُغْرِية تَتحوَّلُ تدريجيا إلى سَرَابٍ عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ومحمد العبوبي (يسارا)
يكاد يجمع أغلب المتتبعين على أن حكومة عزيز أخنوش في أشهرها الأولى تعد من أسوأ الحكومات في تاريخ المغرب الحديث. فعلى عكس التفاؤل الشعبي الذي رافق حكومة عبد الإله بنكيران أو حكومة عبر الرحمان اليوسفي، تميز مستهل الولاية الحكومية الحالية بسخط شعبي عارم واحتجاجات على القرارات المتخذة من قبيل تسقيف سن التوظيف في التعليم  وفرض جواز التلقيح وجعله مرتبطا بالخدمات العمومية والحقوق الفردية ووقوف الحكومة عاجزة عن مواجهة الارتفاعات الغير المسبوقة في أسعار المحروقات والمواد الاستهلاكية، إضافة إلى ضعف مهول في التواصل السياسي خاصة في القضايا الحساسة والملحة بالنسبة للمواطنين.

وعود انتخابية مُغرية تتحول تدريجيا إلى سَراب
خلال الحملة الانتخابية التي سبقت انتخابات 8 شتنبر 2021 لم يتردد عزيز أخنوش وحزبه التجمع الوطني للأحرار في تقديم العديد من الوعود الانتخابية السخية تحت عنوان "تساهل أحسن".

 ومن أبرز هذه الوعود خلق مليون منصب شغل مباشر من أجل إنعاش الاقتصاد، الرفع من أجور المدرسين إلى 7500 درهم كأجرة صافية شهريا عند بداية مسارهم المهني، مضاعفة ميزانية الصحة ومراجعة التعويضات الممنوحة للأطباء، احداث مدخول الكرامة لفائدة المسنين الذين تفوق أعمارهم 65 سنة (1000 درهم شهريا)، تعميم الاستفادة من التقاعد لكل العاملين بمن فيهم المزاولين حاليا في القطاع غير المهيكل... إلى غير ذلك من الوعود المغرية التي لا يتسع المجال لسردها هنا كاملة والتي تكاد تتحول يوما بعد يوم إلى سراب يصعب تحقيقه.

مؤشرات اقتصادية واجتماعية مقلقة وتفاعل حكومي ضعيف.
ومما لا شك فيه، أن الوضع الإجتماعي اليوم بالمغرب مقلق جدا، فهناك تقديرات تشير إلى أن ملايين المغاربة باتوا يعيشون تحت خط الفقر بسبب موجة غلاء الأسعار غير المسبوقة وتداعيات الجفاف وارتفاع معدل البطالة الذي أصبح في حدود 12,3 %. ففي التقرير الدوري الصادر خلال شهر أبريل الجاري عن المنذوبية السامية للتخطيط، كشفت 75,6 % من الأسر المغربية المستجوبة عن تدهور مستوى معيشتها، وقد زادت عدة عوامل محلية ودولية من تأزم الوضع حيث أشارت المنذوبية السامية إلى أن التضخم قفز إلى 3,6 % في نهاية شهر مارس الماضي وهو مستوى غير مسبوق منذ أربعين عاما. وقد كان بنك المغرب قد توقع أن يرتفع التضخم في نهاية العام الحالي إلى 4,7 % بعدما كان في العام الماضي في حدود 1,4% وهو ما دفع والي البنك إلى إثارة المخاطر التي يمثلها ذلك بالنسبة لادخار الأسر.

 من "تستاهلوا أحسن" إلى "الغالب الله"
وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطنون حلولا مبتكرة لمواجهة الوضعية الصعبة التي يعيشونها، تبدو الحكومة عاجزة عن سن الإجراءات المناسبة واتخاذ اللازم منها، حيث يتبين يوما بعد يوم أن الوعود التي قدمت خلال الحملة الانتخابية شيء، والتطبيق شيء آخر، ويحل تدريجيا شعار "الغالب الله" محل شعار "تستاهلوا أحسن". وهو ما اعترف به  رئيس الحكومة صراحة في آخر اجتماع شهري للأغلبية الحكومية حين قال بأنه "لا يملك عصا سحرية لحل المشاكل القائمة".

وأمام هذا الوضع، توقع بعض المراقبين أن يكون هناك تعديل حكومي وشيك، كما توقع آخرون تعزيز الأغلبية الحكومية بحزب جديد، وهي أخبار تبقى لحد الآن غير مؤكدة، لكن الشيء الوحيد الذي صار يتأكد يوما بعد يوم هو أن المغرب أخلف موعده مع التاريخ في الثامن من شتنبر 2021 ...!.
 
محمد العبوبي/ أستاذ جامعي في الاقتصاد بجامعة ابن زهر ـ أكادير