Sunday 14 December 2025
كتاب الرأي

جمال الدين ريان: مغاربة العالم والتسجيل في اللوائح الانتخابية: عبثٌ دستوري أم مسرحية ديمقراطية؟

جمال الدين ريان: مغاربة العالم والتسجيل في اللوائح الانتخابية: عبثٌ دستوري أم مسرحية ديمقراطية؟ جمال الدين ريان 
بينما تتغنى السلطات المغربية في كل مناسبة بدور مغاربةالعالم، وتطلق على أبنائها "سفراء الوطن"، تظل هذه العبارات مجرد شعارات جوفاء عند أول اختبار حقيقي للديمقراطية: حق التصويت والترشح في الانتخابات الوطنية. فما جدوى دعوة مغاربة العالم للتسجيل في اللوائح الانتخابية وهم محرومون فعلياً من ممارسة هذا الحق الدستوري؟ أهو استهزاء بالعقول أم عبث بمبادئ المواطنة؟
إن دعوة مغاربة العالم للتسجيل في اللوائح الانتخابية ليست سوى مسرحية سياسية هزلية. كيف يعقل أن يُطلب من ملايين المواطنين المغتربين ملء استمارات وتحديث بياناتهم، بينما هم يدركون جيداً أن أصواتهم لا وزن لها، وحقوقهم السياسية مجرد حبر على ورق؟ أليس هذا نوعاً من العبث الإداري وتبديد للثقة في المؤسسات؟
ينص الدستور المغربي صراحة في الفصل 17( يتمتع المغاربة المقيمون في الخارج بحقوق المواطنة كاملة، بما فيها حق التصويت والترشيح في الانتخابات. ويمكنهم تقديم ترشيحاتهم للانتخابات على مستوى اللوائح والدوائر الانتخابية ،المحلية والجهوية والوطنية. ويحدد القانون المعايير الخاصة بالأهلية للانتخاب وحالات التنافي. كما يحدد شروط وكيفيات الممارسة الفعلية لحق التصويت وحق الترشيح، انطلاقا من بلدان الإقامة). على أن لكل مواطن، أينما وجد، الحق في المشاركة السياسية، لكن التطبيق على أرض الواقع يضرب هذا الحق عرض الحائط. الأعذار تتكرر: "صعوبات لوجيستية"، "إشكالات تقنية"، "ظروف استثنائية". كلها حجج واهية تخفي وراءها إرادة سياسية واضحة في تهميش مغاربة العالم وتحويلهم إلى مجرد مصدر للتحويلات المالية لا أكثر.
من المفارقات الصارخة أن الدولة المغربية تتغنى بقوة مغاربة العالم وتفانيهم في دعم الاقتصاد الوطني، لكنها في المقابل تمارس تجاههم إقصاءً سياسياً ممنهجاً. كيف يقبل المنطق أن يُحرم مغربي في باريس أو مدريد أو أمستردام من ممارسة حقه في التصويت، بينما يُطلب منه في الوقت ذاته الإسهام في تنمية البلاد؟ أليس هذا قمة التناقض والنفاق السياسي؟
لقد تعب مغاربة العالم من الشعارات الفارغة والمبادرات الصورية. إن استمرار حرمانهم من حقوقهم الدستورية، رغم كل الوعود، يهدد بتآكل ثقتهم في الوطن ويعمق فجوة الاغتراب. التسجيل في اللوائح الانتخابية دون تمكين فعلي من حق التصويت، ليس سوى إهانة جديدة تضاف إلى سجل الاستهتار بحقوق مغاربةالعالم. هل يستيقظ الضمير السياسي يوماً… أم أن العبث مستمر بلا نهاية؟