الخميس 18 إبريل 2024
منبر أنفاس

شادي بخاري: حديث عن فيلم إدريس الروخ "جرادة مالحة "

شادي بخاري: حديث عن فيلم إدريس الروخ "جرادة مالحة " إدريس الروخ
فيلم "جرادة مالحة" لمخرجه دريس الروخ، الفيلم الذي شارك بالمهرجان الدولي لسينما المؤلف بالرباط، والحائز على عدة جوائز في مهرجانات دولية.
إنه الفيلم الذي لا يقيم حاجزا بينه و بين المشاهد له، بل إنه يخلق حوارا مستمرا مع المشاهد، هذا الأخير لا يشاهد فقط فيلما بقاعة السينما بل يشارك في كتابة سيناريوهات متعددة، إنها العلاقة الديمقراطية بين من يملك السيناريو الواحد و من يملك سيناريوهات متعددة، بين المخرج والمشاهد، التعدد هنا جاء كنتيجة للقيمة الإبداعية و السينمائية لفيلم دريس الروخ .
المشاهد تائه في كرسيه بسينما la renaissance ليس بمقدوره التعلق بشخصية معينة في الفيلم، الكل يبحث عن طمأنينة مفقودة عن الثبات والفرجوية، إلا أن هذا الفلم كسر الكلاسيكي والمألوف، لعب المتعدد الدور الرئيس في الفلم في ما كان الواحد منبودا يبحث عنه الجميع ..
هذا النزوح الجماعي نحو الثابت و اليقيني هو ما عمل دريس الروخ على خلخلته، بفلم متعدد النهايات وبشخصيات قليلة لعبت دورها في خلق إمكانات جديدة للخيال وأفقا لا سقفا لنهاية واحدة ..
فيلم جرادة مالحة لا يرتكن الظل كباقي الأفلام التي ألفها الجمهور بقدر ما جعل شخصية رانيا شخصية مزدوجة؛ إنها هي هي وفي الآن ذاته ليست هي هي ، إنها جسد بذاكرة مصطنعة مختبريا ، ذاكرة ليست لها تحملها عن طريق الجسد وتعبر عنها من خلال الجسد .. وعي معكوس لواقع معكوس تعيشه رانيا تلك الشابة التي تعاني عنفا مزدوجا، عنف الواقع و عنف من قبل حفنة من مبرمجي الأدمغة البشرية، يطمحون الوصول إلى أشخاص يتحكمون بهم، كانت رانيا الضحية/البطلة التي دارت حكاية الفلم حولها، ستصير رانيا رئيسة لجماعة ما .. ليس المهم هنا طبيعة الجماعة بقدر ما يهمنا هو النهايات المتعددة لفيلم دريس الروخ، لحظة ظلام أخرى، في المرة هاته يصعد الجينيريك ..
ليس للفيلم طريق مستقيم لفهامة واحدة، بل نهايات على شاكلة مدارات طرقية ومنعرجات، سيشاهد يساري الفيلم ويخال له أن الطبقة المالكة تصنع شخصياتها السياسية وتتحكم بها، وسيفهم لبيرالي فهامة أخرى عن الحداثة و الحريات .. سيشاهد أحدهم الفيلم سينفجر ضاحكا منه لكن لو لم يضحك لما كان الفيلم هو هو .
 
‪ شادي بخاري، طالب بشعبتي الفلسفة والصحافة بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة