الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

يوسف غريب: وأخيرا، انتصر الجنرال.. اتركوا الجنرال ينام

يوسف غريب: وأخيرا، انتصر الجنرال.. اتركوا الجنرال ينام يوسف غريب

للأمانة.. فالعنوان يعود إلى حكاية سمعتها بداية مشواري المهني تعود إلى معلم -فئة العرفاء- اسمه يحيى، لم ينجح في امتحان شهادة الكفاءة إلا في آخر سنة من عمره المهني رغم المحاولات المتكررة.. وعندما أخبر بالنتيجة صاح صيحته المشهورة.. وسط الساحة.. (وأخيراً نجح يحيى)...

وعلى الرغم من أن السياق مختلف، فإن صورة الجنرال وبزيّه العسكري المزيّنة بالنياشين، وهو يحتضن بحنان وعطف الكأس مع بسمة طفولية جد معبّرة على لحظة فرح كبرى، مرددا بداخله بشكل تناغمي (.. وأخيراً انتصر الجنرال).

طبعاً.. انتصر الجنرال على العدو الكلاسيكي.. وهو العسكري الذي شارك في المعارك الحربية الميدانية ضد هذا العدو وانهزم فيها..

كان في حرب الرمال فوقع أسيراً..

وعاد من جديد وهو عازم على الثأر لأنفته.. فوقع في الأسر مرة ثانية بمعركة أمغالا الأولى..

وعاد إلى تندوف بالضبط من أجل إعادة الكرة مرة ثالثة لولا اتفاقية وقف إطلاق النار..

ومع مرور السنوات.. وعقارب العمر تتسارع نحو العجز وعدم القدرة تولّد لدى الجنرال الأسير الخوف من أن يدركه الموت دون أن يحقق اي انتصار على عدوه الكلاسيكي..

أي انتصار كيفما كان نوعه أو وزنه.. فلا قيمة لذلك..

يكفي أن يصل إلى مسامعه أن الجزائر انتصرت على المغرب في بطولة عربية بفريق الرديف كي تعمّ الفرحة أجواء البلاد..

يكفي لهذه النتيجة التي تحولت فيها الأهداف إلى صواريخ.. والنتيجة إلى انتصار تاريخي.. والهزيمة بصيغة النكراء التي سيسجلها التاريخ بمداد شهداء التحرير!!..

يكفي لمقابلة بسيطة عادية أن تطلق الأداة الإعلامية العسكرية جملة من الإشاعات عبر صور وفيديوهات مفبركة، منها أن سكان الصحراء خرجوا لمناصرة الجزائر..

والقيادة الفلسطينية احتفلت بانتصاره على المغرب.. وقبل المقابلة الترويج لحكم إسرائيلي بقيادة المقابلة.. ووو...

كل هذا المناخ من أجل إرضاء الجنرال لعل ذلك يساعده على شفائه من مرض العدو الكلاسيكي..

لذلك قدّم له الكأس قبل الرئيس أو ما يفترض انه الرئيس..

نعم الكأس العربية بيديْ الجنرال وببذلته العسكرية.. مبتسماً...

هي الصورة التي غطّت أغلبية الصحف والمواقع.. ولا عزاء للمغرضين والخونة الذين يتساءلون عن تواجد العسكر أصلا في حفل رياضي مدني صرف..

لا عزاء لهم مادام الهدف هو إرضاء الجنرال.. والمساهمة في شفائه.. وتحقيق أمنيته الأبدية..

اتركوه يفرح باللعبة.. فلعل ذلك سيساعد على رفع حالة الطوارئ التي عرفتها مختلف الوحدات العسكرية منذ أسطورة الشاحنتين.. وستعود الآليات الحربية الثقيلة التي تم الترويج اليه بالحدود الشرقية لبلدنا..

اتركوا الجنرال ينام لأول مرة بهدوء مع لعبته بقية ليالي عمره..

ففي ذلك رحمة لنا ولغيرنا..

وشقاء وحزن وشفقة لشعب الجنرال...