الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

عبد الغني السلماني يرصد رحلة الطيب بياض إلى أرض التنين

عبد الغني السلماني يرصد رحلة الطيب بياض إلى أرض التنين غلاف الكتاب يتوسط الطيب بياض (يمينا) وعبد الغني السلماني

عن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة عين الشق الدار البيضاء، صدرت الطبعة الأولى من كتاب "اكتشاف الصين.. رحلة أكاديمي مغربي إلى أرض التنين" للكاتب الطيب بياض، يحكي فيها عن الصين، ويوثق لرحلة قادته إلى أرض التنين، بلغة سردية جميلة تشدك لتتبع الفضاءات والشخوص. بوح يُبهر القارئ بصدقية الحكي والتفاصيل والاستطرادات التي تمر من كل الفضاءات، من قلعة ظهر المهراز بفاس، مرورا بفرنسا، وصولا إلى الصين؛ رحلة ترصد حالة الصينيين وطباعهم وتطلعاتهم.

 

الطيب بياض بهذا العمل الشيق يقرب القارئ إلى عوالم لا يعرف عنها الكثير، إنه حفيد ابن بطوطة كما وصفه مدير معهد كونفوشيوس بالدار البيضاء.

 

لقد ارتكز الادراك الصيني للتحوّلات العالمية على الرغبة في حماية تجربة الاصلاح الاقتصادي، والمحافظة على طابعها الخاص، فهي دائما تشتغل لإيجاد الشروط الملائمة لاستمرارها كقوة قائدة ومؤثرة. لكن الطيب بيَاض، كأكاديمي متخصص في التاريخ الاقتصادي، يعرف كيف ينقل القارئ من حقل التاريخ والعلاقات الدولية إلى رحابة الأدب والإبداع واستعارة اللغة. حيث أقول له: فاض بنا العشق وتملكنا الوجد وكأننا في حلقة ذكر وشوق أبدي، رحلة فيها كل شيء، رغم أن الدعوة كانت من قبل الحزب الشيوعي الصيني الذي يستقطب المؤثرين والفاعلين وصناع الرأي عبر العالم العربي من أجل نقل صورة عن بلد الرفيق ماو في زمن تعرف الصين تحولات عميقة.

 

فهو بهذا المنجز لم يكن الباحث الذي يمجد بلد الرحلة، بل كان أمينا في تقاسم لحظات بأسلوب جميل يعطي للمؤرخ فرصة التحليق بالوثيقة إلى درجة الإبداع والنشدان الجميل.. ففي هذا المتن يكون الطيب بياض تجاوز السياسة، وانخرط في عمل تَجِدُ الموقف السياسي في ثنايا الكلمات بدون ضجيج وبرؤية يمتزج فيها العقلاني بالواقعي.

 

رغم الحديث عن رحلة الاكتشاف، فالكاتب لم ينخرط في مدح مجاني أو نقد قاس، بل استطاع أن يتقاسم مع القارئ المفترض عمق العلاقات المغربية الصينية، حضارة البلدين التي تتمتع بغنى ثقافي له تأثيره الكبير على الحضارات الأخرى؛ عبر مسيرة التاريخ، بدءا من طريق الحرير القديم ووصولا إلى رحلات الرحالة المغربي ابن بطوطة إلى الصين والرحالة الصيني وانغ دا يوان إلى المغرب.

 

عموما، وبقراءة سريعة سنجعل هذا الانطباع الأولي، وأعد القراء والمؤلف للعودة لهذا النص الوثيقة من أجل فك أشفاره وتفكيك بياضاته، إنه عمل جاد لا يخلو من مسحة أدبية تجعل من أناقة لغته ضربا من العشق وكأننا نلمس في كلام المؤرخ الطيب دعوة إلى الاهتمام بأدب الرحلة وإعادة الاعتبار له، فالمنجز وثيقة تاريخية هامة تجاوزت في حيثياتها وقضاياها الدراسة الجغرافية والتاريخية إلى دراسة ثقافة مجتمع مختلف، اكتشاف الصين كتاب يُحَبِبُ السفر للمتلقي ويعمق فكرة السفر وفعل السفر باعتباره العنصر المهيمن في الرحلة  كلها، دون استثناء مهما تعددت دوافعها والمرامي الداعية إليها.

 

كتاب جدير بالقراءة سيكون موزعا وموجودا في رفوف مكتبة باب الحكمة بتطوان، وبمكتبات الرباط الألفية الثالثة ودار الأمان، وبمكتبة الجديدة، ابتداء من الخميس 02 دجنبر2021؛ وسيكون أيضا متوفرا بمكتبات الدار البيضاء ومراكش وطنجة وفاس ووجدة وغيرها من المدن.

 

أنصح القارئ في البحث عن الكتاب، فهي فرصة لاكتشاف المؤرخ الطيب بياض كاتبا بأسلوب آخر يمتع القارئين ويستهوي الباحثين...