الاثنين 25 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

عزيز لعويسي: بـيـغـابتـــزاز

عزيز لعويسي: بـيـغـابتـــزاز عزيز لعويسي
خمدت جمرة "بيغاسوس" بسرعة، دون أن تحقق الأهداف المكشوفة التي رسمت لها، في وقت لجأ فيه المغرب مبكرا إلى خيار مقاضاة "العفو الدولية'' و"فوربيدن ستوريز"، بعد أن وضعهما أمام تحدي تقديم الأدلة الموضوعية التي تثبت تورط الأجهزة الاستخباراتية المغربية في فعل التجسس المزعوم باستعمال برنامج "بيغاسوس"، ليتبيـن بالملموس أننا أمام برنامج "بيغابتزاز" واضح ومكشوف ضد المغرب ومؤسساته، بعد أن عجز المبتزون خلال مهلة عشرة أيـام، عن إثبات ما روجوا له من أكاذيب وادعاءات باطلة.
"بيغابتزاز" لم يعد يخفى على أحد، بل كان متوقعا في ظل متغيرات السياق الجيوسياسي الذي كرس المغرب قوة إقليمية باتت مزعجة للكثير من بلدان الجوار الأوربي، وفي سياق ما تمر منه العلاقات الدبلوماسية المغربية مع الإسبان والألمان، من تأزم وتوتــر غير مسبـوق، يفتح شهية العداء والمؤامرة، وإذا كان فعل الابتزاز قد استهدف الاستخبارات المغربية، فهذا معناه أن القوة الاستخباراتية المغربية التي أبانت عن علو كعبها في الكثير من المناسبات، لم يعد ينظر إليها بعين الرضى من قبل الحاقدين والمتربصين، وخاصة من جانب بعض البلدان الأوربية التي يصعب عليها تقبل أن تتحول دولة مغاربية وإفريقية من حجم المغرب إلى قوة استخباراتية تتحكم في "المعلومة" وتمتلك مفاتيح ضمان الأمن الاستراتيجي لأوربـا.
الجهات المبتزة والإعلام القذر الذي يقف وراءها، كانت تراهن على كبح جماح القوة الاستخباراتية المغربية التي جنبت أوربا وأمريكا الكثير من حمامات الدم، والتقليل من شأنها على المستوى الدولي والمساس بصورتها أمام المغاربة عبر الرهان على خطط قذرة ، لم تعد تخفى الأهداف المتحكمة فيها على أحد، وقد ازدادت جرعات القذارة خاصة منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وفي ظل ما حققه المغرب من مكاسب تنموية واقتصادية ومن نجاحات دبلوماسية وعلاقات استراتيجية وازنة، تحول معها إلى "قوة إفريقية " يعترف بها القاصي قبل الداني.
أضحوكة "بيغاسوس" أو "بيغابتزاز" ، لن تتوقف بدون شك، عند هذا الحد، ستظل القوة المغربية في أبعادها الاقتصادية والتنموية والدبلوماسية والاستخباراتية المتناميـة، مسيلة للعاب الأعـداء والحاقدين والمتربصين والعابثين، الذين لن يتـرددوا في إشهار كل الأدوات الحقيرة والأساليب القذرة، للتشويــش على المغرب ومنعه من الحق المشــروع في التخلص من التبعية والتحكم والابتزاز، وإدراك سلطة القرار الاقتصادي والتنمـوي والدبلوماسي والصحي والعسكري والأمني، وعليه، يجب أن نكون على وعي وإدراك أن طريق السيادة، لن يكون إلا شاقا وعسيـرا ومرهقا، لأن دولا كثيـرة متربصة بنا، تريدنا أن نكون بلـدا ضعيفا ومتواضعا متحكما فيه "عن بعـد".
لذلك، علينا أن نؤمن بأحقيتنا كدولة أمة، في التقدم والنماء والازدهار وتملك استقلالية القرار، وهذا، يفرض تقوية الجبهة الداخلية والتمسك بالثوابت الوطنية والدينية والثقـة في المؤسسات الوطنية، والتحلي بقيم المواطنة الحقة وما يرتبط بها من مسؤولية والتزام واستقامة ونكران للذات واستحضار تام للصالح العام، مـع الإشـارة، إلى أن قـوة الأمم والشعـوب، بـاتت اليــوم، مقرونـة بمـدى قدرتها على الوصــول إلى "المعلومـة" في أبعادها الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنموية والقومية والاستراتيجية، وهذا وحده، يكفي لنفهم ونستوعب أكذوبة "بيغاسوس" أو "بيغابتـزاز" التي راهنت على التشويــش على "القوة الاستخباراتيـة" المتناميـة للمغــرب، لكنها خسرت الرهـان، لأن "مغرب اليوم، ليس هو مغرب الأمــس"، و شمـس التحكم والابتــزاز رحلت عن سماء المغرب بشكل لارجعة فيــه، ونـرى أن لاشيء يقف أمام الدولة الأمة المغربية، لصون سلامة الأرض ووحدة التراب، وإدراك الحق المشروع في التنمية والازدهـار واستقلال القـرار ...