السبت 4 مايو 2024
مجتمع

محمد المرابط: عدمية جمهوريي وانفصاليي حراك الريف، بين الانحسار في الخارج، والتمدد في الداخل!

محمد المرابط: عدمية جمهوريي وانفصاليي حراك الريف، بين الانحسار في الخارج، والتمدد في الداخل!

إن المتتبع لخريطة جمهوريي وانفصاليي حراك الريف بأوروبا، سيلاحظ ملامح تشظيها الآن، بعد ان طفت إلى السطح مبادرة الدكتور عبد الوهاب التدموري لحل أزمة الحراك،كتتويج لإحكام اليسار الديموقراطي، لرؤية ديناميته بأوروبا.

فهذا عبد الصادق بوجيبار من هولاندا، ينتقد بشدة بلال عزوز من بلجيكا، ونوفل المتوكل من انجلترا.وكلاهما ينتقدان بنفس الحدة بوجيبار، حيث يظهر أن بأس بني ورياغل فيما بينهم شديد، وهذه نقطة ضعفهم. فيما يحاول جابر الغديوي (يوبا) من ألمانيا  رأب الصدع. وإن كان نوفل المتوكل قد بدأ ينفرد بطرح، يتنصل فيه من المضمون السياسي للحراك، ويرحب بأي مبادرة تدعو إلى وقف المأساة، وقد عبر عن استعداده للتفاوض مع المعتقلين. ولم تفته المناسبة في خرجة موالية من مطالبة اليسار بملء الفراغ الحالي في المشهد السياسي. وإن كنا نسجل على هامش ثابت تفكيره الجمهوري، مساحات ل"الاعتدال"/الواقعية ، فهو يساير موجات الداخل صعودا وهبوطا بحس براجماتي ملحوظ.

لكن يبقى التصدع في جبهة الجمهوريين، وتخبطهم،  نتيجة طبيعية لوقوف هؤلاء الجمهوريين ضد تشكيل اليسار، للتنسيقية الأوروبية لدعم الحراك، وضد تنظيمه لخيمة الحراك في حفل الإنسانية في باريس أواسط شهر شتنبر 2017، وانتقاد تنظيمه لمسيرة 8 أكتوبر 2017 بالدار البيضاء، وانتقاد مشاركته في ندوة الاتحاد الأوروبي في بروكسيل 9 أكتوبر2017.

والملاحظ في هذا الانتقاد ،التركيز على"النهج الديموقراطي"و"الجمعية المغربية لحقوق الانسان"، لما يعتبرونه إنجازهما لصفقة مع المخزن بخصوص الشهداء الخمس سنة 2011، وشهداء آخرين. كما أن هناك نقدا من زوايا مغايرة، لإلياس العمري، وللدكتور التدموري.

وعقب دعوتنا، في إطار التفاعل مع مبادرة هذا الأخير(التدموري)، إلى اصطفاف ديموقراطي عريض، وأن عقل الدولة أصبح معنيا بتعاقد سياسي جديد،خرج يوبا لينتقد التدموري، و"اليسار العروبي"، وليعتبر ان النظام يعد بديلا سياسيا يتمثل في "النهج الديموقراطي" لاستخدامه في المستقبل القريب. وعلى النقيض من ذلك رأينا المتوكل يطالب اليسار بملء الفراغ في المشهد السياسي.وإن كان الثابت في فكر جمهوريي الريف، أن جميع الاحزاب المغربية، بما فيها اليسار ،هي أحزاب القصر لاحتلال الريف.

والملاحظ أيضا، أن الخطاب الشعبوي لجمهوريي الحراك، وانزلاقهم السريع إلى مهاوي التخوين والسب، في حق مخالفيهم، جعلهم محدودي التأثير في نخبة الريف في المهجر، فهناك شعراء ومبدعون وفنانون ومثقفون وأكاديميون، لا يمكن أن يستهويهم خطاب في غاية الشوفينية والسطحية، والانغلاق حتى عن باقي المكونات الأمازيغية بالمغرب.

لكن على مستوى الداخل فالأمر مختلف،إذ لهؤلاء الجمهوريين صلات في صفوف المعتقلين وعائلاتهم،ترسم حتى أفق الإطار الذي سيوحد هذه العائلات، في انتظار تحويله إلى تنظيم سياسي. وحتى حافلة المجلس الوطني لحقوق الانسان والتي تقل عائلات المعتقلين، صدرت منها مؤخرا نداءات -على إيقاع الخارج -  لمواجهة "الغزاة"، والدعوة إلى الاضراب العام بمناسبة الذكرى الأولى لاستشهاد محسن فكري ،في 28 أكتوبر 2017.كما أن لهم تأثيرهم  لدى نشطاء الحراك. والخطاب العدمي الذي يحملونه يتمدد في أوساط عديدة ويترعرع مع الصغار، وذلك لقدرتهم على التواصل من منطلق الاستثمار الجيد لطباع الريفيين، والدفع بها إلى الصدام مع الدولة.

هذا الوضع يطرح مسؤليات على المعتقلين وعائلاتهم، لضمان تعبئة نخبة الريف،خلف مطلب العفو العام، والصياغة الجماعية لمصالحة حقيقية، تمنح المضمون المطابق للرمزية الإنسانية والسياسية، لاستقبال عاهل البلاد ونجل مولاي موحند،المرحوم سعيد الخطابي، لبعضهما البعض،في الريف، مطلع العهد الجديد.كما يطرح على الدولة هي الأخرى مسؤوليات،في طليعتها تحديد مخاطب رسمي لأنجاز هذه المصالحة، وترسيم الرافعة الإدارية للتنمية المستدامة بالريف الأوسط من خلال الإسراع  بإحداث عمالتي ترجيست وإمزورن، وكذلك التقاط التأكيد اليساري على المضمون الديموقراطي للملكية، بما يلزم من بعد نظر مؤسساتي، وهذا في وقت يستهدف فيه الجمهوريون مختلف أوجه مشروعية الملكية.وأعتقد أن تأخر الدولة في التفاعل  مع نخبة الريف، واليسار الديموقراطي ، سيجعل البلد يخسر المزيد من مساحة الاعتدال، لصالح العدمية، مما سيهدد بشكل مباشر الاختيار الديموقراطي للبلاد. وسيكون الأمر بالنسبة إلى الكثيرين مثلي صادما، لما نكتشف في النهاية، بالرغم من كل الآمال، أن عقلية المخزن،بعد أزيد من قرن لم تتغير، منذ حملة بوشتى البغدادي على قبيلة إبقوية، إلى حملة العثماني على أيت ورياغل.

ولتركيز النظر في خلاصات اليوم، على ضوء مبادرة التدموري ،نؤكد على أنه بقدر ما كان خطاب 13 أكتوبر 2017، متجاوبا بشكل لافت،مع أرضية هذه المبادرة، ومع مجموع عمق الكتابات حول حراك الريف، فإن الترجمة العملية لهذه الأرضية، من مدخل الحد الأدنى،من بوابة المجلس الوطني لحقوق الانسان، لحلحلة الملف،لم تبدأ بعد. وفي هذا "رسالة" مطلب العاقبة للتقوى!