الأحد 19 مايو 2024
مجتمع

خديجة اليملاحي: نظامنا التعليمي يعاني من العديد من الاختلالات، ولا نقاش في شأن التسامح مع سلعنة خدمات المدرسة

 
 
خديجة اليملاحي: نظامنا التعليمي يعاني من العديد من الاختلالات، ولا نقاش في شأن التسامح مع سلعنة خدمات المدرسة

المدرسة المغربية في أزمة هذه الأيام.. عندما يسأل الآباء عن التحسينات، تزداد الأمور سوءا.. الإصلاحات تبرمج تباعا، الحكومات تتبدل، ولكن الوضع يتغير فقط من سيء إلى أسوأ. بداية كل عام دراسي مثال صارخ.. اكتظاظ ونقص في الموظفين وبرامج قديمة.. بعبارة واحدة، كل الشرور التي تقوض مدرستنا التي يفترض فيها أن تكون مكانا للتعلم والتعليم بامتياز.. معدل الأمية في المغرب هو من أعلى المعدلات في منطقة شمال إفريقيا، حيث يبلغ حوالي 32٪، وفقا لإحصاءات عام 2014.. بالرجوع لأحدث تقرير للأمم المتحدة، نجد أن المغرب من بين 21 بلدا انحدر فيها التعليم إلى الأسوإ. وقد تم إغلاق حوالي 499 مدرسة عمومية، واللائحة مفتوحة إلى أجل غير مسمى.. في بداية كل عام دراسي، يسجل خصاص بالآلاف من الأساتذة..

خديجة اليملاحي، النائبة الاتحادية سابقا، ورئيسة جمعية "ملتقى الأسرة المغربية"، وعضو "الائتلاف المغربي من أجل التعليم للجميع"، تعود بنا في هذا الحوار الذي خصت به في بحر هذه السنة La Nouvelle Tribune إلى الاختلالات الهيكلية في نظام التربية والتعليم في ببلادنا.

+ يبدو أن الهرج والمرج اللذين أعقبا أعمال الدورة العاشرة للمجلس الأعلى للتعليم والتكوين المهني والبحث العلمي في نونبر الماضي تلاشى. هل هذا يعني أن تصريحات المجلس قد هدأت الأرواح أم أنها عادة مغربية، تجعل الجميع متحمسين من خلال تدخلاتهم، وعندما تستأنف الحياة مسارها الطبيعي، تبقى المسألة بدون حل حاسم؟

- بالتأكيد، لا. المجتمع المدني يواصل عمله. جمعية "الائتلاف المغربي من أجل التعليم للجميع" كافحت وما زالت تكافح للدفاع عن الحق في التربية. وفي هذا الصدد، قدمنا ​​سلسلة من التقارير إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل واللجنة المكلفة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وعلى الصعيد الوطني، قدمنا ​​نداء إلى جميع الجهات الفاعلة المعنية، بما في ذلك المجلسين الاستشاريين الأعليين للتعليم وحقوق الإنسان، وعلى الصعيد الدولي، لأننا نعتزم الانفتاح على منظمات الأمم المتحدة. نظامنا (التعليمي) يعاني من العديد من الاختلالات، يحتاج إلى إصلاح شامل، يجب علينا مراجعة كل شيء من أعلى إلى أسفل. في مطلع هذه السنة، تم تشكيل جبهة ضمت العديد من الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات النسائية وجمعيات حقوق الإنسان، فضلا عن ائتلافنا لأجل هدف واحد هو الأخذ بيد الأسر على درب الدفاع عن المدرسة العمومية ومجانية التعليم وجودته، لأنه لا نقاش في شأن التسامح مع سلعنة خدمات المدرسة.

+ بعد الضجة التي أثارها الرأي الإيجابي للمجلس الأعلى للتعليم والتكوين المهني والبحث العلمي فيما يتعلق بإمكانية إنهاء التعليم المجاني، سرعان ما تراجع معلنا أن المسألة ليست هي إلغاء المجانية ..

- قال السيد عزيمان بحق إن الدولة تكفل التعليم المجاني في المدارس الابتدائية والثانوية، ولكن في المدارس الثانوية والجامعات، يتعين على الأسر أن تدفع رسوما "رمزية". وعلينا أن نعرف أنه لا توجد مجانية مطلقة. نحن بالفعل ندفع الرسوم. والتعليم هو خدمة عامة يجب أن تكفلها الدولة.

ويجب على المجلس الأعلى أيضا، وفقا للقانون، أن يقدم تقريره السنوي إلى البرلمان لمناقشته. ولم يتم ذلك أيضا في عام 2015 وبقي الحال على ما هو عليه في عام 2016. وعلاوة على ذلك، وبالنظر إلى الوضع الحرج للمدرسة المغربية وحقيقة أن النظام التعليمي يعاني من خلل هيكلي وعميق، ينبغي أن تكون الرؤية الاستراتيجية للحكومة موضوع نقاش ليس فقط في البرلمان، بل في فضاء عمومي وطني أكثر شمولا.

+ تتكلمين عن مشاكل عميقة وهيكلية، بم يتعلق الأمر بالضبط؟

- المشكلة الرئيسية للمدرسة المغربية هي الجودة التي ترتبط بمشكلة أخرى ذات أهمية مماثلة ألا وهي الموارد البشرية. لا يمكن لنا أن ندعي أن تعليمنا على قدر من الجودة بالمراهنة فقط على المجانية، ولكن يجب أن نأخذ كذلك بعين الاعتبار رجالا ونساء للتعليم مؤهلين. العمود الفقري للنظام هو المدرسون. نحن نتحدث عن تكافؤ الفرص والإنصاف، وما إلى ذلك.. على أرض الواقع، تتناقض السياسة العمومية مع هذا الخطاب. المرسومان الأخيران، الذي فصل أولهما التكوين عن التوظيف وقلص ثانيهما المنحة من 2450 درهم إلى 1200 درهم، شاهدان على ما أقول.

وقد تلقى الأساتذة المتدربون تكوينا مؤهلا لشغل وظيفة التدريس في المدرسة العمومية، فلماذا يطلب منهم إجراء مباراة؟ التكوين يستتبع تكلفة، وهذا يعني أن أولئك الذين لم يتم قبولهم في المباراة لن يكون بإمكانهم العمل. وهكذا نجد أمامنا عددا كبيرا من العاطلين عن العمل ومن المدارس التي تشكو من قلة الأساتذة ومن اكتظاظ التلاميذ في الأقسام، حيث وصلنا إلى أكثر من 60 تلميذا في الصف الواحد. كل هذا يعني أنه لا توجد إرادة سياسية حقيقية لتحسين هذا القطاع، ويؤكد عزم الدولة على التملص من مسؤولياتها في ضمان الحق في التعليم.

+ بالنسبة لك، هل تكون الموارد البشرية بمثابة القريب الفقير في هذه الاستراتيجية الجديدة؟

- التعليم قطاع استراتيجي، على أساسه يبنى حاضر ومستقبل البلاد، لذلك لا يسمح بالمغامرة في هذا المجال. ولا توجد مدرسة دون مدرسين مؤهلين، متحمسين للعمل الذي يقومون به. الخصاص مهول، المدرسة العمومية في حاجة ماسة إلى ما يقارب 20 ألف أستاذ. من الغباء أن الدولة قد كونت 10 آلاف إطار، ثم يطلب منهم في نهاية المطاف أن يجتازوا المباراة ليتم توظيفهم في المدارس العامة.

والأسوأ من ذلك، أنه تم توظيف11،000 أستاذ على أساس تعاقدي. وهذا يعني المساهمة في استفحال هشاشة قطاع الوظيفة العمومية، والتمييز بين المدرسين الذين يجب أن يتمتعوا بنفس الوضع ونفس الحقوق. النتيجة هي أننا نكون في نهاية المطاف وجها لوجه أمام معلمين خاملين.. كيف يمكننا إذن الحديث عن الجودة؟ في فنلندا يحصل المعلم على نفس راتب الوزير.

تشكل تلك المراسيم هجوما على المدرسة العمومية أملته توصيات المؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي). كما يظهر أن الدولة تسعى نحو نهج سياسة الليبرالية الجديدة في الخدمات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، هدفها الوحيد هو تحقيق التوازن الماكرواقتصادي على حساب الحقوق الأساسية.