الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

نادية واكرار: التلفزة المغربية.. مهزلة طلبات العروض بين الرداءة والعنصرية

نادية واكرار: التلفزة المغربية.. مهزلة طلبات العروض بين الرداءة والعنصرية نادية واكرار

كالعادة كانت الساحة الفنية على موعد مع طلبات العروض للبرامج والانتاجات الدرامية المغربية للقطب العمومي، استعدادا لرمضان 2021 خصوصا، وللسنة المقبلة عموما، وكما هو معتاد فقد تم إيداع الملفات في الآجال المحددة، قبل الانتقاء الأولي الذي على أساسه يتم استدعاء شركتين ضمن كل صنف (lot)، حتى  يتم اختيار واحدة منها، غير أن ما يمكن أن سنلاحظه مرة أخرى في النتائج هو ما سبق أن تحدث عنه العديد من الصحفيين والفاعلين الثقافيين، أي فوز نفس الشركات بصفقات إنتاج برامج لرمضان، غالبا ما تكون هذه البرامج كحل انتقاد شديد إما لرداءة المنتوج أو لتكرار نفس الموضوعات وتشابهها بل وضعف الإخراج خاصة في بعض أعمال القناة الثامنة.

 

هذا الموضوع سبق وإن طرح أكثر من مرة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي المنابر الإعلامية المختلف، وهو ما يؤكد بأن هذا الموضوع الذي لا ينبع من فراغ بل يستمد شرعيته مما يقع فعليا من هيمنة شركات كبرى على المشاريع الأساسية ويتركون الفتات للشركات الصغرى، وهو ما يعني ضمنا حضورها المستمر على القنوات العمومية كيفما كانت جودة أو رداءة أعمالها، وقد سبق وأن تحدث بعض الصحفيين والفنانين عن محاباة شركات معينة لأنها تفوز بالصفقات الكبيرة.

 

وها نحن نعيد طرح نفس الموضوع، لأن التغيرات التي يعرفها العالم حولنا لا تنعكس على ما يبدو في الإبداع التلفزي، الذي يجتر نفس الموضوعات ويدور في فلك نفس الثيمات، تتغير الوجوه فقط وأحيانا نفي الوجوه في أدوار مختلف في نفس الوقت بحي تبدو الشاشات متشابهة من فرط تكرار نفس الأسماء والوجوه. أضف إلى ذلك أن بعض الشركات حسب مصادر مقربة تستفيد من أكثر من مشروع ولديها فائض من البرامج، التي ما زالت تنجزها أو لم تنجزها بعد، بينما تشارك في طلبات عروض أخرى لتحصل على مشاريع أخرى تنضاف إلى مخزونها. كما أننا أصبحنا نرى في قنواتنا أسماء نفس الشركات ونفس المخرجين.

 

ما هي المشكلة التي تواجهها التلفزة؟

إنها بلا أدني تردد إشكالية انتقاء الأعمال الجدية والجديرة بأن يتم بثها في رمضان أو غيرها، وهنا أضم صوتي إلى الذين يقولون بأن عملية الانتقاء لا يتحكم فيها معيار الجودة بقدر ما تتحكم فيها عوامل أخرى أتعفف عن ذكرها. وبعض الشركات تتعامل مع الإنتاج تعامل المقاولين أي تقليص كلفة الإنتاج لزيادة نسبة الأرباح فهل يعقل مثلا أن نجد عملا متلفزا يتم تصوير أغلب مشاهده في فضاء داخلي مغلق يتغير فيه فقط موقع الأثاث، مع تقليص عدد الممثلين، دبلا من المشاهد الخارجية أو استعمال الاستديوهات في ورزازات، بل إنني سمعت من بعض أصدقائي كتاب السيناريو كيف يطلب منهم تقليص المشاهد الخارجية لتقليص الكلفة كيف يمكن للجنة الانتقاء أن لا تنتبه لمثل هذه النقطة السوداء في الأعمال المقترحة عليها وأضيف بأن بعض الأعمال الأمازيغية يتم تصويرها في مدن كالبيضاء أو ضواحيها وتضاف إليها مشاهد خارجية قليلة لمدينة امازيغية لكي يعتقد المشاهد بأن التصوير تم في تلك الأماكن.

 

ولو أضفنا إلى ذلك تغاضي اللجنة القانونية لفحص الطلبات عن عدم وجود عقد صريح للعمل والاكتفاء بموافقة السيناريست أو تفويضه لحقوقه، علما بأن العقود غالبا لا توقع، ولو تناولنا جانبا هما من عملية الإنتاج، سنجد بأن المبالغ التي يأخذها السيناريست تافهة بالمقارنة مع المبالغ التي تكسبها الشركة، أما الممثلون فأثمنتهم حقيرة وفيها حيف وظلك ومذلة ولا أعرف كيف يقبل هؤلاء الممثلون العمل بتلك الأثمنة، وأخص بالذكر هنا الممثلين الأمازيغيين الذين يعتبرون الأرخص ثمنا في السوق، وللأسف لا وجود لإطار قانوني قوي يحميهم ويضمن لهم حقوقهم المشروعة، وهم يتحملون من جانبهم المسؤولية لأنهم من جهة قبلوا الخضوع للوضع الراهن، ومن جهة أخرى لم يفعلوا شيئا لتغيير واقعهم وتأسيس إطارهم القانوني في الوقت الذي تكتلت في شركات الإنتاج في جمعية من أجل حماية مصالحها ومن غرائب الأوضاع أن ترفض بعض الشركات، بالنسبة لقناة العيون، أعمالا لكتاب مغاربة بدعوى أنهم ليسوا صحراويين أو تقبل أعمالا في القناة الأمازيغية لا تمت بصلة لهذا التراث، هناك خلل ينبغي تصحيحه والطامة الكبرى أن بعض المخرجين لا يتكلمون الأمازيغية ورغم طلك يقومون بإخراج أعمال أمازيغية، قمة العبث.

 

السؤال الذي كان مطروحا في مرحلة معينة هو، هل تتحمل إدارة القطب العمومي، سواء القناة الأولى أو الأمازيغية أو العيون او غيرها، مسؤولية ما يقع وهل عناك تواطئ ولو بالصمت أو التغاضي، أم أن المسألة لا تتجاوز سهوا في الانتباه للمشاكل الحقيقية، ولماذا لم تتم الاستجابة إلى مطالب الفنانين الأمازيغيين بعد احتجاجاتهم السابقة وما زالوا يعتبرون فنانين من الدرجة الثانية؟؟

 

ولو شئنا تطبيق ما ينص عليه الدستور، لماذا لا تعرض القناة الأولى أو الثانية أعمالا درامية أو وثائقية بالأمازيغية أم أن لكل فئة اجتماعية قناتها، فهو فصل عنصري إعلامي وكأن لكل واحد مغربه الخاص بهن فهل هذه هي روح الدستور والمواطنة؟

 

- نادية واكرار، باحثة دكتوراة