الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محمد الفرسيوي: دراما رمضان 2020، وحالُ العرب..؟

محمد الفرسيوي: دراما رمضان 2020، وحالُ العرب..؟ محمد الفرسيوي

الدراما العربية، تبدو على القنوات والفضائيّات رمضانَ هذا العام مُتعبةً، ضعيفةً، سطحيّةً ومُتهافتة...

الأعمالُ المعروضة، على هذه القناة أو تلك، تبدو وكأنّها فارغة من الهويّة تماماً.. من هويّةِ الواقعِ والثّقافةِ والرّؤية الفكرية، ومن هويّةِ الإبداعِ والفنِّ نفسه..

 

قليلةُ هي الأعمالُ الموفّقةُ في هذا المَتْنِ الدرامي المُترامي على مرمى بصرِ وبصيرةِ الإنسان العربي، وهي تُعدُّ على رؤوسِ الأصابع عِلاوةً على ذلك، والتي حرستْ في مُجملِها وفي رؤيتها الفنيّة والفكريّة عموماً، على الاستعانة بالذاكرة وبالتاريخ والماضي والخيال المشرق بالمجد والعطاء، لمخاطبةِ الواقع والذّاكرة معاً.. "الحرملك ج 2" و"حارس القدس"، وبعض الأعمال الدراميّة الأخرى، مثلاً..

 

غيّابُ واضح لتيْمات وموضوعات الواقعِ العربي الحي، واقع الحروب والعدوان والاحتلال والنزاعات والفقر والظلم والتخلف والتطبيع والمقاومة والحصار والتطلعات... إلخ، في الأعمال الدرامية المعروضة.. أعني حضور هذه التّيْمات والموضوعات والعناوين بالصّيغة الإبداعيّة الخلّاقة، مبنىً ومحتوى.. وليس بتلك الفجاجةِ الفنيّة والتهافتِ إلى التّطبيع وتبيِيضِ رصيدِ الصّهيونيّة والعنصريّة، التي تظهرُ بها على أهمِّ القنوات الخليجية، في رمضان 2020 الكريم..

 

لا أدعي في هذه السّطور اِطّلاعي على مجملِ الأعمال الدراميّة المعروضة، غيْرَ أن واقع الحال يبدو على هذه الصّورة، صورة الضّعف والسّطحية والتّهافت والضّحالة.. حيثُ تبلغُ هذه الصورة السوداء ذرْوَتَها مع م بي سي السعودية وفضائيات خليجية أخرى، من خلال إنتاجِ وتسويقِ وعرضِ مسلسل "أم هارون" السيئ الذكر، في أيام رمضان الكريم، وفي تزويرٍ فظيعٍ للتاريخِ والذاكرة المشتركة للعروبةِ وكل الإنسانية.

 

عموماً، الفنُّ صورة أهله.. وهذه الفنون الدراميّة الحاملة لنعتِ العربية في ظرفنا العربي المعاصر، تعكسُ ليس فقط الضّحالة المُحزنة، ولكنّها تعكسُ أيضاً الفراغَ الكبير، الملحوظَ والملموس، الذي تُخلِّفه الدراما العربية السورية في المشهد الدرامي العربي، وذلك منذ 2011 إلى الآن..

 

"أحياناً يكون الصّمتُ، أجمل موسيقى في العالم"، وفي كثيرٍ من الأحيان "يبدو أنّ تحرير العقل العربي أصعب من تحرير فلسطين".. وذلك، على حدِّ قَوْلِ المبدع السّوري الراحل محمد الماغوط.