الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محسن التوزاني : جائحة كرونا بالمغرب بين حالة الطوارئ وإلتزامات الدولة بالدستور في سن قوانينها

محسن التوزاني : جائحة كرونا بالمغرب بين حالة الطوارئ وإلتزامات الدولة بالدستور في سن قوانينها محسن التوزاني

يعتبر فيروس كورونا نوعا من الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي وقد ظهر أول الأمر في مدينة ووهان بجمهورية الصين الشعبية في دجنبر 2019 فيما سجل المغرب أول إصابة بالفيروس المذكور بتاريخ 2 مارس 2020.

مما لاشك فيه أن الدولة في الحياة الطبيعة تعيش في حالة من الاستقرار والسلم العام، وتنظمها وتحكم علاقاتها في هذه الظروف العادية مجموعة من القواعد الدستورية والقانونية، التي تهدف إلى السير العادي لكل المؤسسات الموجودة في التراب الوطني، لكن هذه الحياة الطبيعية للدولة لا تسير على وثيرة واحدة دائما وإنما تتخللها بين الحين والآخر ظروف استثنائية كالحروب والفتن والكوارث الطبيعية والأوبئة وغيرها .وهذه الظروف الطارئة الغير متوقعة الحدوث إلا نادرا قد تشكل درجة كبيرة من الخطورة للدولة يهدد أمنها وسلامة مواطنيها. لذلك تحتاج السلطة التنفيذية باعتبارها المؤسسة المخول إليها دستوريا الحفاظ على الأمن العام وسلامة الأفراد لاختصاصات وصلاحيات استثنائية لمواجهة الحالة الطارئة الغير متوقعة.

وكما هو معروف أن الصلاحيات الممنوحة للسلطة الإدارية تتأسس في الظروف العادية على القواعد العادية والتي لا تتناسب إلا للأحداث العادية الموضوعة من أجلها ، لكن هناك أحداث غير مرغوب فيها تأتي على حين غفلة لتبعثر عمل السلطات والمؤسسات الإدارية وهذه الحالة تتمثل في حالة الطوارئ التي نعيشها اليوم بسبب وجود هذا الدخيل المسمى (بڤيروس كورونا) الذي شتت فكر البشرية جمعاء لذا كان من الواجب على الدولة المغربية التخلي عن السير العادي للمؤسسات العادية بشكل جزئي وتفعيل القواعد الاستثنائية التي فرضتها ظروف طارئة غير متوقعة، وذلك من أجل الحد من هذا الخطر الذي يمس بحياة الفرد والمجتمع ككل.

وهنا نطرح التساؤلات التالية:

أين يتجلى الأساس القانوني لحالة الطوارئ الصحية بالنسبة للدولة ؟ وماهي آثار حالة الطوارئ على الفرد والمجتمع ؟ وإلى أي حد إلتزمت الدولة بالدستور في سن القوانين المتعلقة بهذه الجائحة؟

جميع هذه التساؤلات سيتم الإجابة عنها من خلال التصميم الآتي:

المبحث الأول : الحكم القانوني لحالة الطوارئ الصحية بالمغرب وآثارها

بداية لابد أن نقوم بإعطاء تعريف بسيط لحالة الطوارئ هي حالة تخوّل الحكومة بالقيام بأعمال أو فرض سياسات لا يُسمح لها عادةً القيامُ بها. وتستطيع الحكومة إعلان هذه الحالة أثناء الكوارث، أو حالات العصيان المدني، أو الصراعات والنزاعات المسلّحة بحيث تنبه المواطنين إلى تغيير سلوكهم الطبيعي وتأمر الجهات الحكومية بتنفيذ خطط طوارئ. جاستيتيوم (بالرومانيّة: Justitium) هو ما يعادل حالة الطوارئ في القانون الروماني، وهو مفهوم يمكّن المجلس الأعلى من طرح مرسوم نهائيّ لا يخضع للنزاع.

 

يمكنُ أيضا استخدام حالات الطوارئ كسبب أو ذريعة لمنع الحقوق والحريات التي يكفلها دستور البلد أو القانون الأساسي. تتفاوت الإجراءات المتعلقة بهذا العمل وشرعيته من بلد إلى آخر.

نجد أن المشرع المغربي نظم حالة الطوارئ الصحية بموجب مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 (23 مارس 2020) المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية و الاجراءات الاعلان عنها والمرسوم رقم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 (24 مارس 2020) المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19

المطلب الأول : التسيير القانوني لحالة الطوارئ الصحية ببلادنا

إن الحديث عن حالة الطوارئ الصحية مرتبط أساسا بالتزامات المغرب الدولية وفق الإتفاقيات المصادقة عليها ووفق المقتضيات الدستورية من جهة ، ومن جهة أخرى فإن القوانين الوطنية ذهبت في اتجاه محاربة الأمراض والأوبئة حفاظا على الصحة العامة ويتجلى ذلك من خلال العديد من النصوص الخاصة والعامة.

أولا :المقتضيات الدستورية المؤطرة لحالة الطوارئ الصحية

يعتبر قرار إعلان حالة الطوارئ الصحية بالمغرب نتيجة تفشي فيروس كورونا هو إجراء استثنائي لم يسبق للمغرب التعامل معه إلا الحالة الاستثنائية الوحيدة المعلن عنها سنة 1965 تختلف أشد الإختلاف عن حالة الطوارئ الصحية .لذلك خلق هذا الإعلان عدة إشكالات قانونية ومنها الإشكال المتعلق بالسند الدستوري لحالة الطوارئ الصحية.

 

عندما نستحضر دستور المملكة الصادر في 29 يوليوز لسنة 2011 نجد أن المغرب أخذ بسمو الاتفاقات الدولية على التشريعات الوطنية حيث نص في تصديره بشكل صريح وواضح على “جعل الاتفاقيات الدولية، كما صادق عليها المغرب، وفي نطاق أحكام الدستور، وقوانين المملكة ، وهويتها الوطنية الراسخة، تسمو، فور نشرها، على التشريعات الوطنية، والعمل على ملاءمة هذه التشريعات، مع ما تتطلبه تلك المصادقة.

فانخراط المغرب الفعال في المنظومة الدولية ومصادقته وانضمامه للعديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بما فيها اللوائح الصحية الدولية وجعلها تسمو على التشريعات الوطنية كان نتيجة ايمانه بكون هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تشكل للمغرب كسبا ديمقراطيا كبيرا وانخراطا فعالا في احترام حقوق الانسان.

وبإعتبار المغرب عضوا داخل منظمة الصحة العالمية والذي صادق على اللوائح الصحة الدولية بموجب ظهير شريف رقم 1.09.212 صادر في 7 ذي القعدة 1430 (26 أكتوبر 2009)، ونشر بالجريدة الرسمية في 17 ذو القعدة 1430 (05 نونبر2009)،كان لزاما عليه في حالة وجود حالة طوارئ صحية عمومية تثير قلقا دوليا الأخطار بوقوعها واتخاذ الإجراءات من اجل الحد منها او القضاء عليها.

وهذا الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية قرار جاء بناءا على الوفاء بالإلتزامات الدولية للمغرب المصادق عليها وطنيا والمنصوص عليها دستوريا، نجد ان المشرع المغربي استند في قراره بإعلان حالة الطوارئ الصحية على نصوص دستورية أخرى من قبيل الفصل 21 الذي منح للسلطات العمومية ان تتخذ اجراءات استثنائية من اجل الحفاظ على السلامة الجسدية للسكان وحماية ممتلكاتهم وسلامة التراب الوطني ككل ، والفقرة الأخيرة من الفصل 24 التي نصت على ان حرية التنقل عبر التراب الوطني والاستقرار فيه والخروج منه والعودة اليه مضمونة للجميع الأفراد بدون استثناء لكن وفقا للقانون الصادر عن السلطة المعنية.

فالإضافة إلى هذه الفصول هناك الفصل 90 الذي منح للسلطة الحكومية السلطة التنظيمية والإدارية لفرض الإجراءات الحمائية الاستثنائية، واستعانت السلطة الحكومية كذلك بالفصل 81 ، الذي يخولها صلاحية إصدار مراسيم قوانين، باتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين .إلى حين عرضها على البرلمان من اجل المصادقة النهائية عليها.

وللإشارة فأن حالة الطوارئ الصحية تختلف أشد الاختلاف عن حالة الإستثناء وكذا حالة الحصار .

ثانيا: القوانين الإستعجالية المتخذة من طرف الدولة

-إن مشروع مرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها دخل حيز التنفيذ ، بعدما تمت المصادقة عليه من قبل كل من لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، ولجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين، ونشره بالجريدة الرسمية يوم 24 مارس 2020،وذلك بناء على الفصول 21 و 24 (الفقرة 4) و 81 من الدستور ، وعلى اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية .

لقد وافقت الحكومة على مشروع قانون يسن أحكام حالة الطوارئ الصحية بناءا على الفصل 81 من الدستور الذي يفيد انه “يمكن للحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين مراسيم قوانين يجب عرضها بقصد المصادقة عليها من طرف البرلمان، خلال دورته العادية الموالية …”.وبالتالي ونظرا للظروف الاستثنائية المستعجلة كان من اللازم على الحكومة ان تستعجل باتخاذ هذا التدبير لما يشكله من حماية لسلامة السكان وممتلكاتهم، وسلامة التراب الوطني،وكذلك كإجراء لفرض الحجر الصحي على المواطنين لما يشكله من حد لحرية التنقل.

وخول هذا المرسوم بقانون الحكومة بإعلان حالة الطوارئ الصحية عندما تقتضي الضرورة ذلك بموجب مرسوم يحدد فيه النطاق الترابي لتطبيقه، ومدة سريان مفعوله، والإجراءات الواجب اتخاذها ،وذلك بناءا على اقتراح كل من وزير الداخلية ووزير الصحة ، حيث تخول للحكومة خلال هذه الفترة اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة الحالة الصحية الاستثنائية بموجب مقررات تنظيمية وإدارية، أو بواسطة مناشير وبلاغات بهدف الحد من الحالة الوبائية للمرض وضمان سلامة الأشخاص وممتلكاتهم شريطة ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية، وتأمين الخدمات التي تقدمها للمرتفقين.

وللتوضيح أكثر فإن حالة الطوارئ قد تكون جزئية أي تشمل جزء من البلاد أو قد تكون شاملة تعم ربوع المملكة.

وهكذا فإن مرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، وضع الإطار القانوني لعمل السلطة التنفيذية اثناء فرض حالة الطوارئ الصحية ،وقيد عملها بمجموعة من الأحكام التي يجب إتباعها في حال حدوث تهديد للأمن الصحي للبلاد ، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.

-مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية

 

لقد سبق إعلان حالة الطوارئ الصحية بمرسوم رقم 2.20.293 بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا، من طرف الحكومة ، إصدار مرسوم قانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها ، حيث نص في مادته الثانية على أن إعلان حالة الطوارئ الصحية تتم بمرسوم باقتراح من السلطتين الحكومتين المكلفتين بالداخلية والصحة ويتخذ بالمجلس الحكومي ، باعتبار ان هذا المجلس هو المخول إليه دستوريا حسب الفصل 92 من الدستور، النظر في المراسيم التنظيمية التي يمكن يصدرها رئيس الحكومة أو يفوضها لوزرائه أثناء ممارستهم للسلطة التنظيمية المخولة إليهم طبق الفصل 90 من الدستور المغربي لسنة 2011.

وينص مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا ،على مجموعة من التدابير للحد من تفشي هذا الوباء ،حيث ألزمت المادة الثانية من هذا المرسوم على عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، طبقا لتوجيهات السلطات الصحية، ومنع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالات الضرورة القصوى، والتي حددها المرسوم من قبل السلطات الإدارية المختصة ،أو التنقل لأسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة ،أو بهدف الاستشفاء والعلاج ، أو من أجل اقتناء الأدوية والمنتجات والسلع الضرورية للمعيشة .كما منع هذا المرسوم أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الناس قد يهدد الصحة العامة ويؤدي الى تفشي الوباء بشكل أكثر. إضافة إلى إغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة.

 

وبهدف التنفيذ الجيد لبنود مرسوم اعلان حالة الطوارئ الصحية ،و حفظا على النظام العام الصحي أوكل لولاة الجهات وعمال العمالات والاقاليم اتخاذ تدابير تنفيذية تستلزمه حالة الطوارئ الصحية المعلنة كل في حدود اختصاصاته والى غاية انتهاء حالة الطوارئ الصحية المحددة حسب المرسوم في يوم 20 أبريل 2020، على الساعة السادسة مساء، وذلك من أجل مواجهة تفشي فيروس “كورونا”.

وتجد الإشارة إلى أن بلاغ وزارة الداخلية الذي أعلن من خلاله حالة الطوارئ الصحية ،وتقييد الحركة في البلاد يوم 20 مارس 2020 ابتداء من الساعة السادسة مساءا، بالرغم من كونه تأسس على مرجعية قانونية تمثلت في اللوائح الصحية الدولية ، وعلى المرسوم الملكي رقم 554.65 بمثابة قانون.

المطلب الثاني : الآثار الناتجة عن حالة الطوارئ بالنسبة لحقوق وحريات الفرد

إن أغلب الحقوق و الحريات تتأثر بعد إعلان حالة الطوارئ بالعديد من الإرهاصات التي تواجه الشخص كمنعه من التجول بحرية كاملة وحرمانه من التجمع والتجمهر وذلك حفاظا على صحته الفردية وكذا الحفاظ على الأشخاص المجاورين له.

أولا: حرية التنقل

عندما نكون أمام حالة استثنائية غير عادية فإن حرية التنقل هنا ليست مطلقة بل يجوز للدولة أن تنظم ممارسة الأفراد لهذه الحرية بوضع قيود إذا دعت الضرورة لذلك.ومن ذلك رقابة لأهداف صحية أو سياسية، أو لأمن الدولة الداخلي أو الخارجي . ففي هذه الأحوال و غيرها ، فإنه من الممكن للدولة أن تتخذ إجراءات تحد بها على المواطنين دخول بعض المناطق أو المدن أو اشتراط تصريح خاص.

 

وبالرجوع إلى المادة الثانية من المرسوم رقم 2.20.293 المتعلق بإعلان حالة الطوارئ بالمغرب نجدها تنص على : ” … عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، طبقا لتوجيهات السلطات الصحية ،… منع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالات الضرورة القصوى….”.مما يتبين من خلال هذه المادة الأثر المباشر للإجراءات المتخذة أثناء حالة الطوارئ الصحية على حرية التنقل. ويمكن القول أنها جاءت متوافقة إلى حد ما مع ما نصت عليه نصوص اللوائح الصحية الدولية، التي سمحت هي الأخرى بوضع قيود على هذه الحرية متى كانت ضرورية لحماية الأمن الصحي الوطني والدولي .

وبالنسبة لموقف القضاء من الحق في التنقل في حالة الطوارئ الصحية ، يوجد حكم مهم للمحكمة الإدارية بالرباط رقم 955 الصادر يوم 31 مارس 2020 ، تتلخص وقائع القضية فيه بأن المحكمة الادارية بالرباط أصدرت قرار برفض طلب مواطن مغربي و زوجته للولوج من اسبانيا إلى ارض الوطن عبر ميناء طنجة المتوسطي بواسطته سيارتهما ، بعدما ظل عالقين بالجزيرة الخضراء بعد إعلان حالة الطوارئ .بحيث جاء في تعليل حكم المحكمة ما يلي : ” .. طلب خرق حالة الطوارئ الصحية عن طريق الإذن للطالبين بالدخول للتراب الوطني يبقى غير مرتكز على أساس ، خاصة و أن ما قامت به السلطات المغربية يمثل المشروعية الآنية في ظل الوضع السائد وأن القاضي الإداري الاستعجالي يحمي المشروعية في كل الأحوال ” .

 

يظهر جليا من خلال القرار الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط أن السلطة القضائية، ذهبت في اتجاه تقييد حرية التنقل في ظل حالة الطوارئ الصحية، وعللت قرارها هذا بكون تقييد حرية التنقل حسب المادة الثانية من مرسوم 2.20.293 يمثل المشروعية الآنية، في ظل الظروف الاستثنائية التي تعرفها البلاد والمتمثل باجتياح جائحة وباء كورونا المغرب والعالم بأسره.

ثانيا:حرية التجمع

لم تسلم حرية التجمع بدورها من تأثير الظروف الاستثنائية على ممارستها فقد أشارت عدة نصوص داخلية إلى إمكانية فرض القيود على ممارستها بشكل يجعلها لا تمس بالنظام العام أو الصحة العامة أو تعرقل سير مؤسسات الدولة وهو استثناء على الأصل.

فخلال فترة حالة الطوارئ فإن حرية التجمع تنعدم في ظل وجود وباء يهدد حياة البشرية من كل النواحي وبهذا فالدولة تقوم بقدر استطاعتها بمنع هذا التجمهر سواء بطريقة إنذارية أو عبر سن مجموعة من الإجراءات الزجرية للحد من هذه التجمعات .

وطبقا الفصل الأول من الظهير الشريف رقم 1.58.377 بشأن التجمعات العمومية يقصد بهذه الأخيرة: “كل جمع مؤقت مدبر مباح للعموم وتدرس خلاله مسائل مدرجة في جدول أعمال محدد من قبل” .

من خلال هذا الفصل من ظهير التجمعات العمومية يتبين أن الاجتماع العمومي هو عبارة عن اجتماع مؤقت أي لمدة محددة من الزمن مدبر في إطار قانوني مشروع موجه لكافة الأشخاص دون أي اعتبار بحيث يتم تدارس فيه مسائل محددة مسبقا من طرف مدبريه لكن ذلك مشروط ببعض المقتضيات القانونية تتمثل أساسا في تقديم تصريح سابق يبين فيه اليوم والساعة ومكان انعقاد الاجتماع، مع توضيح موضوع الاجتماع، ويذيل التصريح بتوقيع ثلاثة أشخاص يقطنون في العمالة أو الإقليم الذي ينعقد فيه الاجتماع، ويتضمن أسماء الموقعين وصفاتهم وعناوينهم ونسخا مصادقا عليها من بطائق تعريفهم الوطنية. ويسلم هذا التصريح للسلطة الإدارية المحلية المختصة التابعة لمكان انعقاد الاجتماع.

وبالرجوع إلى المادة الثانية من المرسوم رقم 2.20.293 نجدها تنص على “في إطار حالة الطوارئ الصحية المعلنة طبقا للمادة الأولى أعلاه تتخذ السلطات العمومية المعنية التدابير اللازمة من أجل

( منع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص مهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك ويستثنى من هذا المنع الاجتماعات التي تعقد لأغراض مهنية مع مراعاة التدابير الوقائية المقررة)

يتبين من خلال هذه المادة أن المشرع المغربي حنيما منع كل تجمع أو تجمهر أثناء حالة الطوارئ الصحية فإنه لم يقصد أي تجمع كيفما كان بل استثنى التجمعات الاقتصادية والمهنية وذلك من أجل عدم إيقاف دوران عجلات الاقتصاد.

المبحث الثاني:إلتزامات الدولة على العمل بالدستور في ظل تواجد جائحة كرونا

أصدرت السلطات المغربية مجموعة من الإجراءات الإحترازية بهدف إبقاء فيروس كورونا المستجد (covid-19) تحت السيطرة، وقد اتسمت التدابير المتخذة لمواجهة الفيروس بخاصية التدرج الحذر، حيث انتقلت من إجلاء المغاربة العالقين في منطقة ووهان الصينية، وهذه هي المرحلة الأولى المتخذة من طرف الدولة ثم قامت بتعليق الدراسة وإغلاق أبواب المساجد، والأهم من ذلك أعتبره في وجهة نظري أهم قرار اتخذه عاهل البلاد جلالة الملك هو إحداث صندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، قبل المرور إلى المرحلة الأخيرة، المتمثلة في إعلان حالة الطوارئ الصحية لمدة شهر ابتداء من 20 مارس إلى 20 أبريل 2020.

وبالرغم من أن الإجراءات المعلن عنها كانت تهدف أساسا إلى التصدي لانتشار الفيروس المتسارع، إلا أن الممارسة العملية كشفت أن النص الدستوري لا يسعف دائما في تأطير تلك التدابير، فجزء منها اتخذ من داخل النص الدستوري، فيما الجزء الآخر من خارجه.

وتماشيا مع هذه المستجدات سوف نحاول التطرق إلى رصد وتقييم الإجراءات المعلنة والقرارات المتخذة من زاوية النص الدستوري، منذ ترؤس الملك لأول جلسة عمل قصد متابعة وضعية المغاربة العالقين في مدينة ووهان الصينية يوم 27 يناير 2020، إلى حين إعلان حالة الطوارئ بهدف الحد الإنتشار من هذا الوباء.

المطلب الأول:العمل بالنص الدستوري والحضور التنفيذي للملك

لا ينص دستور 2011 على صيغة “جلسات العمل”، كشكل من أشكال التواصل بين الملك وباقي السلط والمؤسسات الدستورية الأخرى، غير أنه تواتر خلال السنوات الأخيرة ترؤس الملك لجلسات عمل، باعتبارها أحد الأعراف الدستورية الناشئة على ضفاف دستور 2011، والتي تتميّز بوحدة الموضوع، وتنتج عنها قرارات ملزمة للسلطات العامة، وتعرف حضور عددٍ مصغّر من المسؤولين، تبعا لخصوصية الموضوع المدرج في جدول أعمال كل جلسة.

ارتباطا بموضوع فيروس كورونا المستجد، تميزت جلسة العمل التي ترأسها الملك بتاريخ 27 يناير 2020، بطابعها الاستباقي، حيث خصصت للتدابير المرتبطة بإجلاء عدد من المواطنين المغاربة الموجودين في إقليم ووهان الصيني، أما جلسة العمل الثانية المنعقدة بتاريخ 17 مارس 2020، فاتسمت بطابعها الـمواكِب، إذ خصصت لتتبع تدبير انتشار وباء فيروس كورونا.

أولا :فتوى المجلس العلمي الأعلى

خلال ارتفاع أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد ونظرا لـما يمكن أن يشكله اجتماع الناس في المساجد لأداء الصلوات الخمس وصلاة الجمعة وكذا صلاة التراويح لأننا على أبواب رمضان مما يخلق بيئة محفزة على انتقال العدوى أصدر المجلس العلمي الأعلى يوم الاثنين 16 مارس 2020 فتوى تجيز إغلاق المساجد مؤقتا مع الإبقاء على رفع الآذان إلى حين تخطي هذا الوباء والرجوع إلى الحياة العادية وذلك بناء على طلب الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين وحامي حمى الملة والدين .

ومن خلال هذه الفتوى نستنبط منها مايلي:

1-تجد فتوى المجلس العلمي الأعلى سندها الدستوري في أحكام الفصل 41 من دستور 2011 الذي ينص في فقرته الثانية على أنه “يرأس الملك أمير المؤمنين المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولـى دراسة القضايا التي يعرضها عليه”. وتضيف الفقرة الثالثة منه “ويعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة لإصدار الفتاوى التي تعتمد رسميا، في شأن المسائل المحالة إليه.

2- يظهر جليا من نص الفتوى التي أصدرها المجلس العلمي الأعلى أنها جاءت مقتضبة وخالية من السند الدستوري ، حيث تضمنت في البناءات إحالة واحدة على طلب الفتوى المرفوع إلى المجلس العلمي الأعلى من لدن أمير المؤمنين، دون إحالة على الفصل 41 من الدستور؛ كما أن الفتوى خلت من أي إحالة على النص القرآني أو الحديثي؛ وأنها جاءت منقطعةً من حيث السند التاريخي، من خلال غياب الإحالة على سوابق مماثلة في التاريخ الإسلامي، أو اجتهادات متواترة لدى أعلام الفقه المالكي، الذي يعدّ مذهبا رسميا للدولة، فضلا عن هذا وذاك، فإن لغتها وردت أقرب إلى اللغة المؤسساتية منها إلى لغة الفتاوى.

3-كما نجد أن الفصل 41 من دستور 2011 وظف المصطلحات التالية: “دراسة القضايا”، و”إصدار الفتاوى”، و”في شأن المسائل المحالة إليه”. في وقت ورد في متن فتوى المجلس العلمي الأعلى: “بناء على طلب الفتوى الموجهة إلى المجلس العلمي الأعلى من أمير المؤمنين”. لكن بالعودة إلى الدستور والنصوص المنظمة للمجلس العلمي الأعلى لا نعثر على معطيات بشأن شكليات طلب الفتوى الذي يحيله الملك بصفته أميرا للمؤمنين إلى المجلس العلمي الأعلى، كما أن الفتوى لا تحمل رقما ترتيبيا، كما هو الشأن مثلا بخصوص الآراء التي تُصدرها اللجنة الشرعية للمالية التشاركية، حيث تفصح ديباجتها عن أصحاب الصفة في الإحالة، ورقم تسجيلها لدى الأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى وتاريخه.

4-وكما هو معلوم فإن النصوص المنظمة لعدد من المؤسسات الدستورية المحكمة الدستورية المجلس الإقتصادي والاجتماعي والبيئي على انها ميزت بين نوعين من الوضعيات دراسة القضايا والنصوص في الحالات العادية ثـم دراستها في حالة الاستعجال كما أن تلك النصوص اختلفت في تقدير الـمدد والآجال. في هذا الصدد لا يسعف الفصل 41 من الدستور ولا نص فتوى المجلس العلمي الأعلى في معرفة ما إذا تـم اللجوء إلى تدابير حالة الاستعجال أثناء طلب الفتوى خصوصا أن الموضوع يتسم ب والإستعجال لكونه يهم المجال الديني ولا سيما حفظ الدين وحفظ النفس.

 

ثانيا: إحداث صندوق لمواجهة الوباء (التحمل الجماعي للأعباء)

أعطى الملك أوامره لإنشاء صندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا الذي حمل إسم ((الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد 19))

وقد نُشر المرسوم المنظم في الجريدة الرسمية بتاريخ 17 مارس 2020.

*الفصل 39 من دستور 2011

على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها،

وفق الإجراءات المنصوص عليها في هذا الدستور.

وجعل تفاقم انتشار الفيروس المشؤوم اللجوء إلى تفعيل الفصل 40 من دستور 2011 الذي ينص على الأحكام التالية: ((“على الجميع أن يتحمل بصفة تضامنية وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد”)) وذلك من خلال دعوة المواطنات والمواطنين إلى التبرع لفائدة الصندوق وهو الأمر الذي يعتبر مناسبة لاختبار قدرة أجهزة الدولة على الحشد والتعبئة، وفرصة لقياس درجة ثقة الناس في الإجراءات التي تتخذها المؤسسات الدستورية ولاسيما الحكومة.

وتم إحداث هذا الصندوق ضمن عدد من الخيارات الدستورية والقانونية المتاحة، من ذلك مثلا، تقديـم مشروع قانون مالية تعديلي، إعمالا لمقتضيات المادة 4 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية التي تنص على أنه “لا يمكن أن تغير خلال السنة أحكام قانون المالية للسنة إلا بقوانين المالية المعدلة” فالمادة تحيل على قاعدة رئيسة من مشمولات المبادئ العامة للقانون تسمى “قاعدة توازي الأشكال”، بمعنى أن قانون المالية، بالنظر إلى ما خصّه به الدستور والقانون التنظيمي لقانون المالية من إجراءات ومساطر، فإنه لا يمكن أن يطاله التغيير إلا بقوانين من جنسه، تسمى قوانين مالية تعديلية، غير أن الحكومة فضلت ألا تسلك هذا المسار، لكونها وجدت في المادة 29 من قانون المالية رقم 70.19 للسنة المالية 2020، منفذا لإحداث الصندوق المذكور، التي تنص على أنه “طبقا لأحكام المادة 26 من القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، يؤذن للحكومة، في حالة الاستعجال والضرورة الملحة وغير المتوقعة، أن تحدث خلال السنة المالية 2020 حسابات خصوصية للخزينة بموجب مراسيم. ويتم إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان مسبقا بذلك”.

بالعودة إلى المرسوم المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية، فإن المادة 25 منه المتعلقة بتطبيق المادة 26 من القانون التنظيمي لقانون المالية لـم تضف جديدا في هذا الباب، بل اكتفت بالتنصيص في آخر الفقرة على المقتضى التالي: “يحدد الوزير المكلف بالمالية كيفيات تطبيق مقتضيات هذه المادة”.

وفي نظري المتواضع فإن هذا القرار الذي اتخذه جلالك الملك بإحداث الصندوق، هو الذي حث الناس على المكوث بالبيوت والإلتزام بالحجر الصحي لإنجاح عملية التغلب على هذا الوباء والحد من انتشاره ،لكيلا نصبح في أزمة يصعب الخروج منها وبحمد الله ذهب المغرب تدريجيا في إنجاح هذه العملية في اتخاذ مجموعة من القرارات للحفاظ على حياة الفرد والمجتمع.

المطلب الثاني:الفراغ الدستوري في ظل تواجد جائحة كرونا

 

يعتبر إعلان حالة الطوارئ الصحية القرار الأكثر تأثيرا على المواطنين ضمن حزمة الإجراءات المعلنة لمواجهة فيروس كورونا المستجد لا سيما فيما يخص حقوق الأفراد وحرياتهم في التنقل والحركة وعلاقة بموضوع محاصرة انتشار الفيروس فإن دستور 2011 ينص على إمكانية إعلان حالة الاستثناء أو حالة الحصار لكنه لـم ينص على مقتضيات بخصوص حالة الطوارئ.

أولا:حالة الإستثناء أو حالة الحصار

ومن خلال دستور 2011 نجده يوضح إعلان حالة الاستثناء ((l’état d’exception ))من طرف الملك بظهير وذلك بوجود أحد الشرطين الآتيين :

أن تكون حوزة التراب الوطني مهددة أو أن يقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية على أن تتم استشارة رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي البرلمان ورئيس المحكمة الدستورية وتوجيه خطاب للأمة وترفع حالة الإستثناء باتخاذ الإجراءات الشكلية المقررة لإعلانها.

فعندما يكون هناك خطر يهدد السير العادي للمؤسسات الدستورية فلابد على الدولة أن تقوم بالإعلان على حالة الاستثناء وهذا ما يعرقل عمل مؤسستي الحكومة والبرلمان بالنسبة لهذه الظرفية الإستثنائية.

ثانيا : حالة الحصار

ومن جهة أخرى يمكن إعلان حالة الحصار (l’état de siège) بموجب أحكام الفصل 74 من الدستور لمدة ثلاثين يوما بمقتضى ظهير يوقعه بالعطف رئيس الحكومة، ولا يمكن تمديد هذا الأجل إلا بقانون، ويعتبر إعلان حالة الحصار من بين القضايا التي يُـتداول بشأنها في المجلس الوزاري، بموجب البند الثامن من الفصل 49 من الدستور. غير أنه إذا كانت الفقرة الأخيرة من الفصل 59 من الدستور تنص على أن “تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة”، خلال فترة إعلان حالة الاستثناء، فإنه لا يوجد ما يماثل هذا المقتضى خلال إعلان حالة الحصار.

يظهر جليا أن إعلان حالة الاستثناء أوإعلان حالة الحصار يشتركان في أنهما وردا في صيغة الإمكان وليس في صيغة الوجوب فالفصل 59 من الدستور نص على صيغة “أمكن للملك أن يُعلن حالة الاستثناء بظهير”، فيما الفصل 74 من الدستور نص على أنه “يمكن الإعلان لمدة ثلاثين يوما عن حالة الحصار”. لكنهما يتميّزان من حيث اللفظ عن حالة الحرب، بأن هذه الأخيرة يتم إشهارها، لأن الفصل 99 من الدستور ينص على أنه “يتم اتخاذ قرار إشهار الحرب داخل المجلس الوزاري”، لكن حالة الاستثناء تتميز بأنها غير محددة من حيث المدة، فهي تُـرفع “بمجرد انتفاء الأسباب التي دعت إليها”، وهو الأمر الذي يبقى بيد الجهة التي أعلنتها ابتداء فيما حالة الحصار فهي محددة في ثلاثين يوما ويمكن تمديد هذا الأجل بقانون.

ثانيا:حالة الطوارئ

لـم يـرد في الدستور المغربي لسنة 2011 عبارة حالة الطوارئ بأي صيغة من الصيغ كما هو الحال في الدستور المصري لسنة 2014 ((م 154))“يعلن رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء حالة الطوارئ على النحو الذي ينظمه القانون (..) أو الدستور الجزائري لسنة 2016 (م 105) “يقرر رئيس الجمهورية إذا دعت الضرورة الملحة حالة الطوارئ أو الحصار.

 

إن الفراغ الدستوري بشأن إمكانية إعلان حالة الطوارئ هو ما يفسر الإرتباك الذي حصل في التعامل مع هذا الوضع المستجد حيث لجأت السلطات المغربية في البدء إلى مباشرة حالة طوارئ غير معلنة من خلال وضع العديد من القيود على حركة الناس وتنقلاتهم وقد حددها البلاغ المشترك لوزارتي الداخلية والصحة يوم 18 مارس 2020 في العزلة الصحية إلا في حالة الضرورة القصوى ((التبضع أو التطبيب أو الالتحاق بالعمل أو ماشابه )) وقد باشرت السلطات العمومية عمليا حث الناس على ملازمة منازلهم لكن بعد يوم واحد من ذلك أعلنت وزارة الداخلية رسميا أن البلاد ستعرف حالة طوارئ صحية ابتداء من 20 مارس إلى 20 أبريل 2020، لكن الملاحظ أن الـمرسوم بقانون رقم 2.20.292 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، لـم يعرض على مجلس الحكومة إلا يوم الأحد 22 مارس 2020، الأمر الذي يستنتج منه أن الشروع في تنفيذ حالة الطوارئ عمليا كان غير مؤطر بقانون، وأن النص جاء لاحقا للفعل.

وللإشارة فإن حالة الطوارئ والتدابير الإستباقية كان لها الفضل في محاصرة الڤيروس بشكل جزئي وعدم انتشاره كما نرى في الدول المتقدمة والكبرى التي فقدت السيطرة على هذا الوباء وخلف ورائه ضحايا وإصابات جد مفزعة ،وذلك راجع إلى سهو هذه الدول في اتخاذالتدابير الوقائية والتقليل من خطورة الوباء ومن هنا يتضح أن حالة الطوارئ لعبت دورا مهما في بلادنا من اجل الحد هذا الوباء الفتاك .

وختاما لما سبق:

مما يلاحظ أن التدابير الإستباقية التي قامت بها الدولة لمواجهة ڤيروس كرونا المتمثلة في حالة الطوارئ أعطت ثمارها من أجل تفادي العديد من الإصابات والضحايا كما هو الأمر بالنسبة للدول الأجنبية وهذه التدابير المعلنة لمواجهة فيروس كورونا تميزت بطابعها الـمتدرج كما أنها اتسمت بالحضور التنفيذي للملك سواء بصفته أميرا للمؤمنين أو بصفته قائدا أعلى للقوات المسلحة مستعينا بالنص الدستوري أحيانا وبالأعراف الناشئة على ضفافه في أحيان أخرى وبالرغم من أن الوباء فرض على السلطات اتخاذ قرارات حازمة ولا سيما تلك المتعلقة بتقييد حرية الأفراد في التنقل والحركة وفي حالة تفاقم الوضع أكثر مما هو عليه فإن السلطات المغربية سوف تعلن حالة الإستثناء أو الحصار.

 

محسن التوزاني، طالب باحث