الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

"كورونا".." كدش" وفاتح ماي الافتراضي .. ورسالة إعادة بناء الدولة الاجتماعية

"كورونا".." كدش" وفاتح ماي الافتراضي .. ورسالة إعادة بناء الدولة الاجتماعية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل خلال مسيرة ماي، سابقة، و عبد القادر الزاير
لربما، هي لحظة غير معتادة وغير مألوفة وغير مستساغة البتة إن شئنا القولبتعبير آخر، أن تجد الطبقة العاملة المغربية نفسها هذه السنة، على غرار باقي "عمال" العالم، خارج فضاء تظاهرة "فاتح ماي العمالي"، ممنوعة، ليس هذه المرة، بموجب قرار سياسي دولتي، بل وعلى خلاف ذلك، بـ"قوة عَدُوٍّ قاتلٍ وجائحٍ"، من تخليد أمميا هذا اليوم ذي الطابع الاحتجاجي بصيغ وتعبيرات تلتقي في عناوينها العريضة عند شعار، يمكن أن نوجزه بالنظر إلى سياق المرحلة وتوقيتها ورهاناتها في: تحصين المكتسبات، وتجويد الحقوق المادية والأدبية، وبيئة العمل، ومستقبل عالم الشغل".
وكان لزاما أن يشتغل العقل النقابي للحركة النقابية المغربية في البحث عن الصيغة المثلى للتوقيع على تخليدها الذكرى، في عزِّ حالة الحجر الصحي الذي دخلت فيه بلادنا في حربها المفتوحة على فيروس كوفيد 19.
ويبدو جليا من التوقيت السياسي للحظة وسياقاتها، أن أنظار المتتبعين، كانت تتجه رأسا، وسط حزمة أسئلة وترقب كبير، إلى القرار الذي ستخرج به قيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بخصوص الصيغة المحتملة للاحتفاء بالتظاهرة، والمغاربة، يحصون ساعة بساعة، شهداء جائحة كورونا، ويتطلعون بحذر إلى حالات الإصابات الجديدة، وحالات التعافي من المرض الوبائي.. السبب، يعود في تقديرنا، إلى جملة اعتبارات، لعل أبرزها، يمكن أن نوجزه هنا بالنظر لسياق الأحداث وتطورها، إلى ثلاث مواقف/ قرارات، شغلا بمساحة عريضة الرأي العام ببلادنا خلال "السنة العمالية".
يتمثل الموقف الأول، في إعلان قيادة المركزية، رفض التوقيع على ما يسمى بـ"اتفاق 26 أبريل 2019"، بحمولة أبعاد القرار، السياسية والاجتماعية. الثاني، يتجلى في ترجمة الكونفدرالية لأجندتها التنظيمية والنضالية. الثالث، ويتقاطع في تفاصيله، مع متطلبات فترة "الجائحة"، ويتمثل في رفض النقابة، منشور رئيس الحكومة، القاضي بموجبه الاقتطاع الإجباري من أجور الموظفين والمستخدمين للمساهمة في الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كرونا المستجد، لأنه لم يكن موضوع نقاش في اللقاء الذي جمع العثماني، مع النقابات الأكثر تمثيلية، ولم يسبق للكونفدرالية، كما جاء في نص الرسالة التي وجهها المكتب التنفيذي لرئيس الحكومة، في هذا الخصوص، أن وافقت أو ساهمت في مناقشة قرار الاقتطاع من الأجور، ووصفته الرسالة بـ"القرار الأحادي".
إلا أن الكونفدرالية، ورفعا لكل تأويل لموقفها المعارض لمنشور رئيس الحكومة، أكدت في المقابل تشبثها بمبدأ المساهمة التطوعية لعموم الأجراء والموظفين في الصندوق. بل إن قيادتها ذهبت انطلاقا من مسؤوليتها الاجتماعية، في صناعة التضامن الوطني لمواجهة القادم من الأزمات، إلى ما يمكن أن نصطلح عليه هنا، بـ"مأسسة الطابع التضامن الوطني"، من خلال تقديمها لرئيس الحكومة مشروع مقترح يقضي انطلاقا من قراءة في مستقبل ماض تداعيات "الجائحة"، إلى تطوير مفهوم الحساب الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد، وتعويضه بصندوق وطني للطوارئ دائم وبموارد قارة، يخضع من وجهة نظرها، إلى آليات الحكامة المتعارف عليها دوليا.
ومن الطبيعي، أن يتولد للكونفدرالية، انطلاقا من سياق الأحداث وتطورها، شعارا يرتقي في بنائه السياسي والاجتماعي والاقتصادي والفكري، إلى المستقبل بما يطرحه من تحديات وإكراهات وانتظارات. من هنا، ومن منصة ماي الافتراضية، جاء إعلان المرحلة: "مواصلة النضال من أجل إعادة بناء الدولة الاجتماعية لمواجهة أزمات وصدمات المستقبل".
بهذا، تكون الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، قد التقطت جيدا سياق اللحظة وتوقيتها وظرفيتها، لتضع رهان مستقبل المغرب، في إطاره السياسي الذي ظل مغيبا لعقود، إنه الانخراط المسؤول في إعادة بناء الدولة الاجتماعية.
تلك، هي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وتلك، هي القضية.