الخميس 25 إبريل 2024
فن وثقافة

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (2)

الباحث محمد حفيظ يقرأ الخطاب الإعلامي في زمن كورونا (2) محمد حفيظ

حل محمد حفيظ، الأستاذ الباحث بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، والصحافي سابقا، ضيفا على حلقة من حلقات الجامعة الرقمية، التي تنظمها حركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، خلال فترة الحجر الصحي؛ وكان موضوع الحلقة هو "قراءة في الخطاب الإعلامي في زمن كورونا".

"أنفاس بريس" تنقل لقرائها، في حلقات، هذا الحوار مع محمد حفيظ الذي جرى بثه على اللايف مساء يوم السبت 25 أبريل 2020.

 

الحلقة الثانية: الحكومة ملزمة باستخلاص دروس وباء كورونا لإعداد استراتيجية متكاملة خاصة بالعمل عن بعد

 

بالنسبة إلى تقنية العمل عن بعد نحن نعلم أنها تقنية تستعمل منذ مدة في مجموعة من القطاعات، في الخدمات بمختلف أنواعها وفي التعليم، وحتى في الإعلام. وأشير هنا إلى أن الإعلام هو مجال العمل عن بعد بامتياز. ليس المهم في الصحافي أن يحضر مقر العمل لإنجاز عمله، المهم هو أن ينجز عمله في موعده المحدد وبالمواصفات المطلوبة، وتمكين المؤسسة الإعلامية التي يشتغل بها بالعمل في الوقت المحدد. وهذا ما كنت أقوله للصحافيين في التجارب الصحافية التي أشرفت عليها، لم أن أنتظر من الصحافي أن يحضر إلى مقر العمل وأن يجلس على الكرسي ويشتغل على المكتب. العدد الكبير من الاجناس الصحافية هي أجناس ميدانية. الصحافي يشتغل في الميدان، والميدان هو مقر عمله الدائم إلا بالنسبة لبعض الجوانب التقنية التي تتطلب الحضور والاشتغال بالمكتب. وقد ساعد التطور التكنولوجي على تسهيل عل الصحافيين عن بعد.

هناك مجالات خدماتية يمكن أن تقوم على تقنية العمل عن بعد بشكل كامل. ولكن هناك مجالات أخرى تتطلب الحضور الفعلي أو العمل الحضوري. وهنا، يمكن أن نتحدث عن التعليم. ففي هذا القطاع، يمكن أن نستفيد من تقنية التدريس عن بعد باعتبارها مكملة أو داعمة، ولا يمكنها أبدا أن تحل محل التعليم الحضوري. لماذا؟ لأن التلميذ أو الطالب في العملية التعليمية لا يتلقى فقط معارف، ولكنه يعيش في إطار محيط تعليمي يوجد فيه زملاؤه وأساتذته والإدارة... وفيه أبعاد كثيرة وهي التي تُسهِم تكوين المتعلم.  

إن تقنية العمل عن بعد تأخذ بعين الاعتبار تنوع القطاعات وطبيعة عملها. نعم، اليوم، لا يمكن أن نتحدث عن تدبير الشأن العام بدون اعتماد التكنولوجيات الجديدة وتقنياتها الرقمية، وضمنها تقنية العمل عن بعد. ولذلك، فإن الحكومة ملزمة بأن تستخلص الدروس والعبر من هذا الوباء، لإعداد استراتيجية متكاملة في ما يتعلق بالعمل عن بعد. وينبغي أن نستحضر هذا الواقع الذي لم يسبق للبشرية أن عاشته. فلأول مرة نجد أن ثلثي البشرية داخل الحجر الصحي في البيوت ونسبة كبيرة تشتغل عن بعد في مقر إقامتها. ولا نعرف إلى متى سيستر هذا الوضع، وهل سيتكرر في السنة القادمة أو بعدها. ولذلك، يجب أن نهئ أنفسنا لكل الاحتمالات الممكنة. وينبغي أن تتفتق عبقريتنا لكي نصوغ استراتيجية. وبطبيعة الحال يجب إشراك الجميع في صناعة المستقبل. نحن اليوم أمام لحظة تاريخية لا يمكن لجهة واحدة أن تستبد يصنع مستقبلنا. يجب أن يتم الاستماع لكل الآراء والمواقف. لا يمكن أن نعتمد منطق الأقلية والأغلبية في تحديد أسس بناء المستقبل. القوي اليوم هو القوي بفكرته، القوي بمشروعه، القوي باختياراته.