الخميس 28 مارس 2024
كتاب الرأي

سعيد جعفر: ماذا يحدث للسلطة بالمغرب؟

سعيد جعفر: ماذا يحدث للسلطة بالمغرب؟ سعيد جعفر

أشياء يجب قولها دون شعبوية ودون تملق ودون مجاراة للإيقاع العام.

الوضع في المغرب ليس جيدا، السلطة منغلقة لا تبدع و عدد من الجهات المحتجة لا تفكر بعقل مفتوح من أجل الوطن، وجهات كثيرة تسعى إلى تأزيم الأوضاع أكثر.

المحصلة أن حالة كبيرة من التوتر و الاستنفار تسم الفضاء العام، وحالة كبيرة من عدم الثقة تكتنف فئات واسعة من المواطنين والمواطنات، وحالة واسعة من خرق القانون والاستهتار المتبادل تسم الفضاء العمومي. وهناك حقوق كثيرة تنتهك..

ـ لماذا أصبح من العادي جدا أن يتهرب أغنياء ونافذون من أداء الضرائب لفائدة خزينة الدولة معتبرين ذلك حقا؟

ـ لماذا أصبح عدد من الموظفين يعتبرون الرشوة حقا ويدافعون عنها؟

ـ لماذا أصبح عدد من التلاميذ والطلبة يعتبرون الغش حقا ويدافعون عنه؟

ـ لماذا يعتبر عدد من مهنيي الطاكسيات الزيادات في التسعيرة حقا ويتكتلون من أجله؟

ـ لماذا أصبح من الطبيعي أن يميل عدد من السياسيين إلى حماية الرأسمال وحماية الفساد ويعتبرون الأمر عاديا؟

ـ لماذا أصبح بإمكان عدد من النقابات الدفاع عن الباطرونا وعن الحكومات واعتبار ذلك ضرورة؟

ـ لماذا أصبح الموظف يترك منصبه والذهاب للغذاء أو المقهى أو للصلاة مهملا حاجات ومصالح الناس معتبرا ذلك حقا؟

ـ لماذا أصبح بإمكان الموظف أن يضرب مع كل النقابات و يخوض اعتصامات مفتوحة معطلا حقوق الناس معتبرا ذلك حقا؟

ـ لماذا أصبحت شركة واحدة تحتكر كل القطاعات ويعتبر مالكوها حقا؟

ـ لماذا تحتكر الدولة السلطة والثروة وتعتبر ذلك حقا؟

ـ لماذا أصبح بإمكان حكم أن يعلن قرارات ظالمة في حق فريق دون أن يعتبر ذلك ظلما؟

ـ لماذا أصبح القاضي يصدر أحكام ظالمة ضد مظلومين ويعتبر ذلك تكييفا قانونيا صحيحا؟

ـ كيف تلجأ الدولة إلى توقيع اتفاق اجتماعي قيصري وجزئي لن ينجح في ضبط الشارع وتعتبره قرارا جيدا؟

كثيرة هي "لماذا" التي تكشف عن حالة كبيرة ومفتوحة من التناقضات.

إن هذه الوضعية تسائل جميع السلط. تسائل سلطة المدرسة وسلطة الأسرة وسلطة المسجد وسلطة الإعلام وسلط الدولة. فالوضع سيء جدا و الحلول المطروحة جزئية جدا، ولن تنجح تقريبا في حلحلة الأمور.

إن خطوات جريئة يجب أن يقوم بها الجميع حتى لا تتعقد الأمور.

الدولة ملزمة باجتراح حلول مبدعة وتكييفها لإجراءات البنك الدولي مع "سخونة" الوضع أصبح ضرورة ملحة. والهيئات المحتجة خصوصا من أساتذة التعاقد و طلبة الطب يستحسن لو وازنوا بين مطالبهم ومطالب الوطن.

الجهات التي تنتعش من تأزيم الأوضاع وتأجيجها لا بد أن تنتبه إلى خلاصات التاريخ التي تخلد لجيوش انهزمت في معارك تأخر فيها البعض لأسباب متفاوتة.

إن الدولة ليست ملاكا كما كان يصفها برنارد شو ولكنها أيضا ليست عاهرة يمكن لأي كان وطأها.

وإذا كان لا بد من مواجهة قرارات الدولة ومواجهة حتى شخوصها فالمعارك الحقيقية تكون بالمواجهات الحقيقية وليس عبر تقنية الدروع.
والدولة العاقلة والكلية العامة التي وضع هيجل فلسفتها العامة لا يجب أن تقهر مواطنيها بمزيد من الظلم وبمزيد من الضغط.