Friday 16 May 2025
سياسة

انتخاب عبد الله البقالي بين عموم اللفظ وخصوصية السبب..

انتخاب عبد الله البقالي بين عموم اللفظ وخصوصية السبب..

هنالك قاعدة فقهية عميقة الدلالة تقول بوجوب أخذ العبرة بـ"عموم اللفظ وليس بخصوص السبب"، ونقصد بذلك استنباط الأحكام العامة بالقياس مع واقعة أو حدث خاص، وانطلاقا، فالمشهد السياسي والحزبي بالمغرب غني بالحالات التي تنسحب عليها القاعدة المذكورة، و ما الانتخاب الأخير لعبد الله البقالي، البرلماني السابق وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الإستقلال، كرئيس للجنة التحضيرية للمؤتمر 17 لحزب الإستقلال إلا واحدة من هذه الحالات الدالة على ذلك إن على المستوى الشخصي للبقالي أو على مستوى الحزب الذي يمثله ككل.

وقد جاء انتخابه في سياق جديد يتميز باصطفاف الحزب إلى جانب العدالة والتنمية وخروجه بالتالي من المعارضة. وكان بديهيا إعادة ترتيب الأمور وفق السياق الجديد. وهكذا فقد جاء في ركن "حديث الصباح" ليوم 7 نونبر الذي كتبه بجريدة "العلم" على خلفية الإحتجاجات التي اندلعت إثر مصرع محسن فكري"إنه من الأفضل أن يسعفنا بعض المسؤولين من تصريحات تزيد الوضع تعقيدا" مضيفا "عندما تذهب تصريحات رسمية منسوبة إلى مسؤولين حكوميين إلى التلميح بالإتهام أو التخويف أو الترهيب فإنها في حقيقة الأمر تحرض على تصعيد التأزيم من خلال تحميس الغاضبين على التصعيد في غضبهم".

وكان البقالي بذلك يشير إلى كلام ورد عن حصاد وزير الداخلية الذي قال فيه بأن "المحرضين على الإحتجاج معروفون"، وإن كان البقالي يقصد في حديثه تداعيات الإحتجاجات التي اندلعت عقب مصرع محسن فكري بالحسيمة فإن "عموم لفظه" يطال مواقف وأحداث أخرى لمح إليها في حديث آخر في 3 نونبر تطرق فيه إلى رسالة وزير الداخلية التي بعثها إلى وزير العدل والحريات يطلب فيها حصاد من الرميد إعطاء تعليماته للنيابة العامة قصد فتح تحقيق حول ما يجري بقطاع الصيد بالحسيمة وكأن البقالي يقول لهما هل ينبغي أن ينحصر مثل هذا التحقيق في هذا الموضوع فقط؟ ولماذا لا يشمل ذلك قضيته وقد سبق أن احتج إثر متابعته في أبريل الماضي من طرف النيابة العامة للمحكمة الإبتدائية بالرباط بتهمة المس بشرف واعتبار مسؤولي الإدارة الترابية لا لسبب إلا لأنه نشر مقالا بجريدة الحزب انتقد فيه تدخل رجال السلطة وما عرفته الإنتخابات الجماعية 4 شتنبر 2015 من اختلالات واستعمال للمال الحرام، وأعطت لمحاكمته بعدا سياسيا بعدما رفعت وزارة الداخلية شكاية ضده إلى وزارة العدل خاصة وحزب "الميزان" كان آنذاك في المعارضة. وأكد البقالي موقفه حتى عندما سحب ترشيحه من التشريعيات الأخيرة بدائرة العرائش.

هذا السياق الجديد إذن هو ما جعل البقالي يتم انتخابه في 12 نونبر الماضي بالإجماع رئيسا للجنة التحضيرية للمؤتمر 17 لحزب الإستقلال ويزكي "عموم اللفظ". هذا ما تبناه الحزب في بلاغ وصف بالناري صدر عن مجلسه الوطني في دورته الإستثنائية الأخير 22 أكتوبر اتهم فيه حزب الإستقلال بشكل واضح حزب "البام" باستفادته من مساندة ووقوف الإدارة إلى جانبه في الإنتخابات التشريعية الأخيرة واستعمال المال الحرام، وهو نفس ما قاله البقالي سابقا وعرضه للمتابعة وإلى ذلك يعلن فرع الرباط للنقابة الوطنية للصحافة المغربية التي يرأسها وقفة تضامنية معه صباح يوم الثلاثاء 15 نونبر المقبل أمام المحكمة الإبتدائية.