ها هي استحقاقات انتخابات 07 أكتوبر 2016 قد انتهت بإيجابياتها وبسلبياتها... وها نحن ننتشي بما حققته فيدرالية اليسار الديمقراطي من تعاطف جماهيري أفرز مقعدين برلمانيين في دائرتين انتخابيتين ليس من السهل الظفر بها... إلا أننا لا يجب أن تأخذنا هاته النشوة وننسى.. لسنا إلا في البداية ولا يزال هناك عمل جبار ينتظرنا... فجنينا اليوم قد ولد من رحم نضالات طويلة... إلا أننا ملزمون برعايته والسهر عليه حتى يكبر ويترعرع... وجب علينا أن نستخلص النتائج وأن نقف عند الهفوات لتفاديها...
أول ما يمكن أن نستخلصه هو أن الشعب قد ضاق ذرعا بكل التجارب السابقة... وجرب كل الأطياف وفقد فيها الثقة... وقد رأى في اليسار الجديد خطابا و مشروعا من شأنه أن يفي بتطلعاته من خلال مشروعه الشعبي و التزامات مناضليه وحملته النقية النزيهة خلال هاته الاستحقاقات... غير وأننا في خضم هاته النشوة الآنية أخاف على الفيدرالية من شيء لازم اليسار في المغرب طيلة عقود مما أدى إلى تفككه واستنزافه... ألا وهو الصراعات الداخلية المبطنة بين قيادات مكوناته التي حركتها أياد خارجية في بعض الأحيان أو صنعها تضخم الأنا القيادية داخل هاته الهيآت... ووعيا منها بذلك وتفاديا لكل أخطاء الماضي فالفدرالية منذ تأسيسها وضعت ورقتين سياسية وتنظيمية بمثابة دستور داخلي ملزم للجميع... أقصد ملزم للأحزاب الثلاثة المكونة لها حتى لا يقع ما وقع في الماضي داخل هيآت سياسية يسارية كنا ننام في حضنها وخرجنا منها بدل إصلاحها وتغييرها وبتر أعضائها الفاسدة...
إننا بعد انتخابات 07 أكتوبر 2016 أصبحنا نمر بمرحلة فاصلة وتاريخية وجد حساسة لمستقبل اليسار السياسي بالمغرب بعد تراجعه النمطي منذ أواسط الثمانينات شيئا فشيئا حتى الآن... وبعيدا عن الدوغمائية اﻹيديولوجية التي شتتنا وشتت نضالاتنا لعقود يجب أن نقر أن كل مكونات اليسار من الراديكالي حتى المرن قد اقتنعت بأن أي عمل سياسي لا يلتصق بالشعب ويعيش وسط الشعب هو عمل ونهج حالم يعيش فقط بين نظريات كتب الثورة ولا يتنفس في الواقع اليومي للطبقات الشعبية البسيطة...
انتخابات 07 أكتوبر 2016 أعطتنا درسا ومعطى جديدا على أرض الواقع يجب الاستفادة منه... ألا وهو أن الشعب المغربي قد مل من كل التجارب السياسية الصفراء وبحاجة إلى بديل سياسي فعلي يلامس همومه اليومية ويوقف نزيفه المعيشي ويرد له كرامته كمواطن كامل الحقوق رأى في الفدرالية أفضل معبر عنه...
خطنا النضالي داخل الفيدرالية مع كامل احتراماتي مازال محصورا فقط بين النخبة من الشعب المغربي والمثقفين والمنظرين وليس على عامته... لذا وجب وضع استراتيجيات جديدة في العمل السياسي القاعدي من خلال الفعل في المجتمع المدني بتكوين جمعيات موازية تساهم في معايشة الانشغالات اليومية للطبقات الشعبية وملامسة همومها وطموحاتها... وأولى اﻷولويات هي الانصهار التام للقيادات الثلاث حتى لا تنعكس الصراعات الخفية بين زعاماتها وقياداتها على قواعد الفدرالية في مسارها النضالي... وجب التنسيق التام بين مركزيتي الرباط والدار البيضاء وتناسي أي خلافات شخصية أو جهوية وتفادي الجري حول الزعامات... وجب أيضا خلق منبر إعلامي يكون لسان الفدرالية والمعبر عن أفكارها ومشروعها يصل لكل بيت مغربي... إن المشكل ليس ماليا وإنما هو مشكل إرادات وتضحيات ونكران الذات...
أطرح سؤالا بسيطا يتبادر إلى الذهن: ما دمنا مازلنا داخل الفدرالية ولو في الخفاء نتحدث كل واحد باسم المكون الذي ينتمي إليه ... فهذا ليس له إلا تفسير واحد و هو أننا كأحزاب مكونة لا نسعى من وراء الفدرالية سوى استنزاف قوتها حين تتقوى من أجل تقوية كل مكون فينا على حدة وحين نحس أنفسنا قد تقوينا من خلال الفدرالية نمارس نفس السلوك الذي مارسناه حين انشققنا عن أحزاب أخرى...
ليتنا نؤسس شبيبة فدرالية موحدة... تعمل باسم الفدرالية وليس بأسماء مكوناتها... ليتنا بمعنى آخر ننصهر في كيان واحد تنتفي فيه المكونات وتنتفي فيه سباقات الزعامات... فالمرحلة تستوجب توحيد كل اليسار في جسم واحد متجانس إن أردنا الذهاب به بعيدا في الشارع السياسي المغربي... وهذا لن يتأتى إلا بإقصاء نظرتنا الشوفينية الدوغمائية القديمة والاستجابة للطرح الشبابي اليساري الجديد الذي لم يعش معنا دوغمائيتنا القديمة... دعوهم يعبرون ... دعوهم يقترحون... دعوهم يقررون لأن أفكارنا القديمة قد بدأت تتآكل ولم تعد تصلح للمرحلة الانتقالية الجديدة...