الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

حســن برما:هــي غــصــة

حســن برما:هــي غــصــة

هي غصّة ، منذ عقود .. في بلادي .. السياسة هي تجارة مربحة في الفقراء والأميين ، قطيع يتبع ذئبه ، سماسرة أوفياء يلبون دوما أوامر الافتراس العظيم ، أسراب مشتتة تهرب في كل الجهات ، ووهم الخلاص مجرد حلم ظهيرة تتحكم فيه ديناصورات مأجورة مهمتها قتل القتيل والمشي في جنازته .
قبل يوم الحشر كتبت .. ما يهمني في محطة 7 أكتوبر هو استعادة اليسار الحداثي الحر لمثقفيه ومثقفاته للتأكيد على أن هناك خيار آخر غير الانبطاح لمشيئة التماسيح ولوبيات افتراس الوطن .
اللعبة خانزة منذ صار الرعاة الكراكيز يبكون أمام قطعانهم المسرنمة ، والطائر الحر لا يرغم على الاختيار بين الذئب وبين الثعلب .. هو يعشق الحرية والتحليق في سماوات نظيفة من الأوغاد واللحى البشعة ولا يقبل اللعب سوى في فضاء حر كريم .
وعن النتيجة ، فأنا أعرف ان المقدمين والشيوخ خريجي المدرسة البصراوية المقيتة وأصحاب المال الحرام وشكارة علي بابا ستعمل عملها وتتحكم في الأرقام والنسب وإعداد خيلوطة عجيبة يلتقي فيها السمسار الملتحي بالشيوعي المرتد والانتهازي المفضوح .
وعليه .. لا أتوقع تغييرا إيجابيا يعترف بأحلام بسطاء وطني وجراحاتهم التاريخية مهما تغيرت وجوه جزيرة القمقوم .. أكره الفقيه الملتحي المخبر الجاهل الحاقد الكريه ومعه كل ديناصورات النقابات المتواطئة ودكاكين السياسة الانبطاحية البئيسة .. ورغم كل الخيبات ، أدعم يسار قلبي الجريح .
أعرف اننا سنبقى نناضل من أجل أحلام أبنائنا وحقهم في الحياة الحرة الكريمة .. أعرف أن طريق النضال النبيل طويل .. ولذلك لن أرمي السلاح العقلاني اللازم ، وأعرف أنني سأواصل تشبتي بحلمي الكبير حتى أرى وطني رحيما بكل المواطنين .. هناك دائما اختيار عقلاني وعاطفي راق بعيدا عن ثنائية الذئب وزَنْطِيطِه / ذيله.
الآن ، نجح المرحوم في صناعة ما يريد ، قطبية ظاهرية مزيفة في شجرة الليبرالية المتوحشة ، البقية في مقبرة الغفران مع موت حقيقي أو موت إكلينيكي في غرفة الإنعاش ، والجميع في خدمة الواحد الأوحد .
هو وطني ، وأنا يكفيني الغباء وموجات حمقاء من كوابيس الأسى والسخرية من سذاجتي .. يدعوني لحفل الأقنعة وأستسلم لسحر نرجسيته القاتلة !!!
فهل على اليسار أن يبني المساجد ويعين الأئمة ويشرف على الجنائز والمآتم والمناحات .. وألا يعول على الأنشطة الحزبية والثقافية التي لا يحضرها حتى منظموها ؟!!!
بالتأكيد لن تقدم الفزّاعات " المحنكة " استقالتها .. سيطول انتظارنا .. هي لم تفشل ، بل على العكس ، نجحت في المهمة التي أوكلت لها ، قتلت الأمل في التغيير ، طردت الشرفاء ، دفنت الحزب / المدرسة ، لذلك ستتم مكافأتها وسوف تعود لإخراج العيون في المناضلين .. راه ما عندها علاش تحشم .
نعرف جيدا أن طريق الحرية والكرامة طويلة وشاقة ، المهم .. هو ألا نستسلم للأسى واليأس .. نطرد الفيروسات المدسوسة ، نتنَصَّل من وهمنا ، نتذكر أول زهرة دفلى وردية البهاء أهديناها اشتهاءنا ، نشتاق تكسير القيود ونعانق شقائنا المرصود .
اليسار فكرة ونظام حياة لن يزهر في تربة تدنسها ديناصورات مهمتها قتل كل أمل في الحرية والكرامة .. فمن كان يؤمن بالفكرة فأنها ستبقى حية لن تموت ، ومن كان يؤمن بالحاج فلان وعمو فرتلان المحنك فليرحل عن حلمنا ، وهو أضعف الإيمان .