الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

لماذا لم تفز نبيلة منيب بمقعد ؟

لماذا لم تفز نبيلة منيب بمقعد ؟

لم تفز نبيلة منيب بأي مقعد رغم ترشحها على مستوى اللائحة الوطنية، التي كثيرا ما يقال أنها نوع من الريع لما توفره من حظوظ للمرشحين بعيدا عن النزال في دوائر محلية. لم تفز رغم دعمها من شخصيات فكرية وثقافية فضلا عن شخصيات سياسية، ورغم وجود رغبة لفوزها ليس فقط في صفوف بعض مناضلي اليسار، بل ربما حتى في صفوف بعض الجهات الرسمية تحقيقا للدمج، وجزاء لها على ما قدمته من جهود، خاصة في قضية الصحراء. يبدو من بعض التعليقات أن السيدة منيب وبعض رفاقها يربطون ذلك بمحدودية الإمكانات مقارنة مع الإمكانات المتاحة لأحزاب سياسية أخرى، وباستعمال المال وتدخل السلطة، ورغم وجاهة بعض هذه الأسباب، تبقى هناك اعتبارات أساسية أخرى تُفسر عدم ظفرها بمقعد في مجلس النواب:

أولها: أن الفوز في اللائحة الوطنية له علاقة كبيرة مع الفوز في اللوائح المحلية، وأن الفائزين على المستوى الوطني يكونون في الغالب من ست (انتخابات 2007) أو ثمانية الأحزاب الأولى (انتخابات 2011 و2016) المتصدرة لنتائج الانتخابات.
ثانيها: أن تحالف فدرالية اليسار رغم تقديمه للوائح ترشيح في 90 دائرة، أي بما يعادل نسبة تغطية بلغت 97,8 من مجموع دوائر الترشيح، فإن ذلك لا يعكس أي امتداد جماهيري أوعمق شعبي للتحالف وللأحزاب السياسية المشكلة له، وقد تأكد هذا في الانتخابات الجماعية والجهوية الأخيرة، حيث لم يفز التحالف إلا ب 332 مقعدا من مجموع 31 ألف و482 مقعدا، أي بنسبة لم تتجاوز 1,06 % من مجموع المقاعد، كما تأكد في انتخابات 7 أكتوبر بحيث لم يفز التحالف إلا بمقعدين من مجموع 395 مقعد.
ثالثا: أن تحالف فدرالية اليسار رغم رفعه لشعارات ومطالب جريئة من مثل الملكية البرلمانية، وحديثه عن ما أسماه بالخط الثالث، فإن كل ذلك لم يجلب أصواتا من العائلة اليسارية نفسها، فكيف بمواطنين عاديين. واتضح أن الأصوات التي تراجعت عن دعم الأحزاب اليسارية (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي تراجع ب 19 مقعدا، والتقدم والاشتراكية الذي تراجع ب 6 مقاعد) لم تتجه إلى تحالف فدرالية اليسار، وإنما بقت في الغالب خارج صناديق التصويت، ليس بسبب رفض تلك الشعارات والمطالب، خاصة مطلب الملكية البرلمانية، ولكن ربما لاعتقادها أن المشاركة في مؤسسات على أساس دستور 2011 ليست هي الطريق السالكة إلى ذلك. وقد يكون جزء من تلك الأصوات تحول إلى البام، وربما إلى العدالة والتنمية أيضا.
رابعا: لم تستطع السيدة منيب وأغلب قيادة تحالف فدرالية اليسار التخلص من خطاب إيديولوجي وصدامي يتسبب في نفور الكثير من المواطنين، الذين يرون في ذلك مسا بهويتهم. ولم يستطيعوا تطوير خطاب سياسي واضح وبسيط، يجمع أكثر مما يفرق، على غرار ما طورته بعض الأحزاب اليسارية الأوربية. وسيظل ذلك النوع من الخطاب، ما لم يتم التخلص منه، عائقا أمام التواصل السياسي والامتداد الجماهيري.