الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

بوجمعة بوعزاوي: الضمانات القانونية ذات البعد الفردي المقررة لصحة ونزاهة الانتخابات التشريعية لـ 07 أكتوبر 2016

بوجمعة بوعزاوي: الضمانات القانونية ذات البعد الفردي المقررة لصحة ونزاهة الانتخابات التشريعية لـ 07 أكتوبر 2016

يعد الانتخاب وسيلة ديمقراطية يختار الناخبون عبرها من ينوب عنهم ويتكلف بإدارة الشؤون العامة على المستويين الوطني والمحلي. ونظرا لتلك الأهمية تحرص الأنظمة الانتخابية على إحاطتها بسياج من التدابير والضمانات تتوخى صحتها ونزاهتها.

وقد أكد الدستور المغربي على أن "الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي".. وأضاف بأن الأمة تختار "ممثليها في المؤسسات المنتخبة بالاقتراع الحر والنزيه والمنتظم". وبين القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب كما تم تتميمه وتغييره، أهم ضمانات صحة الاقتراع ونزاهته.

تنقسم تلك الضمانات إلى ضمانات ذات بعد جماعي وأخرى ذات بعد فردي. ترمي الأولى إلى حماية عمليات التصويت من التجاوزات وكل أشكال الغش والمناورات التدليسية. أما الضمانات ذات البعد الفردي، وإن كانت لها نفس غاية الضمانات ذات البعد الجماعي، فإنها تستهدف بالدرجة الأولى الناخب حتى يتمكن من أن يعبر عن إرادته بكل حرية وتجعله متحررا من كل أشكال الضغوط أو الوعود أو أي التزام آخر مهما كانت طبيعته.

- الضمانات المقررة لصيانة سرية التصويت

تعد سرية التصويت مبدأ أساسيا في الانتخابات وعاملا محددا لحريتها ونزاهتها. لذلك تتوقف قيمة ومصداقية التصويت على احترامه. فهو وسيلة تحمي وتحافظ على حرية الناخب وتجعل اختياره لمرشح معين أو لائحة معينة حرا وإراديا، ويكون في منأى عن الضغوطات كيفما كانت طبيعتها وشكلها.

وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة 75 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب على أن "التصويت يكون سريا..". إن سرية التصويت يضمنها في المقام الأول وجود معازل داخل مكاتب التصويت، وطي ورقة التصويت حتى لا يعلم الغير الاختيار الذي قام به الناخب في المقام الثاني.

سرية التصويت يضمنها في المقام الأول وجود معازل داخل مكاتب التصويت يختلي فيها الناخب من أجل التصويت.

يكون التصويت سريا، ويتم داخل معزل بوضع الناخب علامة في المكان المخصص للائحة أو للمترشح الذي يختاره في ورقة التصويت الفريدة الحاملة لطابع السلطة الإدارية المحلية. وقد كانت المادة 62 من القانون الانتخابي الفرنسي عرفت المعزل بأنه جزء من القاعة معد لجعل الناخب بعيدا عن الأنظار عندما يصوت ويضع الورقة داخل الغلاف. كما سبق للمحكمة الإدارية بالرباط (1997) أن قررت أن "المعنى القانوني للمعزل هو نفس معناه اللغوي الذي يقصد به كل مكان أمكن فيه الانعزال عن المحيط الخارجي...". وغياب المعزل يشكل مخالفة خطيرة تمس بمصداقية الاقتراع ولو غابت نية التدليس كما ذهب في ذلك القضاء الانتخابي الفرنسي.

إن وجود المعزل يعد ضمانة تحافظ على سرية التصويت، لكنه يحتاج إلى شرط آخر يكمله ويحافظ عليه.

- طي ورقة التصويت

إن الهدف من طي ورقة التصويت بعد أن يضع الناخب، حسب اختياره، علامة تصويته في المكان المخصص للائحة أو للمترشح على مستوى الدائرة الانتخابية المحلية، وعلامة تصويته في المكان المخصص للائحة أو المترشح على مستوى الدائرة الانتخابية الوطنية، هو أن يبقى التصويت سريا ولا يعلمه إلا صاحبه. وقد بينت المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب هذا الإجراء الهام، حين نصت على أن يقوم الناخب "بطي ورقة التصويت قبل الخروج من المعزل". وأضافت "يودع الناخب بنفسه ورقة تصويته مطوية في صندوق الاقتراع".

إن هذا الإجراء الذي يحافظ على سرية التصويت يشمل حتى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. ذلك أن كل ناخب به إعاقة ظاهرة تمنعه من وضع علامة تصويته على ورقة التصويت أو إدخال هذه الورقة في صندوق الاقتراع، يستعين بناخب من اختياره، يكون متوفرا على البطاقة الوطنية للتعريف.

- الضمانات المقررة لجعل التصويت شخصيا

يعد مبدأ صوت واحد لكل ناخب مبدأ أساسيا في الانتخابات. ويجب دائما ضمان وحماية هذا المبدأ من جهة حتى يبقى التصويت مقتصرا على الأشخاص الذين يجوز لهم ذلك قانونا، ومن جهة ثانية حتى يتم تفادي التصويت المتكرر أو غير الجائز قانونا.

حماية لهذا المبدأ فصلت المادة 77 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب طريقة التصويت. فالناخب يسلم عند دخوله قاعة التصويت، إلى كاتب مكتب التصويت بطاقته الوطنية، والذي يعلن بصوت مسموع الاسم الكامل والرقم الترتيبي للناخب. إذاك يأمر رئيس مكتب التصويت بالتحقق من وجود اسم الناخب في لائحة الناخبين ومن هويته. وبعد أن يصوت الناخب يضع الرئيس على يده علامة بمداد غير قابل للمحو بسرعة. ويضع إذاك عضوا المكتب في طرة لائحة الناخبين إشارة أمام اسم المصوت.

يلاحظ إذن أن المشرع المغربي ضاعف الإجراءات التي تبقي التصويت شخصيا وتحافظ عليه. وهي نفس الإجراءات المتبعة في حالة التصويت بالوكالة. فإذا تعلق الأمر بناخب تابع لمكتب التصويت وموكل من لدن ناخب مقيم خارج تراب المملكة، قام الناخب الوكيل بالتصويت باسمه أولا وفق الكيفية المبينة أعلاه، قبل التصويت لفائدة الموكل وفق نفس الكيفيات، نيابة عن الناخب الذي منحه الوكالة وذلك بعد الإدلاء بوثيقة الوكالة وبطاقته الوطنية للتعريف. ويشار إلى هذه الحالة ببيان خاص في محضر مكتب التصويت.