عندنا عدد كبير من الأحزاب لا يمكن القول بأنها جديرة بأن تلعب دورا ما في الحياة السياسية كأن يكون لها تأثير على مجريات الأحداث، أو أن تستطيع أن تقدم أي شيء لإدارة الشأن العام.
تتوالى الحملات الانتخابية وتتوالى مواعيد الاقتراعات، ولا تتمكن هذه الأحزاب الصغيرة من عقد تجمعات تحضرها جماهير ولا يحصل مرشحو هذه الأحزاب على نتائج في صناديق الاقتراع ومع ذلك يظهرون عدة مرات للظهور على شاشة التلفزة ليتحدثوا مع المغاربة كأن لهم جذور في تربة المجتمع المغربي تعطيهم الحق للحديث عن الشأن الحزبي رغم أن لا قواعد لهم ولا تنظيمات تمكنهم من التحدث باسم السكان. ومع ذلك تصر التلفزة على ظهور هؤلاء الناس على شاشتها حتى في النشرات الإخبارية الرئيسية ليقولوا اليوم نفس الكلام الذي أدلوا به أمس وبالتأكيد فهو نفس الكلام الذي سيقولونه غدا، أي مجرد كلام فارغ.
ويعتقد كثيرون أن ممثلي الأحزاب القزمية يعتبرون أن الهدف الأساسي لوجودهم هو تلك اللحظة التي سيظهرون فيها على الشاشة الصغيرة وهي ربما بالنسبة للبعض لحظة وحيدة لإثبات الذات.
ما هي الفائدة من وجود هذه الأحزاب على شاشة التلفزة أو على أي مستوى آخر؟ من يستفيد من الحديث عن الأحزاب القزمية في سياق الأحداث الوطنية سواء في مواسم الانتخابات أو في أيام الله العادية؟
طبعا من حق أي كان وأي مجموعة من المواطنين أن يكون لهم تنظيم خاص بهم كأن يتعلق الأمر بحزب أو جمعية من المجتمع المدني أو ناد للترفيه السياسي وهنا لا يمكن القول بأن ثمة من سيتضايق من كون بعض الناس قد أسسوا حزبا خاصا بهم للظهور في بعض المناسبات وغير المناسبات، ولكن مع الأسف يبقى من حق أي كان أن يتساءل حول ما هو الجدوى وما هي الفائدة التي سيجنيها بعض الناس من التوفر على حزب صغير يكون تحت تصرفهم في مناسبة الحملة الانتخابية وفي أي مناسبة أخرى؟
الانطباع الذي يتركه هؤلاء هو أنهم لا يختلفون عن أصحاب الدكاكين الصغيرة في بعض الأسواق وهي دكاكين لا يقترب منها الزبناء ويظل أصحابها يعانون من الكساد فيضطرون إلى إعلان الإفلاس وإقفال الحانوت والاختفاء عن الأنظار.
أما أصحاب الدكاكين في السوق السياسية فلم نسمع أن أحدا منهم اختار المواجهة مع الواقع وإعلان فشله في التوفر على حزب حقيقي، تتقدم تارة مواقعه في المشهد الحزبي وتتأخر تارة أخرى كدليل على حيوية أو نشاط في الحقل السياسي.
وإن كانت الأحزاب القزمية تظل دائما على أحوالها وتصر على وجودها ككيانات وهمية لا تأثير لها على الواقع السياسي الوطني، فمن المحقق أن ثمة فوائد تعود على من يعتبرون أنفسهم زعماء يملكون أحزابا كما لو كانوا يملكون علامات تجارية.
وعلى أي، فهناك من أصحاب هذه الأحزاب من يظهرون على الشاشة الصغيرة فيثيرون تارة السخرية والاشمئزاز، ويثيرون تارة أخرى الشفقة .
كتاب الرأي