انتهت الألعاب الأولمبية وفاز والأقوياء بمختلف الميداليات وليس من الصدفة أن يكون الأوائل في الترتيب العام ينتمون إلى دول لها مكانة كبيرة في العالم من حيث القوة الاقتصادية أو التأثير الأكيد على السياسة الدولية من خلال العضوية الدائمة في مجلس الأمن.
ومن الملاحظات الهامة أن أبطالا رياضيين مازالوا طلبة جامعيين بينما آخرين تخرجوا من معاهد العلوم السياسية أو مدارس الهندسة في مختلف فروعها.
وسبب ذلك أن دولهم تبذل مجهودات متراكمة عبر الأزمنة في مختلف المجالات ومنها الرياضة والتجهيزات الرياضية إلى جانب سياسة التربية الوطنية بنفس مستوى الجهود المبذولة في الميادين الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية.
أين نحن من هذا التقدم الذي حققته دول أخرى في الملاعب الرياضية المختلفة؟
منذ السابع دجنبر 1955 أصبح للمغاربة الحق في تأسيس حكومة وطنية كان من ضمن وزارئها كاتب للدولة في الشبيبة والرياضة هو المرحوم أحمد بنسودة ومنذ ذلك التاريخ فكل الحكومات المتعاقبة ضمت ضمن أعضائها وزيرا مكلفا بالشبيبة والرياضة من باب الاهتمام بهذا القطاع، ومع الأسف فهذا الاهتمام لم تكن له انعكاسات حقيقية على واقع قضايا الشباب وتقدم الرياضة سواء في ما يخص الألعاب الفردية أو الجماعية.
ويجب الاعتراف بزن مختلف الحكومات لم تتمكن من معالجة قضايا الرياضة ومشاكل الشباب من خلال المسؤولين المتعاقبين على وزارة الشباب والرياضة، والحكومة الحالية عرفت ثلاثة أسماء توالوا في فترات وجيزة على قطاع الشبيبة والرياضة بدون أن يكون أي واحد منهم مثل من سبقوه قادرا على المجيء ببرنامج أو خطة عمل من شأنها النهوض بالرياضة وبأوضاع الشباب.
ولا حاجة إلى القول بأن الأمر بتجاوز أيا كان من الذين تسند إليهم حقيبة وزارية مكلفة بالشبيبة والرياضة وخاصة بعض الحالات التي يكون فيها إنسانا له انشغالات أخرى فيطلبون منه على حين بغثة أن يصبح وزيرا مكلفا بالشبيبة والرياضة كما حصل في عدة مناسبات.
ولهذا لا غرابة أن يواجه الشباب في المغرب عدة مجالات لاسيما في المجالات الرياضية بالذات، التي تعرف عدة تعثرات وضعف الأداء على المستوى الوطني أو الدولي.
ولعل أخطر ما تواجهه الرياضة في المغرب هو تكرار أحداث الشغب في بعض ملاعب كرة القدم، وهذا مشكل تعاني منه الشبيبة المغربية وخاصة أبناء الشعب في الأحياء الهامشية لكبريات المدن أكثر مما هو مشكل رياضة في المغرب. ومرة أخرى يجب التأكيد بأنه مشكل يتجاوز مهام الوزراء المكلفين بالشبيبة والرياضة لأنه مشكل يتعين على الدولة أن تجد له الحلول الحقيقية. والمؤمل أن تعمل الحكومة المقبلة على رفع درجة الاهتمام بمشاكل الرياضة وقضايا الشباب وتجعل هذه المشاكل وهذه القضايا من أسبقيات ملفات التربية الوطنية.
ويمكن التفكير في اختصاصات وزارة التربية الوطنية كأن تكون لها في مرحلة محددة وصاية على مشاكل الرياضة وقضايا الشباب وذلك بجعل الجامعات والمعاهد العليا تتوفر على تجهيزات رياضية داخل الجامعة أو غير بعيد عنها بهدف دفع الطلبة والطالبات إلى الانتظام في ممارسة الألعاب الرياضية بدلا من ترك الرياضة مجالا خاصا بالمهمشين من أبناء الشعب الذين انقطعوا عن الدراسة، وينظرون إلى الرياضة كسلك للإنقاذ.
فلا يعقل أن تخصص الدولة غلافات مالية هامة لبناء الملاعب وإقامة التجهيزات الرياضية بدون أن تصرف هذه الميزانية بتنسيق مع الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية والتعليم العالي.
وعلى كل حال يجب أن يكون هدفنا في المستقبل هو رفع أداء الرياضة والرياضيين من خلال ربط التكوين في الممارسات الرياضية بمتطلبات التربية الوطنية.
كتاب الرأي