الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

علي المدرعي:من أبغض وسائل " التحكم " استغلال الخطاب الديني في الحملات الانتخابية

علي المدرعي:من أبغض وسائل " التحكم " استغلال الخطاب الديني في الحملات الانتخابية

في ظل الحصيلة الكارثية لحكومة عبد الإله بنكيران على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإن التركيز على مفهوم " التحكم " هدفه الأساسي الهروب من المحاسبة والمساءلة، وإلهاء الناخبين من خلال صناعة أعداء مفترضين أو وهميين .
الحديث عن " التحكم " ونحن على بعد أيام من استحقاقات السباع من أكتوبر القادم ، يعبد الطريق لحزب العدالة والتنمية بزعامة بن كيران إلى الحديث عن " التزوير " في حالة إذا كانت نتائج الانتخابات التشريعية معاكسة لطموحات حزب " البيجيدي " ، وأعتقد جازما أنه أمر خطير على استقرار المغرب وسلمه الاجتماعي إن صدر عن رئيس حكومة ورئيس لجنة الإشراف على تتبع العمليات الانتخابية، وشخصيا لا أستبعد هذا المنحى.
إن النضال الديمقراطي المرير منذ سنوات الرصاص بفضل القوى الحية في المغرب، أتمر مكاسب سياسية وحقوقية غير مسبوقة، وكان من نتائجه بالطبع تجاوز فترة تزوير إرادة الناخبين، ومنع البعض من الترشح أصلا، وتزوير محاضر نتائج الاقتراع، بعد طرد ممثلي أحزاب اليسار من مكاتب التصويت، واستفراد وزارة الداخلية بإعلان النتائج قبل نهاية عملية الفرز، وبطبيعة الحال وبكل تأكيد فالأمين العام لحزب العدالة والتنمية بن كيران لا يتحدث عن فترة هذه التجاوزات، لأنه ببساطة لم يشارك في التصدي لها ولم يناضل من أجلها ضد أم الوزارات.
ونذكر هنا أن مصلحة المغرب كانت تقتضي مراكمة المزيد من المكاسب مثل محاربة استعمال المال الحرام في الانتخابات، وتسخير إمكانيات الدولة من وسائل نقل ومحروقات وإعانات لكسب واستجداء أصوات الناخبين، وبطبيعة الحال محاربة استعمال الدين الإسلامي وحشره في الحملات الانتخابية، والخطب الرنانة وهي أبغض وسائل " التحكم " .
في ظل هذا التجاذب السياسي كنا نود أن تقدم الحكومة كرد موضوعي لحصيلتها في جميع القطاعات التي عرفت تراجعات خطيرة ( التعليم / الصحة / الإعلام/ الثقافة / الديبلوماسية / مستوى المعيشة / ..) ودون العودة إلى التفاصيل نشير على سبيل المثال لا الحصر إلى البعض من إنجازات الحكومة الحالية برآسة عبد الإله بن كيران ، هل يعلم سيادة الرئيس أن 42% من المغاربة تحت عتبة الفقر/ وهل نسي كارثة إخلاء بويا عمر من المرضى العقليين وإهمالهم وتشريدهم في الشوارع حتى أدى هذا القرار إلى مأساة اجتماعية بعد استفحال ظاهرة الاعتداءات والتي لم يسلم منها حتى المصلون داخل المساجد / وهل هو على علم بمغادرة 22 ألف إطار من المؤسسات التعليمية مما سينتج عنه أكبر عملية اكتظاظ في تاريخ تعليمنا العمومي المستهدف / وهل بإمكانه إنكار تدني مستوى البرامج والمنتوج الدرامي بالقنوات التلفزيونية/ .....لن نتحدث عن قرارات رئيس حكومة الإسلاميين اللاشعبية التي أجهضت حلم المغاربة في تقاعد مريح ، ونزعت عنهم صفة الانتفاع بالدعم المخصص من صندوق المقاصة ..إلخ.
من هنا تأتي مشروعية سؤالنا السياسي، أين زعماء الأحزاب السياسية الأخرى المشاركة في حكومة بن كيران؟ ولماذا توارت إلى الخلف ؟ وكيف يفسر صمت هذه الأحزاب على كل هذه التراجعات ؟ هل هو نوع من الاعتراف بالجميل لرئيس الحكومة بن كيران ؟ أم أنه طلب ضمني للمشاركة في النسخة المقبلة ومواصلة اقتسام الكعكعة ؟؟ أم أن هناك عملية " تحكم " طالت رقابهم من طرف بن كيران؟
ختاما ، نعتقد أن شعبا قاوم الاستعمار بوسائل بسيطة، وقدم ضحايا بالآلاف، ثم قاد صراعا مريرا من أجل البناء الديمقراطي والحقوقي ، لا يمكن أن يدعن " للتحكم " حتى من طرف عبد الإله بن كيران نفسه، وتحضرني قولة لأحد المهتمين بالشأن السياسي مفادها " أن أكبر نقطة ضعف في الديمقراطية هي إمكانية التسلل لها، وتخريبها من الداخل ".