Monday 12 May 2025
سياسة

شباب المغرب يلزمهم التوجيه الصحيح عوض "نظارات التفركيس" وسروال الدجين .. آسي العماري !!!

شباب المغرب يلزمهم التوجيه الصحيح عوض "نظارات التفركيس" وسروال الدجين .. آسي العماري !!!

عندما قال "إلياس العماري" الأمين العام لحزب "الجرار" في خطابه المشهود، الذي يتداوله في هذه الأيام رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بتهكم وسخرية، أن الشاب المغربي يحلم  باقتناء سروال ونظارات والحصول على مقابل طلب "كأس قهوة" عند ولوجه للمقاهي، ربط ذلك بنجاة هذا الشاب من مقولة يمكن أن تصدر من فتاة، مضمونها (ابتعد عني.. أنت لا تساوي شيئا...). لم يحدد "العماري" نوعية الشباب والفتيات الذين قصدهم بكلامه، وترك التأويل مفتوحا على كل الواجهات، وهو السياسي الذي يقدم نفسه هذه الأيام كمنافس قوي لبنكيران الذي اشتهر بقفشاته وكلامه الخارج عن المألوف.

مثل هذه الجمل في خطاب السياسي وإن قال أنها خرجت من سياق مخالف لقصده، أو تم تحويرها حسب زعمه، لا يمكن أن نستفيد منها سوى ثلاث نقط رئيسية كتقييم لقيمة الرجل سياسيا:

أولا: بعد أن صال وجال بن كيران رئيس الحكومة، وأمطر المواقع الاجتماعية والبرلمان بقفشاته وعباراته المثيرة للسخرية، سيجد اليوم منافسا قويا له، ليس في تحقيق ما عجز عنه بنكيران من وعود بخصوص محاربة الفساد وتحقيق مطالب الفئات الهشة، بل في "الكوميديا السياسية البرلمانية والحكومية" التي غلبت كوميديا التلفزيون والحلقة...

ثانيا: أبان إلياس العماري أنه يستعمل قاموسا خاصا بالشباب العاطل عن العمل والمتوقف عن الدراسة، والشبان السلبيون ضحايا المجتمع الاستهلاكي، الذين ترسخ في ذهنهم حلم امتلاك المال دون عرق ودون جهد عضلي أو ذهني منتج، يعود بالنفع عليهم وعلى أسرهم ومجتمعهم، للظهور بمظهر جاذب، لفتيات فارغات الفكر لا يهمهن في الشباب، سوى اللباس وتسريحة الشعر و"الخياكات" بلغة الشارع التي تعني النظارات خاصة الشمسية الباهظة الثمن. وعندما تحدث عن التمكن من أداء واجب مشروب بالمقهى، وجه خطابه لأولئك الشباب العاطلين، الذين يترددون على المقاهي أكثر من النادل الذي يداوم مع زميل له، فتجدهم يتابعون مباريات كرة القدم بشغف، أكثر من متابعتهم لأخبار بلدهم ومسارهم الدراسي، دون الانخراط في تعلم صنعة تقيهم الحاجة والفقر ومد اليد للأخوات والآباء والأمهات، وقد انزلق خطابه لكي يصب في اتجاه شباب يطاردون الفتيات، لدعوتهن للمقهى، قصد تثبيت أركان علاقة غير شرعية، غالبا ما تنتهي بإنتاج المشاكل وتتحول في غفلة من الأسرة والسياسي لـ "قضية فساد" بأقسام الشرطة.

ثالثا: نستنج من خطاب إلياس العماري أن الشاب المغربي الذي قصده في فقرة الخطاب، لا يهمه سوى النظارات وواجب مشروب بالمقهى وسروال "دجين" وفتاة مُعجبة بطريقة لباسه وليس بقيمته الفكرية ووعيه وأخلاقه ونجاحه في مساره الدراسي أو المهني سواء (رجل أمن خاص أو عامل نظافة أو مصلح دراجات هوائية ونارية أو طبيب أو أستاذ جامعي ...) وقدرته على تكوين نفسه وتحمل المسؤولية الأسرية وتربية الأبناء، وهو بهذا التعميم ظلم الكثير من الشباب، الذين يجتهدون ويكدون في التحصيل العلمي، لكي يصلوا لمناصب مهمة في المجتمع، وفتيات واعيات ناضجات لا يمكن أن يضحك عليهن شاب، بالمظاهر الخداعة وإن كان الزمن قد تقدم على فكر العماري، لأن أغلب الفتيات المعنيات، المنخدعات بالمظاهر أو الباحثات عن ضحايا الماكياج وضيق الملابس، ينخدعن بالسيارات والماركات العالمية والجيب المنفوخ بالمال الوافر.

لا يمكن لأي سياسي كيف ما كانت إيديولوجيته أو مستواه في الخطابة وكيف ما كان موقع حزبه داخل الخريطة السياسية، أن يضحك على شباب المغرب، لأن الشباب المغربي يحتاج لمؤسسات قوية وديموقراطية، تعمل على إشراكه في تدبير البلد وتستقطبه للسياسة التي لا يجد نفسه فيها. الشاب المغربي "يا  إلياس" مثله مثل الشابة المغربية يحتاجان لتعليم جاد ومنتج ولخدمات طبية تحترم الإنسان، وعدل ينصف المظلومين وإدارات مسؤولة خالية من المحسوبية والزبونية و"باك صاحبي"، ويحتاجان لفرص شغل شريفة ومبارايات توظيف تحترم الكفاءة وتكافؤ الفرص. أما ارتداء النظارات والتردد على المقهى بلباس راق والتجول في الزقاق والحدائق و"شوارع شوفوني"، فهي أمور تدخل في الوقت الثالث، لشباب وشابات صنعوا من نفسهم أشخاصا مهمين في مجتمعهم، يحترمهم الجميع، ولو كان إلياس العماري كلف نفسه عناء البحث، لوجد أن "سراويل الدجين" عندما ظهرت أول مرة في الولايات الأمريكية، كانت لغاية ارتداءها، للعمل بمناجم البحث عن الذهب، لكون هذا النوع من الثوب يتحمل قساوة العمل والكد في البحث عن هذا المعدن البراق، الذي يكون أسودا عند استخراجه من باطن الأرض، ثمَّ يُغسل ويخلط بمعادن أخرى ليسهل تطويعه في أشكال جاذبة، لكي تضعه النساء في أصابعهن وحول عنقهن وفي مهوى القرط ويقدمه لهن الرجال كهدية ثمينة في الخطوبة والزواج..

لقد غيرت معاني خطاب "إلياس العماري" في الفقرة المعنية، نظرة المجتمع لكل شاب متفوق علميا أو مهنيا ومتخلق، يتمنى كل أب وأم أن يكون فارس أحلام بنتهما.. فطوبى لنا بسياسيين يطلقون الكلام على عواهنه ولا يقدرون وقعه على شرائح حساسة من المجتمع، تتطلب النصح والإرشاد والتوجيه الصحيح والتحفيز على إعادة الاعتبار للقيم النبيلة والأخلاق العالية.

شباب المغرب يلزمهم التوجيه الصحيح عوض "نظارات التفركيس"  و"سروال الدجين" .. آسي العماري !!!