الجمعة 22 نوفمبر 2024
ملفات الوطن الآن

مولاي احمد العراقي: «ها العار نكتفيو بالزبل اللي عندنا، عاد نشوفو زبل البراني»!!

مولاي احمد العراقي: «ها العار نكتفيو بالزبل اللي عندنا، عاد نشوفو زبل البراني»!!

الحديث مع الدكتور مولاي احمد العراقي، عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، حول موضوع البيئة والاستراتيجية العامة للحفاظ عليها، ليس من قبيل الترف الفكري، بل هي جلسة علمية مع خبير في الميدان، اشتغل عن قرب في قطاع تدبير النفايات الطبية، وهو الذي كان أحد الأطر الطبية بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، واشتغل وزيرا مكلفا بالبيئة في حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، وبالتالي فالرجل يتحدث انطلاقا من تجربة عملية، خصوصا وأنه كان مكلفا بصفته الوزارية في حكومة التناوب بالإشراف على النسخة السابعة من المؤتمر العالمي للتغيرات المناخية في مراكش سنة 2001

 

- هناك نقاش عمومي اليوم حول إشكالية النفايات بالمغرب على ضوء قيام حكومة بنكيران باستيراد أطنان منها من إيطاليا، وحرقها في مصانع المغرب، كيف تتبعتها علما أنك كنت مسؤولا عن هذا القطاع في حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي؟
* إشكالية النفايات في المغرب لها خصوصيات وطنية، لكنها تبقى جزءا من إشكالية كونية، حيث أن العالم المعاصر، لا من حيث الإنتاج ولا الاستهلاك هناك تنوع للمقذوفات وتكاثرها بشكل كبير جدا، بحكم ارتفاع نسبة الاستهلاك سواء المنزلي أو النشاط الصناعي بما فيها النفايات الخطيرة، ولحد الآن هذه الإشكالية مطروحة من زاوية فشل المسؤولين في تدبيرها وطنيا ودوليا، حيث لا يوجد حل مرض من شأنه المحافظة على صحة المواطنين وجودة التربة والهواء والمياه والبحار. والأكيد أن المؤشرات المتوفرة لحد الساعة تدل على تدهور بيئي بفعل تزايد الضغط المطرد على الموارد الطبيعية وعلى المصادر الحيوية، بحار، أنهار، سهول، وجبال، وخاصة بفعل تأثير تلك المقذوفات ومنها الخطيرة النووية أو الجرثومية على الطبيعة والصحة العمومية. وبالتالي فمعالجة النفايات تختلف باختلاف المجالات. بالدول المتقدمة هناك احتياطات وتدابير سابقة تتخذ لحماية نسبية للبيئة الطبيعية والاجتماعية، وبالمجتمعات الضعيفة منها المغرب، مع الأسف لا يمكن أن نتحدث عن تعامل جدي مع هذه الاشكالية، ونتوفر على أكثر من 300 مطرحا للأزبال بصفة عشوائية وغير مراقبة. وبالتالي فالتآثيرات تكون سلبية مباشرة على الإنسان والطبيعة ويؤدي المغرب ثمنها غاليا من حيث الكلفة الصحية والتدهور البيئي.

 

- تقصد أن المغرب مازال يتلمس الطريق لتدبير ناجع لهذه النفايات؟
* المغرب يدبر شأن النفايات حسب القدرات الخاصة، والمفروض ألا تكون التدابير لاحقة بل سابقة لحماية البيئة، من حيث مراقبة تصنيع المواد الأولية وتركيبها بما يراعي النظم البيئية، حتى لا نواجه مشكلا عند انتهاء صلاحيتها أو عند التخلص منها، وأيضا عند نقل المواد الاستهلاكية، وكذا استغلالها والتخلص منها، وجمع النفايات وإعادة تدويرها، هذه كلها محطات مترابطة، من التصنيع إلى التخلص. وبالتالي لايمكن القول إن المغرب يطبق منظورا معقلنا في تدبير النفايات، كانت هناك محاولات مشجعة خلال حكومة التناوب خلال نهاية التسعينات، من أجل عقلنة تدبير النفايات، لكن لحد الآن هناك مصالح مالية داخلية وخارجية تضع يدها على النفايات، وكأننا في سوق به مصالح متعددة مما يؤثر سلبا على عقلنة تدبير هذا القطاع. من ثم فالمغرب يوجد في موقع بلد يحاول تبني مجتمع الاستهلاك بكل قيمه، وفي نفس الوقت هناك عجز ملحوظ في عدم القدرة على تدبير مخلفات هذا المجتمع الاستهلاكي..

 

- ما رأيك في النقاش الدائر حول حرق النفايات الإيطالية بالمغرب؟
* التخلص من النفايات المستوردة حرقا ليس وليد اليوم بل سبق أن طرح في حكومة التناوب منتصف التسعينات، وأكدنا حينها أن حرقها له تأثيرات سلبية مباشرة على صحة الإنسان من خلال تسرب الغازات السامة في الهواء وانتشار غبار خفيف في التربة، مما تتضرر معه الزراعة، كما تبين حينها أن عملية الحرق لها كلفة باهظة من حيث الثمن، إلى جانب التأثيرات الصحية والبيئية. وبالتالي على مستوى السلطة العمومية كان الرد واضحا من قبل حكومة عبد الرحمان اليوسفي هو التخلي عن هذا الاختيار، وعدم استيراد أي نفايات من الخارج، «ها العار نكتفيو بالزبل اللي عندنا، عاد نشوفو زبل البراني»، إلا أنه للأسف قامت شركات متعددة الجنسيات ولوبيات اقتصادية محلية بتجميل عملية حرق النفايات المستوردة، وتقديم مزاعم كونها ذات فوائد اقتصادية مفتقرة لأي سند علمي، وهو ما يروج له اليوم كون هذه النفايات تستعمل حطبا في أفرنة شركات الإسمنت. طبعا هناك ما يسمى «بيوغاز» يستخرج من هذه النفايات خلال عملية الحرق، لكن مقارنته مع الأضرار البيئية والطبيعية تجعل من المنطق عدم اللجوء لهذه الطريقة في عمليات التخلص من النفايات.. وبالتالي مهما كانت الادعاءات العلمية، لاينبغي للقوة العمومية اللجوء لهذا الحل..

 

- إذاً ما هو البديل في نظرك عن عمليات الحرق؟ مع العلم بأن الوزيرة المكلفة بتدبير هذا القطاع تؤكد أن هناك نصا تشريعيا منظما لعملية الحرق، وأن هناك دولا اسكندنافية من قبيل السويد والنرويج تلجأ لهذه الطريقة؟
* البديل هو سن سياسة بيئية مضبوطة تراعي هذه النهاية للنفايات من الإنتاج إلى التركيب إلى الاستعمال إلى التخلص منها، مع الأخذ بعين الاعتبار سقف التصفية الهوائية الذي لا ينبغي تجاوزه.. في ما يخص النص القانوني ودول متقدمة تستورد النفايات وتحرقها في مصانع خاصة، هناك خلط للأوراق وتدليس للرأي العام، أولا بالنسبة للسويد أو النرويج أو غيرها التي تستورد النفايات، فهي بلدان لها بيئة مناخية خاصة، وهناك مصالح بين هذه الدول المصدرة والمستوردة، ولو كان في هذه النفايات الإيطالية منافع بيئية لاحتفظت بها إيطاليا واستعملتها داخل نطاق حدودها، فكيف يمكن تصديق النوايا الحسنة للإيطاليين بتصدير نفاياتهم مقابل أموال طائلة؟ اسمح لي نحن لسنا سذجا لهذه الدرجة..

 

- يلاحظ أن هناك تكسيرا للحدود والسيادة الوطنية، وأصبحنا أمام أزبال عابرة للقارات أو أزبال متعددة الجنسيات، ألهذه الدرجة أصبحت النفايات مطروحة على الأجندة الدولية تتداخل فيها المصالح الاقتصادية والمافيات؟
* لا يمكن نكران ذلك، والمغرب كما قلت لك بداية، لم ينجح بعد في جمع النفايات المنزلية، فكيف يتأتى لنا استيراد النفايات الأوربية، هذه المرة إيطالية، وغدا الله أعلم بمصدرها، لنأخذ مثالا على الأضرار البيئة محليا في الدار البيضاء، باعتبارها العاصمة الاقتصادية، ف 38 في المائة من الأمراض التنفسية للأطفال مصدرها التلوث البيئي للهواء، وبالتالي فالإشكال البيئي ليس استخراج الطاقة الحرارية من النفايات المستوردة، المشكل هو كيفية حماية البيئة الطبيعية والاجتماعية، لهذا وضعنا في حكومة التناوب مخططا استراتيجيا للتعاطي مع إشكالية النفايات من خلال مشروع مجتمعي جديد، يستحيل معه الاستمرار بهذا الشكل في أنماط الإنتاج والاستهلاك ومهما كانت الأرباح المادية، فهي لا تساوي شيء أمام الأضرار البيئية المترصدة بنا، لكن للأسف لم يتم استكمال هذه الاستراتيجية لنقف اليوم على تطور خطير للانهيار البيئي وهو استيراد النفايات من الخارج، بل و«تخراج العينين» في الدفاع عنها..
على مستوى محيط المغرب، هناك أخطار تتهددنا باعتبارنا بلدا متوسطيا، ففي هذا البحر الأبيض المتوسط، والذي لا بتعدى 0.3 في المائة من المساحة المائية في العالم، يتم رمي قرابة 35 في المائة من مقذوفات البواخر مختلفة المصادر والمواد، وهناك دراسات مستقبلية تؤكد على أن البحر الابيض المتوسط سائر لأن يتحول مثل البحر الميت، هذا على مستوى الشمال، أما الجنوب فالأخبار تتحدث عن استقبال الأراضي الموريتانية لأطنان النفايات النووية الإسرائيلية، وليست هناك تحقيقات فيما يتم دفنه سرا في أراضينا، وهكذا تحولت بلدان الجنوب لمزبلة بلدان الشمال بتواطؤ من قبل بعض المسؤولين المحليين، وهناك شبهة لدخول مافيوزيين على خط النفايات، ومهما يكن فإن الطبيعة ليس لها ولاء إلا للقوانين البيئية، وهو ما تنذر بها من خلال هذه الإعصارات الجوية والكوارث البحرية، وكأنها تعاقبنا على سلوكاتنا، فمهما كانت المصالح الظرفية الفئوية باسم المشروعية الدولية، فإن الطبيعة لها قوانينها، تسلطها علينا نتيجة ارتكاب أخطاء قاتلة من قبيل صفقة استيراد النفايات مثلا، والتي ستكون لها انعكاسات بيئية وصحية، لن تجدي فيها الأموال الطائلة، فالطبيعة لا ترحم، ولو كانت الدول الغنية تحمي نفسها بأموالها لاستطاعت إلى ذلك سبيلا، ولكنها تقف اليوم عاجزة عن ذلك وتغري بلدان الجنوب باستقبال أزبالها.


- طرحت إشكالية النفايات الإيطالية عشية احتضان المغرب للنسخة 22 من المؤتمر العالمي للتغير المناخي، ودخول قانون «زيرو ميكا» لحيز التنفيذ، هل الأمر مصادفة أم شيء آخر؟ مع العلم بأنك كنت مكلفا في حكومة التناوب مشرفا على النسخة السابعة من هذا المؤتمر
* من خلال استيراد المغرب للنفايات الإيطالية وخوض حملة «زيرو ميكا»، يحاول المغرب إغواء النظام العالمي القائم، وفق ما يعتبره استراتيجية الحفاظ على البيئة، وهي منه بريئة، مع العلم بأن النظام العالمي لا يعرف إلا مصالحه، وإلا أين هي صداقات المغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الذي تدفع الأمين العام الأممي لتقسيم المغرب؟ كل هذه «النوايا الحسنة» يسير فيها المغرب في الطريق الخطأ ولو أنه على المدى القريب سيحصل على بعض الفتات في شكل إطراء. وخلال 15 عام الماضية لم يسلم هذا المؤتمر من تحكم بعض اللوبيات الاقتصادية في تكريس وضع دول الجنوب كمزبلة لدول الشمال، في الوقت الذي تضاعف نسبة الاحتباس الحراري.. وإشكالية محاربة الأكياس البلاستيكية تتطلب تدرجا في محاربتها، ومراعاة مصالح فئات اجتماعية تدبر قوتها اليومي من هذه الصناعة والتجارة.. إن المغرب بسياسة الإغواء البيئي. يتجاهل المصالح الاقتصادية والبيئية الحقيقية للبلاد، ومع ذلك فبمناسبة انعقاد كوب 22، ستمنح له فرصة من أجل تجسيد ما عرف بالبديل الحضاري، وهو مؤهل وقادر على ذلك، وسيربح من حيث الإشعاع وحماية بيئته الطبيعية والاجتماعية، وعمليا يمكنه أن يقود ورش إحداث مرصد جهو إفريقي للبيئة قادر على إمداد افريقيا والدول العربية على الأقل بالمعلومات الموضوعية والصحيحة حول الإشكاليات البيئية وحلها في الوقت المناسب..

 

الحيطي: "أنا اللي كتقولو كنسمم المغاربة ماعرفتوش باللي أنا الأولى اللي كتطلع تشم الزبل"


ردت حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة (الصورة)، على من يتهمها بتسميم المغاربة قائلة: «أنا أيضا مغربية، وكيف لي أن أسمم أبناء بلدي؟ بل الأكثر أنا من طلبت بإجراء خبرة حتى يتم التأكد بأنني أعمل لصالح المغرب والمغاربة». وأضافت من خلال ندوة صحفية عقدتها يوم الإثنين 11 يوليوز 2016  بالرباط «أنا اللي كتقولو كنسمم المغاربة ماعرفتوش باللي أنا الأولى اللي كتطلع تشم الزبل والسموم المخلط فيها الأدوية ونفايات المصانع الخطيرة».
واستطردت حكيمة الحيطي «هناك من عاتبني لعدم ارتدائي ملابس خاصة واقعية، فكان جوابي هو: وهاداك خويا اللي خدام فالزبل أش غادي يقول علية ملي نجيه لابسة الكاسكيك والصباعيات والماسك وليبوط».
أما في جوابها حول إمكانية استقالتها نتيجة هذه الضجة المثارة، حسمت الوزيرة الحيطي في أمر ابتعاد هذا القرار عن تخميناتها مبررة «واش اللي كيخدم لبلاد كيستقل؟ واش اللي بغا يرد المغرب بحال أوريا كيستقل، واش اللي كيجيب المساطر كيستقل؟ واش اللي كيحمي صحة المواطن كيستقل.. أنا ماغاديييش نستقل».